مدينة الناصرية جنوبي العراق: أسبوع ثان بلا مقار أحزاب ومكاتب مليشيات

29 اغسطس 2020
الناصرية "باتت المدينة الوحيدة التي تجمد فيها كل أنشطة الأحزاب والقوى السياسية"(فرانس برس)
+ الخط -

تدخل مدينة الناصرية عاصمة محافظة ذي قار جنوبي العراق الأسبوع الثاني، بلا أي نشاط حزبي للقوى والأحزاب السياسية وأجنحة المليشيات المسلحة التي تم تدمير مقارها على يد متظاهرين السبت الماضي وسط المدينة، ردا على تفجير عبوة ناسفة داخل ساحة اعتصام المتظاهرين، والتي أسفرت عن جرح 11 متظاهرا.

وباءت محاولات عدة أحزاب معاودة نشاطها خلال الأيام الماضية في مقار بديلة بالفشل، وفقا لمسؤول محلي بارز في ديوان محافظة ذي قار، والذي أكد أن وضع الشارع "محتقن للغاية وهناك احتمالية مهاجمة أي مقر جديد لأي حزب في المدينة يعاود نشاطه".

وبيّن المسؤول أن الناصرية "باتت المدينة الوحيدة في العراق التي تجمد فيها كل أنشطة الأحزاب والقوى السياسية الفاعلة بالبلاد"، مضيفا إن "إدارة المحافظة، رفضت تحمل مسؤولية عودة تلك الأحزاب لأنشطتها وحملتهم مسؤولية ذلك، كون عودتها ستتسبب باستفزاز جديد للمتظاهرين، خاصة أنه لم يتم الإعلان حتى الآن عن المتورطين بقتل المتظاهرين أو تحقيق تقدم بملف استدعاء الضابط جميل الشمري المتورط الأول بعملية قمع متظاهري الناصرية".

وأشار إلى أن القوى السياسية قد تتخذ من تعذر فتح مقارها ذريعة أخرى للدعوة إلى تغيير موعد الانتخابات.

وكان متظاهرون غاضبون قد أقدموا على هدم وتجريف عدد من مقار الأحزاب في الناصرية، أبرزها مقار كتل وأحزاب "الدعوة" و"تيار الحكمة" و"الفضيلة" و"صادقون" و"النصر"، إضافة إلى مقار مليشيات "بدر" و"العصائب"، وذلك بعد نحو 10 أشهر من حرق وتحطيم مقار الأحزاب ذاتها على خلفية فتح قوة من الجيش الرصاص باتجاه المتظاهرين، والتي اسفرت عن مقتل وإصابة عدد كبير منهم وسط المدينة.

 وجدد ناشطون في ذي قار رفضهم، عودة الأحزاب والمليشيات إلى محافظتهم، كونها متهمة بقتل المتظاهرين.

جدد ناشطون في ذي قار رفضهم، عودة الأحزاب والمليشيات إلى محافظتهم

 

وقال الناشط فرحان علي، إن الهجوم على الأحزاب ومكاتبها كان ردة فعل من السكان وعفوية وغير مخطط لها، كون الانطباع العام في المدينة يذهب إلى تورطها في قتل المتظاهرين والتحريض عليهم عبر جيوش إلكترونية واتهامهم بأنهم موالون للغرب وتهم تافهة أخرى، وفقا لقوله.

وأضاف علي لـ"العربي الجديد"، أن المدينة حاليا "أفضل من دون هذه الأحزاب، على الأقل كسبنا شوارع غير مقطوعة وارتحنا من النفاق. لسنا ضد عمل الأحزاب والتظاهرات تسعى لإخراج قوى مدنية من رحمها تنافس هذه الأحزاب الجاثمة على صدورنا، لكن فعليا هذه الأحزاب شريكة في جريمة قمع التظاهرات وشريكة أيضا في الفساد، ولا نرغب بهم حاليا حتى يفصل القضاء بيننا".

 

مدينة سياسية بـ"الفطرة"

من جانبه، قال علي الناصري، عضو الحزب الشيوعي في مدينة الناصرية، الذي تعرض مقره هو الآخر لدمار واسع على يد المتظاهرين الغاضبين قال لـ"العربي الجديد"، إن رد فعل الجماهير في المدينة يؤشر على غضب كبير كان يبحث عن أي فرصة لترجمته تجاه القوى السياسية الفاعلة في العراق عموما، والناصرية خصوصا.

وبيّن الناصري أنه "من غير الصحيح الحديث عن مدينة بلا أحزاب أو عمل سياسي، فالناصرية مدينة سياسية بالفطرة وأنجبت خيرة مفكري العراق ومثقفيه، لكن أنا مع عدم استفزاز الناس خاصة ذوي الضحايا الذين سقطوا في التظاهرات، وعلى الحكومة المسؤولية الكاملة في أن تكشف هوية المتورطين بالقمع والقتل حتى تتوضح الصورة للناس".

وحمل عضو الحزب الشيوعي في الوقت نفسه أحزاباً وكتلاً وتيارات لم يسمها بأنها "شوهت وأساءت للعمل الحزبي في المدينة من خلال استعداء المتظاهرين والتحريض عليهم والطعن بسيرهم وتأييد مواجهتهم، فضلا عن كونهم باتوا من الطبقة الثرية في الناصرية بفعل الفساد التحاصصي بينهم". 

وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، عبّر ناشطون ومواطنون عن تأييدهم إخراج الأحزاب والمليشيات من المحافظات العراقية، معتبرين أن "وجود تلك الجهات يعني وجود الإرهاب".

وقال الناشط عبد الله خضير في تغريدته، "ذي قار المحافظة العراقية الأولى التي تهدم جميع مقار الأحزاب، وأصبحت رسميا المحافظة الوحيدة العراقية الخالية من الأحزاب". 

أما حسن هادي، فكتب في تغريدته، "ليس هنالك ما يدعو الى الدهشة والإستغراب، فالناصرية قررت أن تكون محمية خالية من الأحزاب".

فيما اعتبرت الناشطة، فاطمة الجنوب، بأن "المدن الخالية من الأحزاب خالية من الإرهاب".