قطع النظام الحاكم في مصر شوطاً جديداً في مسيرة التنكيل بجماعة "الإخوان المسلمين" بصفة خاصة، والمعارضة بصفة عامة، بإصدار محكمة جنايات القاهرة برئاسة القاضي حسن فريد، واحدة من أضخم الأحكام الجنائية في تاريخ مصر، وأكبر حكم إدانة في أحداث ما بعد انقلاب يوليو/تموز 2013، بإدانة 734 شخصاً وفرض عقوبات تراوحت بين السجن المشدد 5 سنوات والإعدام بحق 75 منهم، لاشتراكهم جميعاً في اعتصام رابعة العدوية الذي تم فضه بالقوة في 14 أغسطس/آب 2013 وشهد سقوط مئات الضحايا من المواطنين العزل، من دون مساءلة شخص واحد ينتمي للجيش أو الشرطة. الأمر الذي دانته منظمة العفو الدولية أمس، معتبرة في بيان أن أحكام الإعدام الجماعية مخزية، داعيةً إلى إعادة محاكمتهم أمام هيئة قضائية محايدة، تضمن حق المتهمين بمحاكمة عادلة. وأكدت مديرة حملات منظمة العفو الدولية في شمال أفريقيا، نجية بونعيم، في بيان أمس السبت، أنه "لا يجب أن يكون الحكم بالإعدام خياراً تحت أي ظروف". كما اعتبرت أن عدم مساءلة أي عنصر في الشرطة عن مقتل المتظاهرين في رابعة والنهضة يمثل تعبيراً عن كيف تسخر هذه المحاكمة من العدالة.
وتضمّن الحكم العديد من المفارقات، أبرزها الحكم بإعدام 75 شخصاً، من بينهم قيادات سياسية لم تتورط في أي أحداث عنف، كعصام العريان وعبدالرحمن البر ومحمد البلتاجي، والحكم بالسجن المؤبد على 47 شخصاً لمجرد اشتراكهم في أحداث الاعتصام السلمي وبتهمة "انتمائهم وقيادتهم لجماعة الإخوان المسلمين"، والحكم بالسجن المشدد 15 عاماً على 374 شخصاً سيقضون في السجن أكثر من 9 سنوات أخرى، والحكم بالسجن المشدد 10 سنوات على متهم واحد هو أسامة مرسي، نجل الرئيس المعزول محمد مرسي، على الرغم من تشابه مركزه القانوني مع جميع المتهمين فقط بالانتماء لجماعة "الإخوان"، والسجن 10 سنوات لـ22 متهماً من الأطفال دون 18 عاماً.
أما المفارقة الأبرز، فهي فرض حكم بالسجن 5 سنوات على باقي المتهمين (215 شخصاً أبرزهم المصور الصحافي محمود أبو زيد، المعروف بشوكان) الذين لم تدنهم المحكمة إلا بالانتماء لجماعة "الإخوان" والمشاركة في الاعتصام، على الرغم من أن العقوبة المتوقعة لهم وفقاً لقرار الإحالة الصادر من النيابة العامة كانت السجن 3 سنوات فقط. وجاء الحكم بالسجن 5 سنوات حتى لا يستفيد أي متهم من الحكم بفترة أقل من التي قضاها فعلياً داخل السجن منذ أغسطس/آب 2013 وحتى الآن، لأن صدور حكم بالسجن لفترة أقل من التي قضاها محبوساً احتياطياً أمر يمكّنه من مقاضاة الدولة والحصول على تعويضات مالية بسبب فترات الاعتقال الإضافية، الأمر الذي يشي بالطابع السياسي لهذه المحاكمة والقصد الواضح من الحكم للتنكيل بالمتهمين، وعدم استفادتهم من أي ثغرة قانونية.
