في صبيحة 19 سبتمبر/ أيلول استيقظت تركيا مبكراً، وغادر عزام حسام الدين (ست سنوات) فراشه الدافئ، ليكمل استعداده لليوم الدراسي الأول في المرحلة الابتدائية في جمهورية تركيا.
وفد الطفل عزام إلى تركيا قبل عام واحد برفقة والده الصحافي السوداني البارز وطالب الدكتوراه بجامعة الأناضول بمدينة إسكي شهير، التي يعني اسمها باللغة العربية المدينة القديمة.
عزام السوداني لم يكن وحده، فقد توجه للمدارس في اليوم ذاته نحو 18 مليونا و43 ألفا و15 طالباً تركياً وعشرات الآلاف من الأطفال السوريين، الذين لجأت أسرهم لتركيا هرباً من الحرب في سورية بالإضافة إلى بضعة آلاف من الطلاب من الجاليات العربية المقيمة في تركيا. ويتولى التدريس نحو 900 ألف معلم ومعلمة.
ينقسم النظام التعليمي في تركيا إلى ثلاثة مراحل بحسب الفترات العمرية، المرحلة الأولى وهي الروضة وهي للأطفال بين السنة الثالثة والخامسة من عمرهم، والابتدائية وهي ثماني سنوات والدراسة بها إلزامية لكل طفل تركي، وعادة تقسم إلى قسمين (4+4) مراعاة لسن الأطفال ووجودهم في بناية مدرسية واحدة. وبعد نهاية الابتدائية يلتحق الطالب بالمدرسة الثانوية والتي ربما تكون أكاديمية أو مهنية، كمدارس المعلمين أو الأئمة والخطباء وغيرها من المدارس المهنية.
اقــرأ أيضاً
سؤال الاندماج
عزام يبدأ عامه الدراسي باللغة التركية، وهو متحدر من أسرة سودانية لغتها الأم هي اللغة العربية، ما يضع جملة من المخاوف أمام أسرته التي تخشى عليه من صعوبات التعلم بلغة أجنبية والاندماج في بيئة جديدة تختلف عن بيئته في السودان، في اللغة واللون وهيئة الشعر وملامح الوجه، وإن كان يشاركهم شغف الطفولة بالتعلم وتمني حياة الكبار.
يقول حسام صالح، لـ"العربي الجديد": "عزام كان سعيداً جداً في اليوم الأول، أظن أن استعداده النفسي كان له دور في ذلك، فقد التحق الصيف المنصرم بكورس تعليم القرآن (المدرسة الصيفية لتعليم القرآن) في مسجد الحي، وهو برنامج تابع لوزارة الأوقاف التركية، وفيه استطاع أن يكوّن علاقات مع الأطفال وأصبح له أصدقاء أتراك لأول مرة، وهذا ساعده في حكاية الاندماج وعدم الشعور بالاغتراب في المدرسة".
يقول محمد، وهو مقيم فلسطيني التقته "العربي الجديد" بالعاصمة أنقرة: "عندي طفلتان بالمدارس التركية، وقد فضلتها على المدارس العربية لأنها ليست قوية والرقابة عليها ضعيفة"، وتتفق معه الدكتورة (هـ. هـ) على أفضلية المدارس التركية على العربية، وتقول "لاحظت الفرق الكبير عندما نقلت أطفالي من المدارس الحكومية التركية إلى المدارس العربية، هناك تفاوت في كل شيء ابتداء من النظام والنظافة".
اقــرأ أيضاً
في المقابل، يقول حسام صالح لـ"العربي الجديد"، موضحاً "اخترنا لأولادنا أن يدرسوا في المدارس التركية لأسباب عديدة، منها عدم وجود مدرسة عربية في مدينتنا، والسبب الآخر مسألة الاندماج نفسها، فمن غير المعقول أن يبقى طفلي في مجتمع لمدة 3 أو 5 سنوات من دون أن يتعلم لغته ويتواصل مع أفراده، ولذلك لجأنا للمدارس التركية ليتعلم أولادنا اللغة التركية، ونتولى نحن مواصلة تعليمهم غير الرسمي في البيت مثل اللغة العربية، والقرآن، وخلافه، ولهذا فالمدارس بيئة جيدة للاندماج، والبيت ينبغي أن يكون بيئة جيدة للمحافظة على الهوية من الذوبان، وهي عموما مهمة صعبة، سير على حبل مشدود، وفترة عصيبة نتمنى أن تنتهي إلى خير".
