المغرب حاول أن يكون "وسطاً" في موقفه من مباحثات جنيف، إذ أشاد وزير خارجيته ناصر بوريطة، بالروح التي سادت اللقاء، لكنه اعتبرها غير كافية للمضيّ قدما في حل النزاع، معتبرا أن أهم ما أسفرت عنه "الطاولة المستديرة" أنها ضمت الجزائر كطرف في الملف وليس جهة مراقبة فقط.
ووصفت الرباط مباحثات جنيف بكونها امتحانا لجميع الأطراف المشاركة في تنزيل التفاؤل الذي أبداه البعض إلى واقع على أرض الميدان، مبرزة أن "الحل لم يعد يمر عبر الاستفتاء الشعبي كما كان ذلك سابقا، بل عبر مفاوضات سياسية ثنائية يقبلها الطرفان".
وأما جبهة البوليساريو فقد أشادت بلقاء جنيف من حيث لقاء أطراف نزاع الصحراء، من أجل الوصول إلى "حل عادل ودائم" يضمن للشعب الصحراوي ممارسة حقه في تقرير المصير، وفق تعبير أحد قياديي الجبهة، لكنها دعت المغرب إلى التخلي عن شروطه المسبقة.
وبالنسبة للجزائر، فقد رأت في مباحثات جنيف فرصة أممية لحلحلة ملف الصحراء، مبدية التزامها بصفتها بلدَ جوار لطرفي الملف، وفق تعبير وزير خارجيتها عبد القادر مساهل، بهدف "التوصل إلى تسوية لنزاع الصحراء، طبقا للشرعية الدولية ولوائح الأمم المتحدة".
مواقف أطراف نزاع الصحراء التي يبدو أنها ما زالت تراوح نفس مواقفها السابقة، اعتبرها الخبير في الملف عبد الفتاح الفاتحي، مؤشرات على أنه لا يمكن تحقيق اختراق قوي في لقاء جنيف، لاعتبارات عدة، منها استمرار الأزمة بين الرباط والجزائر، حينما رفضت الرد على مبادرة المغرب بإنشاء آلية سياسية مشتركة للحوار بدون وساطة لحل القضايا الثنائية العالقة.
وأشار الفاتحي إلى أن "خطاب جبهة البوليساريو، استمر في التأكيد على أنها لن تنخرط في أي مفاوضات لا تؤدي إلى تقرير المصير لمنطقة الصحراء"، مردفا أن "المغرب من جهته اعتبر أن التوافق والواقعية توجيه أممي يجب الالتزام به، ولا سيما إعادة التأكيد على واقعية ومصداقية الحكم الذاتي".
وفي قراءته للبيان الختامي للمبعوث الأممي للمنطقة هورست كولر، أفاد الفاتحي لـ"العربي الجديد" أن "جدول أعمال نزاع الصحراء سيؤسس أولا على ترسيخ البعد البراغماتي والرؤية الواقعية، في التعامل مع تحديات المنطقة أمنيا واقتصاديا واجتماعيا قبل الانخراط في المناقشات السياسية".
ولاحظ المحلل بأن "لقاء جنيف لم تسبقه تهيئة لخلق الثقة في ما بين الأطراف، وهي أمور كفيلة بأن تعوق أي اختراق في عملية حل نزاع الصحراء"، مردفا أن "البيان أكد أن الصراع والمواجهة لا يخدمان التنمية ولا يحلّان التحديات التي تواجه المنطقة، وأن التكامل والاندماج هدفان محوريان يجب أن يعمل عليهما الجميع".
وانتقد الفاتحي تصريحات مسؤولين حضروا لقاء جنيف، بإمكانها أن تضعف التقدم الذي أحرزته المباحثات، من قبيل تصريح وزير الخارجية الجزائري عندما قال: "جئنا لنضحك قليلا"، أو تصريح قيادي بالجبهة حين قال إن "المغرب لم يدخل في مناقشة جوهر المشكلة".