في أكتوبر/تشرين الأول 2013، أطلق المواطن اليمني نزار السقاف (40 عاما)، مشروع المدرسة المتنقلة، بهدف تعليم أطفال الشوارع في العاصمة اليمنية صنعاء، حيث يتولى عدد من المتطوعين تعليم الصغار، الذين يمتهن معظمهم التسول، دروسا أولية في القراءة والكتابة.
ويؤكد السقاف، الذي يدير شركة خاصة للتسويق، أن التعليم مهم لتنمية البلاد في ظل الأزمات الحاصلة والنزاعات المسلحة، التي يرى أن أغلبها قائم بسبب الجهل.
ويقول لـ"العربي الجديد": جاءتني الفكرة خلال مروري في شوارع صنعاء مع صديق لي، عندما مد طفل يده لنا طالبا مساعدة، واعتذرنا له بأدب، لكنه شتمنا، وعندها فكرت في أن الوضع الذي يعيش فيه هؤلاء الأطفال سببه الجهل، وقررت إطلاق مشروع لتعليم أطفال الشوارع ومساعدتهم في المأوى والتغذية والملابس.
ويضيف: "اكتشفت أن المشروع مكلف، لذا بدأت بفكرة مدرسة متنقلة لتعليم الأطفال، وهي عبارة عن سيارة صغيرة نقوم باستئجارها مرتين في الأسبوع لمدة ساعتين فقط في كل مرة، ويقوم مدرس متطوع بمساعدة الأطفال في تعلّم أساسيات الكتابة والقراءة، ما يؤهلهم للالتحاق بالمدرسة فيما بعد".
وأضاف: "وجدنا تجاوبا كبيرا، ووصل عدد الأطفال المتعلمين إلى 40 طالبا، وأطلقنا صفحة للمشروع على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، ومن هناك تبرع عدد من الشباب بتدريس الأطفال".
يستأجر السقاف الحافلة بمبلغ 20 دولارا لمدة ساعتين. وحول الدعم الذي تلقاه المشروع يقول: "وجدنا تفاعلا من المارة.. كثيرون كانوا يبدون إعجابهم، وبعضهم يذهب لشراء أقلام وعصائر وشوكولاتة، وبعضهم منحنا طاولات، وبعضهم اشترى ملابس للأطفال، وتواصلت معنا مؤسسة كويتية ودعمتنا بمستلزمات مكتبية وملابس".
وقال السقاف: "إلى جانب التعليم، هناك بعض الأنشطة التحفيزية للتلاميذ، مثل توزيع جوائز على الأسرع تعلما والأجمل خطا. وبالإضافة إلى تعليم الأطفال مبادئ القراءة والكتابة، نعطيهم دروسا بسيطة في الأخلاق الحسنة والألفاظ الجميلة، لحمايتهم من خطر الشارع، وقاموس الكلمات القبيحة المنتشرة فيه".
ويطمح مؤسس المشروع، في الفترة المقبلة، إلى الحصول على حافلة أكبر مجهزة بمقاعد دراسية، لافتا إلى أنه سيحاول تغطية أماكن أخرى، تتواجد فيها أعدادا كبيرة من الأطفال، محاولاً منحهم فرصة جديدة للتعليم والحياة.
وكشف تقرير البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة أن ثلث الأطفال في اليمن لا يستطيعون الحصول على فرص التعليم والالتحاق بالمدارس في الوقت الحالي، وأن مليوني طفل من أصل ستة ملايين، يعيشون بدون تعليم في اليمن، بسبب ما وصف بالاختلالات التي يعانيها القطاع التعليمي، وبينها التسرب المدرسي، ونقص الخدمات التعليمية في البلاد.
ودفعت الأوضاع التي يعيشها الكثير من الأطفال إلى البحث عن فرص عمل لا تتناسب مع أعمارهم، أو التسوّل في الشوارع التي باتت ظاهرة تتسع يومياً في اليمن.
وتؤكد أحدث الأرقام الصادرة عن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل اليمنية، أن هناك أكثر من مليون طفل عامل ومشرد في الشوارع اليمنية. ووفقا للوزارة، فإن هذه الظاهرة تفاقمت بسبب النزاعات المسلحة والمشاكل السياسية والأمنية التي أدت إلى تزايد معدلات الفقر والأمية.
وأظهرت دراسات أن اليمن يضم أكثر من 1.3 مليون طفل عامل، أي حوالى 17 في المائة من مجموع الأطفال في اليمن يعملون، منهم 469 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و11 عاماً، وهو ما يحول بينهم وبين الانتظام في المدارس.