مدفع رمضان في تعز اليمنية: ذاكرة بلد أطفأتها الحرب
هشام سرحان
ويحظى المدفع بمكانة كبيرة لدى الأهالي لاتصاله بطريقة إحيائهم الشهر الكريم على مدى بعيد، فضلاً عن كونه أبرز مظاهر الموروث الشعبي الرمضاني المترسخ في أذهانهم وتقاليدهم.
وبتوقف مدفع رمضان في عدد من المحافظات اليمنية، يغيب تقليد رمضاني مهم ومتوارث أحياه اليمنيون منذ أكثر من خمسة قرون.
ويبدو مدفع رمضان، وهو مدفع حربي يرجع إلى العهد العثماني، ساكناً في منطقة الكريفة بجبل صبر والموجود فيها منذ قرابة 37 عاماً، وهي مرتفع يعلو قلعة القاهرة التاريخية المطلة على المدينة.
ويقول عامل المدفع أحمد مرشد، لـ"العربي الجديد"، إنّ المدفع توقف عن العمل منذ 2014 بسبب الحرب ومشاكلها، موضحاً "نحن نمتنع عن الإطلاق توخياً للتعرض للقصف من قبل الحوثيين".
ويضيف "مدفع الإفطار عادة رمضانية أصيلة ومهمة بالنسبة للمجتمع أكثر من كونه وسيلة لتوحيد الأذان في مساجد المحافظة وإعلام الناس بموعدي الإفطار والإمساك".
ويفتقد الناس صوت المدفع، خصوصاً الأطفال الذين يرددون حتى اليوم أهزوجتهم الشهيرة "دفع دفع يا علي حمود"، على الرغم من أن مسؤول المدفع حمود قد توفي منذ 30 عاماً.
ويلتصق عامل المدفع الأسبق في تعز علي حمود بذاكرة اليمنيين وأهازيج الأطفال التي يرددونها قبيل موعد الإفطار كل يوم في تعز وغيرها من المدن، رغم مضي ثلاثة عقود على رحيله بحسب مهتمين بالموروث الشعبي أشاروا إلى أن المدفعي الأشهر في اليمن عمل مسؤولاً على مدفع رمضان لأكثر من ثلاثة عقود حتى وفاته.
وكانت أجواء الفرح والسعادة تعم أثناء سماعهم دويّ صوت المدفع معلناً عن موعد الإفطار في سنوات ما قبل الحرب، وفقاً لتصريحات مواطنين عبروا عن افتقادهم مدفع رمضان، معتبرين إياه تقليداً رمضانياً وموروثاً شعبياً وطقساً مألوفاً لديهم.
ويقول معاذ النامي "كان صوت مدفع رمضان مصدراً للفرحة وهو من أبرز معالم الموروث الشعبي القديم للمدينة والذي يميزها عن غيرها من المحافظات". ويضيف "المدفع بصمة اجتماعية تاريخية لتعز، خصوصاً في شهر رمضان، ونشتاق كثيراً لسماعه في ظل الحضور الكبير لأصوات البنادق داخل المدينة وخارجها".
وانعكس غياب المدفع سلباً على نفوس السكان ومشاعرهم وأجواء رمضان التي فقدت بغيابه، وهو ما يؤكده أبو زيد، مشيراً إلى أن "غياب مدفع رمضان في تعز خلال الأعوام الماضية ترك أثراً كبيراً في نفوس الناس، وأشار إلى الروحانية والمشاعر والأجواء الرمضانية الخاصة التي يخلقها المدفع وسلبها غيابه".
وأضاف "كان المدفع بمثابة صديق حميم للناس ومعه يشعرون بأنه مدفع للحب والسلام، وذلك خلافاً للمدافع الأخرى، والتي تقتل المدنيين وتدمر الأحياء".