أما بالنسبة لمحمد الفلسطيني فيشير إلى أنه "لا توجد صعوبة باندماج الأطفال، أطفالي اندمجوا بسرعة، والنظام التعليمي يسمح بذلك ويزيد من وتيرة الاندماج تفهّم المدرس وتعاون الأهل"، ويسجل محمد أنه اضطر مرة إلى تغيير المدرسة بسبب الأستاذ.
ويحكي حسام عن مشاهداته لمدرسة طفله ـ مدرسة باربروس الابتدائية - في اليوم الأول: "الجو في المدرسة كان ترحيبياً لدرجة كبيرة، احتفلوا بطفلي وبكل التلاميذ في الفصل، كان الأستاذ ينادي على اسم كل تلميذ، ويسلم عليه، ويعطيه هدية، بينما يصفق الحضور لكل تلميذ، ما أشاع جوا من الحماس وتخفيف رهبة اليوم الأول في المدرسة".
يوجد عدد من المدارس العربية في المدن التركية الكبرى، بعضها خاص وبعضها يتبع لوزارات التربية والتعليم العربية ومحلقياتها الدبلوماسية في تركيا، ويقول مهتمون بالتعليم العربي في تركيا إن المدرسة السعودية هي الأفضل بحكم تبعيتها للحكومة السعودية وإشرافها عليها.
الأطفال السوريون في تركيا
تعتبر الجالية السورية الجالية العربية الأكثر عددا في كل ولايات تركيا، وتلتحق الأغلبية العظمى منهم بمدارس مؤقتة أنشئت في سبيل إلحاق الأطفال بقطار التعليم وتدرس فيها مناهج دراسية سورية معدّلة، تسعى الدولة التركية لدمج الطلاب السوريين ضمن مدارسها وفق نظام الوزارة، بدءًا من العام المقبل، وفي هذا السياق أصدرت الحكومة التركية، يوم الإثنين 19 أيلول/ سبتمبر.
العديد من القرارات بخصوص الأطفال السوريين الموجودين في تركيا تحت الحماية المؤقتة، وتوصي القرارات الجديدة بتسجيل الأطفال الذين يلتحقون هذا العام بالمدارس المؤقتة ضمن سجلات أقرب مدرسة تركية من خلال النظام الإلكتروني للمدارس التركية "E-okul"، ويُدرّسون من قبل معلمين أتراك، وفي حال لم توجد أماكن في مراكز التعليم المؤقتة، يُسجّل الطلاب في أقرب مدرسة لهم، وتُشكَّل شعب صفية خاصة لمن لا يعرف اللغة التركية منهم بجانب دروس اللغة العربية، ويتيح القانون الجديد للطلاب المتأهلين للمرحلة الثانوية الالتحاق بالمدارس التركية بشقيها الأكاديمي والمهني.
كما عملت وزارة التعليم التركية بالتعاون مع اليونسيف على تنظيم دورات تدريبية قبل بداية العام الدراسي لتأهيل الكادر الإداري والتدريسي في العام الدراسي الجديد للمدارس السورية في تركيا.
سيرة انقلاب وقصة شهيد
خصّصت وزارة التعليم التركية الدرس الأول من العام الدراسي الجديد ليكون عن انتصار الديمقراطية في 15 تموز/ يوليو الماضي ودحر الانقلاب العسكري على السلطة الديمقراطية المنتخبة ومواجهة الشعب له وقصص الشهداء، من أمثال الشهيد ملازم أول عمر خالص دمير.