ولم يكتف القاضي حسن فريد، المعروف بكثافة أحكامه في إدانة معارضي نظام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بما سبق من عقوبات، بل أمر بفرض عدد آخر من العقوبات التي ستصاحب المتهمين في حياتهم المستقبلية حتى بعد خروجهم من السجن، وفي مقدمتهم المحكومين بالسجن 5 سنوات كشوكان، الذين سيخرجون عاجلاً خلال أيام، إذ سيجد كل منهم في انتظاره حكماً بالمراقبة الشرطية لمدة 5 سنوات. ويعني هذا الحكم تسليم المحكوم عليه نفسه لقسم الشرطة الذي يقيم في دائرته يومياً صباحاً ومساءً للتوقيع على كشف يفيد ببقائه في منطقة معيشته وعدم هروبه وحسن سيره وسلوكه، بالإضافة إلى منعه من السفر.
كما قضت المحكمة بمنع جميع المتهمين من التصرف في أموالهم، مما يعني التحفّظ عليها لمصلحة الدولة، فضلاً عن أخذ ما تقدّره الدولة منها على سبيل التعويض عن "الأضرار التي تسبّبوا فيها خلال الاعتصام"، إلى جانب عزل الموظفين الحكوميين منهم من الوظيفة العامة وبالتالي حرمانهم من المعاش والمزايا الوظيفية الأخرى.
وعلى الرغم من أنه كان من المعتاد في القضاء المصري إلغاء مثل هذه الأحكام القاسية في درجة النقض، إلا أن التعديلات التشريعية التي أدخلها السيسي في إبريل/نيسان 2017 على نظام العمل بمحكمة النقض وإجراءات الطعن، ستصعّب حصول المتهمين على أحكام مُرضية لدفاعهم، فمحكمة النقض أصبحت ملزمة بالفصل موضوعياً في الطعون عندما تصل إليها، مما يعني عدم إعادتها القضية للنظر مرة أخرى أمام دائرة أخرى بمحكمة جنايات القاهرة كما كان معتاداً في السنوات السابقة.
اقــرأ أيضاً
وسيؤدي هذا النظام الإجرائي الجديد إلى تعقيد إجراءات نظر محكمة النقض في الطعون التي من المتوقع أن تصل إلى 315، الرقم الذي يمثّل المتهمين الحاضرين والمدانين جميعاً، لأن المتهمين الذين حصلوا على أحكام بالسجن 5 سنوات سوف تكون لهم مصلحة أكيدة في الطعن أيضاً على الحكم حتى بعد خروجهم من السجن، لارتباط إدانتهم بأحكام المراقبة الشرطية ومنعهم من التصرف في أموالهم، مما سيستغرق ربما سنوات للنظر في الطعون وفق إجراءات بطيئة وبيروقراطية.
وتحوّلت القضية بذلك إلى حكم نهائي بالإعدام المدني لأكثر من 700 شخص، ما بين استمرار في السجون لأجل غير مسمى، أو الإعدام شنقاً إذا أيدت محكمة النقض هذا الاتجاه، فضلاً عن حرمان باقي المتهمين الذين سيخرجون عاجلاً من فرصة التمتع بحريتهم خارج أسوار السجن، مما يعكس سياسة عليا تستهدف إيصال 4 رسائل أساسية.
أولى هذه الرسائل، التنكيل المتعمد والإضرار بجميع الأشخاص الذين اشتركوا في الاعتصام، وثانيها توجيه رسالة شديدة اللهجة للمعارضين من كل التيارات السياسية، وخصوصاً شباب الإسلاميين والمجموعات اليسارية، بأن النظام لن يتهاون مستقبلاً مع أي اعتصام أو تظاهر يخرق القواعد التي يضعها أو يشكل خطراً عليه أو يجاهر بمعارضة سياساته.
أما الرسالة الثالثة فهي سياسية شديدة اللهجة من النظام الحاكم في مصر للدوائر التي تروّج للمصالحة والتقارب بين جماعة "الإخوان" أو تيارات منها، مع نظام عبدالفتاح السيسي وطي صفحة الماضي، وكذلك لبعض قيادات الجماعة الذين يروّجون لصور متخيلة تستقي تفاؤلها من إقدام النظام على ممارسة ضغوط على أفراد الجماعة المحبوسين للتوقيع على وثائق تعترف بشرعية السيسي مقابل التخلي عن النشاط السياسي.
