مدائن صالح: أضرحة ما قبل الميلاد في السعودية

31 ديسمبر 2016
المنطقة ازدهرت طوال القرن الأول قبل الميلاد (Getty)
+ الخط -
تعد "مدائن صالح" أول المواقع السعودية التي تقوم اليونسكو بتسجيلها ضمن مواقع التراث العالمي وذلك في سنة 2008: ويضم الموقع 153 واجهة صخرية منحوتة لأضرحة قديمة تعود إلى القرن الأول قبل الميلاد، إضافة إلى عددٍ من الآثار الإسلامية، وبقايا خط سكة حديد الحجاز والتي تمتد لمسافة 13 كيلومتراً. وكذلك المحطة القديمة وبعض القاطرات العتيقة.
وكان الأنباط الذين شغلوا هذه المنطقة الممتدة في شمال شبه الجزيرة العربية، قد قاموا بنحت أضرحتهم في نتوءات صخور الحجر الرملي الذهبية. التفاصيل الدقيقة على بوابات المدخل والأسطح الناعمة للمقابر الـ 111 تدل على المهارة الكبيرة لعمال البناء ومهندسي ذلك العصر. وطبيعة اختيار المكان الطبيعي الملائم للإنشاء وللحفر، يذكر من يرى الحجر بالبتراء في الأردن عندما كانت عاصمة النبط، وكيف حفروها في منحنيات ومنحدرات الصخور الرملية شمالي الأردن. كما تشبهها منطقة أخرى بالقرب من خليج العقبة يطلقون عليها "مدائن شعيب".
يُقالُ إن المنطقة كانت مزدهرة طوال القرن الأول قبل الميلاد، وتؤكّد ذلك النقوش الموجودة على الأضرحة، والتي تؤرخ لوقت البناء والازدهار الذي كانت فيه المدائن. كان السبب الحقيقي لنجاح النبط وازدهار مدنهم وارتفاع عمرانهم هو التحكُّم في تجارة التوابل من جنوب الجزيرة العربية إلى الشمال عبر طرق التجارة المعروفة آنذاك، إذ كان اليونانيون والرومان والمصريّون والفينيقيّون يشترون البضائع ويمرّون بالمدائن، إذ يأتون إليها من أنحاء البحر المتوسط والشرق الأدنى. فقد بني الأنباط إمبراطوريتهم على أساس التجارة والوساطة، وكانت المنطقة أيضاً نقطة التقاء الطرق الرئيسية بين الشمال والجنوب من البحر الأحمر إلى الخليج الفارسي.
أطلال مدائن صالح تقع على السهل على مسافة من الأضرحة، والمباني لا تزال في معظمها غير مكشوفة ومصنوعة من الطوب اللبن الذي جففته الشمس. وكل ما عرف عن المدائن كان من خلال الأضرحة في المقام الأول، فالنقوش المنحوتة في واجهات الأضرحة تعد مراجع أساسية تضاف للمصادر التي اكتُشفت في أماكن أخرى تتحدث عن المدائن.
ويعد قصر البنت أكبر واجهة لضريح في المدائن، ويبلغ ارتفاعه حوالى 16 متراً. وترتفع البوابة فوق سطح الأرض، وفوق المدخل توجد لوحة نقش عليها أن الضريح نحته فنان يُدعى حور بن أهي، من أجل لهاني بن تفاسي وأسرته وأحفاده في العام الـ40 من عهد ملك النبط، آريتاس الرابع، وهي مؤرخة في عام 31 ميلادية.
الرمز الأكثر تصويراً وشهرة من مدائن صالح هو "قصر الفريد"، وهو ضريح منفرد منحوت في قبة صغيرة تقف وحيدة في العراء. لم يتم الانتهاء من واجهة الضريح، لذلك فالسطح المحفور يمثل بشكل كبير توثيقاً لكيفية تصميم وعمل تلك القبور ونحتها من الأعلى إلى الأسفل. في حين أن ضريح "جبل إثليب" هو عبارة عن نتوء ضخم تعلوه مجموعة من الأبراج في الجزء الشمالي الشرقي من الموقع. وفي المنتصف، تقع فتحة طبيعية تسمى السيق، يبلغ قطرها 40 متراً، وهي على اسم ممر مماثل لها في البتراء، ومدخلها إلى اليمين، وهو غرفة مربعة تحتوي على ثلاثة مقاعد حجرية تشبه طاولة المأدبة في الأعياد المقدسة الآن، وهذه الغرفة تعرف باسم الديوان. ويشير مدخلها الضخم إلى أنّ المآدب واحتفالات الأعياد كانت تمتد أمامها في مساحة مفتوحة.



دلالات
المساهمون