في المقابل، يبدأ العام الدراسي الجديد في تركيا وقد ألغيت تراخيص نحو 49 ألف مدرس كانوا يعملون في آلاف المدارس الخاصة التابعة للكيان الموازي الذي تتهمه الدولة بتدبير انقلاب 15 تموز/ يوليو الفاشل.
اقــرأ أيضاً
عزام السوداني لم يكن وحده، فقد توجه للمدارس في اليوم ذاته نحو 18 مليونا و43 ألفا و15 طالباً تركياً وعشرات الآلاف من الأطفال السوريين، الذين لجأت أسرهم لتركيا هرباً من الحرب في سورية بالإضافة إلى بضعة آلاف من الطلاب من الجاليات العربية المقيمة في تركيا. ويتولى التدريس نحو 900 ألف معلم ومعلمة.
ينقسم النظام التعليمي في تركيا إلى ثلاثة مراحل بحسب الفترات العمرية، المرحلة الأولى وهي الروضة وهي للأطفال بين السنة الثالثة والخامسة من عمرهم، والابتدائية وهي ثماني سنوات والدراسة بها إلزامية لكل طفل تركي، وعادة تقسم إلى قسمين (4+4) مراعاة لسن الأطفال ووجودهم في بناية مدرسية واحدة. وبعد نهاية الابتدائية يلتحق الطالب بالمدرسة الثانوية والتي ربما تكون أكاديمية أو مهنية، كمدارس المعلمين أو الأئمة والخطباء وغيرها من المدارس المهنية.
سؤال الاندماج
عزام يبدأ عامه الدراسي باللغة التركية، وهو متحدر من أسرة سودانية لغتها الأم هي اللغة العربية، ما يضع جملة من المخاوف أمام أسرته التي تخشى عليه من صعوبات التعلم بلغة أجنبية والاندماج في بيئة جديدة تختلف عن بيئته في السودان، في اللغة واللون وهيئة الشعر وملامح الوجه، وإن كان يشاركهم شغف الطفولة بالتعلم وتمني حياة الكبار.
يقول حسام صالح، لـ"العربي الجديد": "عزام كان سعيداً جداً في اليوم الأول، أظن أن استعداده النفسي كان له دور في ذلك، فقد التحق الصيف المنصرم بكورس تعليم القرآن (المدرسة الصيفية لتعليم القرآن) في مسجد الحي، وهو برنامج تابع لوزارة الأوقاف التركية، وفيه استطاع أن يكوّن علاقات مع الأطفال وأصبح له أصدقاء أتراك لأول مرة، وهذا ساعده في حكاية الاندماج وعدم الشعور بالاغتراب في المدرسة".
يقول محمد، وهو مقيم فلسطيني التقته "العربي الجديد" بالعاصمة أنقرة: "عندي طفلتان بالمدارس التركية، وقد فضلتها على المدارس العربية لأنها ليست قوية والرقابة عليها ضعيفة"، وتتفق معه الدكتورة (هـ. هـ) على أفضلية المدارس التركية على العربية، وتقول "لاحظت الفرق الكبير عندما نقلت أطفالي من المدارس الحكومية التركية إلى المدارس العربية، هناك تفاوت في كل شيء ابتداء من النظام والنظافة".
في المقابل، يقول حسام صالح لـ"العربي الجديد"، موضحاً "اخترنا لأولادنا أن يدرسوا في المدارس التركية لأسباب عديدة، منها عدم وجود مدرسة عربية في مدينتنا، والسبب الآخر مسألة الاندماج نفسها، فمن غير المعقول أن يبقى طفلي في مجتمع لمدة 3 أو 5 سنوات من دون أن يتعلم لغته ويتواصل مع أفراده، ولذلك لجأنا للمدارس التركية ليتعلم أولادنا اللغة التركية، ونتولى نحن مواصلة تعليمهم غير الرسمي في البيت مثل اللغة العربية، والقرآن، وخلافه، ولهذا فالمدارس بيئة جيدة للاندماج، والبيت ينبغي أن يكون بيئة جيدة للمحافظة على الهوية من الذوبان، وهي عموما مهمة صعبة، سير على حبل مشدود، وفترة عصيبة نتمنى أن تنتهي إلى خير".