والرسالة الرابعة موجّهة للخارج، ومفادها أن النظام ماضٍ في سياسته للتضييق على المجال العام وتصفية حساباته مع التيارات المعارضة، خصوصاً إذا تم وضع الحكم في سياقه السياسي بعد أسابيع قليلة من اعتقال عدد من المعارضين الناصريين، والذين من بينهم من كان يؤيد فض اعتصامي رابعة والنهضة بالقوة. ويستفيد النظام باضطراد من الأوضاع الدولية والإقليمية وانشغال العواصم الكبرى بتنامي أخطار الإرهاب والتعامل مع فلول التنظيمات التكفيرية في العراق وسورية، فضلاً عن مشاكل الهجرة غير الشرعية والصراع بين روسيا والغرب في سورية، والخلافات الأوروبية حول مستقبل ليبيا، والأزمة الخليجية.
ويبدو أن نظام السيسي يصر على الهروب من تبعات عقدة الدماء الجاثمة على صدر مصر منذ فض اعتصام رابعة، إلى المزيد من التنكيل بشهود الدماء الذين لجأوا إلى "الممرات الآمنة" ليجدوا في انتظارهم قضية وتحقيقات وإدانة وعقوبة بدلاً من الحرية التي وُعدوا بها إبان إخلائهم من الميدان أثناء الفض. ووفقاً لروايات شهود عيان لـ"العربي الجديد"، فإن ممرات "الخروج الآمن" كانت مجرد "أكذوبة"، تضمن تشكيل سلسلة بشرية من المعتصمين، لتنتهي داخل عربات الشرطة والأمن المركزي، ويحاكم المئات من المعتصمين لاحقاً في قضية "فض رابعة"، والتي ضمت رجال دين، وأساتذة جامعات، وأئمة مساجد، وأطباء، ومهندسين، ومحامين، وصيادلة، وطلاب، وعدداً من المسؤولين إبان حكم مرسي.
والواقع أن الرسائل التي يريد السيسي توجيهها للأطراف المختلفة من الحكم، لا تنفي الخوف الدفين من أي محاسبة مستقبلية أو إجراءات قضائية دولية من شأنها تعريض شخصيات نافذة للخطر، كالسيسي نفسه أو وزير الداخلية آنذاك محمد إبراهيم أو رئيس الوزراء آنذاك حازم الببلاوي أو رئيس الجمهورية المؤقت السابق عدلي منصور أو رئيس الأركان آنذاك ووزير الدفاع السابق صدقي صبحي، وكذلك رؤساء وقادة الفرق الشرطية والعسكرية التي شاركت في عملية الفض.
فبعد الفض بأشهر معدودة، اختفى وزير الداخلية الأسبق بعد خروجه من التشكيل الحكومي، فسافر فترة طويلة إلى دولة الإمارات، في خطوة فسرها المراقبون بأنها إمعان في حمايته. وبعد عودته ابتعد تماماً عن المشهد السياسي، كما فعل الببلاوي الذي ترك عمله في مصر وأصبح يقضي فترات طويلة في الولايات المتحدة.
ومنذ أسابيع، أصدر السيسي قانون معاملة بعض كبار قادة القوات المسلحة، الذي يجيز له إصدار قرار بتحديد بعض الشخصيات العسكرية ممن تولوا مناصب قيادية في فترة تعطيل الدستور التي وقعت خلالها أحداث رابعة والنهضة، ومنحهم حصانة نهائية من أي إجراءات قضائية بشأن أي جرائم وقعت منهم أو بمناسبة توليهم مناصبهم، وكذلك منحهم حصانة دبلوماسية تقيهم الملاحقة القانونية خارج مصر، ومنهم السيسي نفسه.
وحاول عدد من النشطاء القانونيين من "الإخوان" والحقوقيين على حد سواء، على مدار الأعوام الخمسة الماضية، تحريك دعاوى أمام الجهات القضائية الدولية والمحلية في دول أجنبية لتوقيف السيسي وقيادات أخرى، باعتبارهم مسؤولين عن مذبحة تصنف كجريمة ضد الإنسانية، لكن الإجراءات لم تفلح حتى الآن.
أما المفارقة الأبرز، فهي فرض حكم بالسجن 5 سنوات على باقي المتهمين (215 شخصاً أبرزهم المصور الصحافي محمود أبو زيد، المعروف بشوكان) الذين لم تدنهم المحكمة إلا بالانتماء لجماعة "الإخوان" والمشاركة في الاعتصام، على الرغم من أن العقوبة المتوقعة لهم وفقاً لقرار الإحالة الصادر من النيابة العامة كانت السجن 3 سنوات فقط. وجاء الحكم بالسجن 5 سنوات حتى لا يستفيد أي متهم من الحكم بفترة أقل من التي قضاها فعلياً داخل السجن منذ أغسطس/آب 2013 وحتى الآن، لأن صدور حكم بالسجن لفترة أقل من التي قضاها محبوساً احتياطياً أمر يمكّنه من مقاضاة الدولة والحصول على تعويضات مالية بسبب فترات الاعتقال الإضافية، الأمر الذي يشي بالطابع السياسي لهذه المحاكمة والقصد الواضح من الحكم للتنكيل بالمتهمين، وعدم استفادتهم من أي ثغرة قانونية.
ولم يكتف القاضي حسن فريد، المعروف بكثافة أحكامه في إدانة معارضي نظام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بما سبق من عقوبات، بل أمر بفرض عدد آخر من العقوبات التي ستصاحب المتهمين في حياتهم المستقبلية حتى بعد خروجهم من السجن، وفي مقدمتهم المحكومين بالسجن 5 سنوات كشوكان، الذين سيخرجون عاجلاً خلال أيام، إذ سيجد كل منهم في انتظاره حكماً بالمراقبة الشرطية لمدة 5 سنوات. ويعني هذا الحكم تسليم المحكوم عليه نفسه لقسم الشرطة الذي يقيم في دائرته يومياً صباحاً ومساءً للتوقيع على كشف يفيد ببقائه في منطقة معيشته وعدم هروبه وحسن سيره وسلوكه، بالإضافة إلى منعه من السفر.
كما قضت المحكمة بمنع جميع المتهمين من التصرف في أموالهم، مما يعني التحفّظ عليها لمصلحة الدولة، فضلاً عن أخذ ما تقدّره الدولة منها على سبيل التعويض عن "الأضرار التي تسبّبوا فيها خلال الاعتصام"، إلى جانب عزل الموظفين الحكوميين منهم من الوظيفة العامة وبالتالي حرمانهم من المعاش والمزايا الوظيفية الأخرى.
وعلى الرغم من أنه كان من المعتاد في القضاء المصري إلغاء مثل هذه الأحكام القاسية في درجة النقض، إلا أن التعديلات التشريعية التي أدخلها السيسي في إبريل/نيسان 2017 على نظام العمل بمحكمة النقض وإجراءات الطعن، ستصعّب حصول المتهمين على أحكام مُرضية لدفاعهم، فمحكمة النقض أصبحت ملزمة بالفصل موضوعياً في الطعون عندما تصل إليها، مما يعني عدم إعادتها القضية للنظر مرة أخرى أمام دائرة أخرى بمحكمة جنايات القاهرة كما كان معتاداً في السنوات السابقة.
وسيؤدي هذا النظام الإجرائي الجديد إلى تعقيد إجراءات نظر محكمة النقض في الطعون التي من المتوقع أن تصل إلى 315، الرقم الذي يمثّل المتهمين الحاضرين والمدانين جميعاً، لأن المتهمين الذين حصلوا على أحكام بالسجن 5 سنوات سوف تكون لهم مصلحة أكيدة في الطعن أيضاً على الحكم حتى بعد خروجهم من السجن، لارتباط إدانتهم بأحكام المراقبة الشرطية ومنعهم من التصرف في أموالهم، مما سيستغرق ربما سنوات للنظر في الطعون وفق إجراءات بطيئة وبيروقراطية.
وتحوّلت القضية بذلك إلى حكم نهائي بالإعدام المدني لأكثر من 700 شخص، ما بين استمرار في السجون لأجل غير مسمى، أو الإعدام شنقاً إذا أيدت محكمة النقض هذا الاتجاه، فضلاً عن حرمان باقي المتهمين الذين سيخرجون عاجلاً من فرصة التمتع بحريتهم خارج أسوار السجن، مما يعكس سياسة عليا تستهدف إيصال 4 رسائل أساسية.