أما بالنسبة لمحمد الفلسطيني فيشير إلى أنه "لا توجد صعوبة باندماج الأطفال، أطفالي اندمجوا بسرعة، والنظام التعليمي يسمح بذلك ويزيد من وتيرة الاندماج تفهّم المدرس وتعاون الأهل"، ويسجل محمد أنه اضطر مرة إلى تغيير المدرسة بسبب الأستاذ.
ويحكي حسام عن مشاهداته لمدرسة طفله ـ مدرسة باربروس الابتدائية - في اليوم الأول: "الجو في المدرسة كان ترحيبياً لدرجة كبيرة، احتفلوا بطفلي وبكل التلاميذ في الفصل، كان الأستاذ ينادي على اسم كل تلميذ، ويسلم عليه، ويعطيه هدية، بينما يصفق الحضور لكل تلميذ، ما أشاع جوا من الحماس وتخفيف رهبة اليوم الأول في المدرسة".
يوجد عدد من المدارس العربية في المدن التركية الكبرى، بعضها خاص وبعضها يتبع لوزارات التربية والتعليم العربية ومحلقياتها الدبلوماسية في تركيا، ويقول مهتمون بالتعليم العربي في تركيا إن المدرسة السعودية هي الأفضل بحكم تبعيتها للحكومة السعودية وإشرافها عليها.
الأطفال السوريون في تركيا
تعتبر الجالية السورية الجالية العربية الأكثر عددا في كل ولايات تركيا، وتلتحق الأغلبية العظمى منهم بمدارس مؤقتة أنشئت في سبيل إلحاق الأطفال بقطار التعليم وتدرس فيها مناهج دراسية سورية معدّلة، تسعى الدولة التركية لدمج الطلاب السوريين ضمن مدارسها وفق نظام الوزارة، بدءًا من العام المقبل، وفي هذا السياق أصدرت الحكومة التركية، يوم الإثنين 19 أيلول/ سبتمبر.
العديد من القرارات بخصوص الأطفال السوريين الموجودين في تركيا تحت الحماية المؤقتة، وتوصي القرارات الجديدة بتسجيل الأطفال الذين يلتحقون هذا العام بالمدارس المؤقتة ضمن سجلات أقرب مدرسة تركية من خلال النظام الإلكتروني للمدارس التركية "E-okul"، ويُدرّسون من قبل معلمين أتراك، وفي حال لم توجد أماكن في مراكز التعليم المؤقتة، يُسجّل الطلاب في أقرب مدرسة لهم، وتُشكَّل شعب صفية خاصة لمن لا يعرف اللغة التركية منهم بجانب دروس اللغة العربية، ويتيح القانون الجديد للطلاب المتأهلين للمرحلة الثانوية الالتحاق بالمدارس التركية بشقيها الأكاديمي والمهني.
كما عملت وزارة التعليم التركية بالتعاون مع اليونسيف على تنظيم دورات تدريبية قبل بداية العام الدراسي لتأهيل الكادر الإداري والتدريسي في العام الدراسي الجديد للمدارس السورية في تركيا.
سيرة انقلاب وقصة شهيد
خصّصت وزارة التعليم التركية الدرس الأول من العام الدراسي الجديد ليكون عن انتصار الديمقراطية في 15 تموز/ يوليو الماضي ودحر الانقلاب العسكري على السلطة الديمقراطية المنتخبة ومواجهة الشعب له وقصص الشهداء، من أمثال الشهيد ملازم أول عمر خالص دمير.
في المقابل، يبدأ العام الدراسي الجديد في تركيا وقد ألغيت تراخيص نحو 49 ألف مدرس كانوا يعملون في آلاف المدارس الخاصة التابعة للكيان الموازي الذي تتهمه الدولة بتدبير انقلاب 15 تموز/ يوليو الفاشل.