أما الرسالة الثالثة فهي سياسية شديدة اللهجة من النظام الحاكم في مصر للدوائر التي تروّج للمصالحة والتقارب بين جماعة "الإخوان" أو تيارات منها، مع نظام عبدالفتاح السيسي وطي صفحة الماضي، وكذلك لبعض قيادات الجماعة الذين يروّجون لصور متخيلة تستقي تفاؤلها من إقدام النظام على ممارسة ضغوط على أفراد الجماعة المحبوسين للتوقيع على وثائق تعترف بشرعية السيسي مقابل التخلي عن النشاط السياسي.
والرسالة الرابعة موجّهة للخارج، ومفادها أن النظام ماضٍ في سياسته للتضييق على المجال العام وتصفية حساباته مع التيارات المعارضة، خصوصاً إذا تم وضع الحكم في سياقه السياسي بعد أسابيع قليلة من اعتقال عدد من المعارضين الناصريين، والذين من بينهم من كان يؤيد فض اعتصامي رابعة والنهضة بالقوة. ويستفيد النظام باضطراد من الأوضاع الدولية والإقليمية وانشغال العواصم الكبرى بتنامي أخطار الإرهاب والتعامل مع فلول التنظيمات التكفيرية في العراق وسورية، فضلاً عن مشاكل الهجرة غير الشرعية والصراع بين روسيا والغرب في سورية، والخلافات الأوروبية حول مستقبل ليبيا، والأزمة الخليجية.
ويبدو أن نظام السيسي يصر على الهروب من تبعات عقدة الدماء الجاثمة على صدر مصر منذ فض اعتصام رابعة، إلى المزيد من التنكيل بشهود الدماء الذين لجأوا إلى "الممرات الآمنة" ليجدوا في انتظارهم قضية وتحقيقات وإدانة وعقوبة بدلاً من الحرية التي وُعدوا بها إبان إخلائهم من الميدان أثناء الفض. ووفقاً لروايات شهود عيان لـ"العربي الجديد"، فإن ممرات "الخروج الآمن" كانت مجرد "أكذوبة"، تضمن تشكيل سلسلة بشرية من المعتصمين، لتنتهي داخل عربات الشرطة والأمن المركزي، ويحاكم المئات من المعتصمين لاحقاً في قضية "فض رابعة"، والتي ضمت رجال دين، وأساتذة جامعات، وأئمة مساجد، وأطباء، ومهندسين، ومحامين، وصيادلة، وطلاب، وعدداً من المسؤولين إبان حكم مرسي.
والواقع أن الرسائل التي يريد السيسي توجيهها للأطراف المختلفة من الحكم، لا تنفي الخوف الدفين من أي محاسبة مستقبلية أو إجراءات قضائية دولية من شأنها تعريض شخصيات نافذة للخطر، كالسيسي نفسه أو وزير الداخلية آنذاك محمد إبراهيم أو رئيس الوزراء آنذاك حازم الببلاوي أو رئيس الجمهورية المؤقت السابق عدلي منصور أو رئيس الأركان آنذاك ووزير الدفاع السابق صدقي صبحي، وكذلك رؤساء وقادة الفرق الشرطية والعسكرية التي شاركت في عملية الفض.
فبعد الفض بأشهر معدودة، اختفى وزير الداخلية الأسبق بعد خروجه من التشكيل الحكومي، فسافر فترة طويلة إلى دولة الإمارات، في خطوة فسرها المراقبون بأنها إمعان في حمايته. وبعد عودته ابتعد تماماً عن المشهد السياسي، كما فعل الببلاوي الذي ترك عمله في مصر وأصبح يقضي فترات طويلة في الولايات المتحدة.
وحاول عدد من النشطاء القانونيين من "الإخوان" والحقوقيين على حد سواء، على مدار الأعوام الخمسة الماضية، تحريك دعاوى أمام الجهات القضائية الدولية والمحلية في دول أجنبية لتوقيف السيسي وقيادات أخرى، باعتبارهم مسؤولين عن مذبحة تصنف كجريمة ضد الإنسانية، لكن الإجراءات لم تفلح حتى الآن.