حتّى اليوم، يمكن وصف جهود الحكومة الأفغانيّة للقضاء على المخدرات بـ "الفاشلة"، بسبب مافيا المخدرات التي تتمتّع بنفوذ داخل النظام الحاكم، وعدم تعاون القوّات الدوليّة. ولدى الحديث عن الحرب في أفغانستان، تتبادر إلى الذهن حركة "طالبان" والجماعات المسلّحة، بسبب الأفعال التي ترتكبها ضد الحكومة والقوات الدولية. وفي ظلّ هذا الواقع، ينسى الجميع أزمة المخدرات، وإن لم تكن أقل خطراً، خصوصاً في جنوب البلاد وشرقها. وتشير بعض التحليلات إلى أن الحرب تُخاض من أجل تجارة المخدرات.
ونتيجة عدم اتّخاذ الحكومة الأفغانية والقوات المسلّحة أية خطوة بهدف مكافحة المخدرات ومصانع الهيرويين في البلاد، ما زال الوضع على حاله، كما أن المعارك مستمرة في هذه المناطق. ويشار إلى أنه من دون استئصال جذور هذه الظاهرة، لا يمكن للحرب أن تضع أوزارها في أفغانستان، وإن تصالحت الحكومة الأفغانية مع الجماعات المسلّحة.
ولا شكّ أنّ بعض دول المنطقة والقوى العالميّة المتمركزة في أفغانستان تهتمّ بترويج المخدرات، أو أنّها ليست جادّة في التصدّي لها، في الوقت الذي يعاني فيه الشعب الأفغاني بسبب الحروب المستمرة.
من جهة أخرى، لا يعدّ فهم القضيّة مهمّاً. لكن تكمن المشكلة في عجز أفغانستان عن فعل أي شيء لوحدها لمحاربة الأفيون والمخدرات وتجارتها الآخذة في الازدهار، على الرغم من وجود القوات الدولية، مع العلم أن الوضع الاقتصادي والسياسي والأمني في البلاد هش للغاية. ومنذ سقوط حركة "طالبان"، لم تكن الحكومات الأفغانية المتعاقبة جادة في القضاء على هذه الأزمة، خصوصاً أن عدداً من رموزها ضالعون في تجارة المخدرات.
على سبيل المثال، تشير بعض المصادر إلى أن عدداً من أفراد أسرة الرئيس الأفغاني السابق، حامد كرزاي، هم من كبار تجار المخدرات، وهذا معروف لدى القوات الدولية العاملة في البلاد. إلّا أنّهم يتمتّعون بالحصانة، وقد نسجوا علاقات جيّدة مع هذه القوات. كذلك، يشمل الأمر عدداً من الوزراء في الحكومات، من بينهم وزير الإعمار السابق، جل أغا شيرزاي، والذي حكم عدداً من الأقاليم بين عامي 2001 و2013. وتقول المصادر، إن الرجل كان على صلة بقيادات القوات الأميركية، وكان أحد المرشحين للرئاسة في انتخابات عام 2013. أيضاً، يشير بعض المقربين منه إلى أن الأميركيين قد أمّنوا له تكاليف حملته الانتخابية. يتابع هؤلاء، إن الرجل يعد في الوقت الحالي أحد أهم تجار المخدرات.
إلى ذلك، يقول أحد سكان مدينة قندهار ويدعى واسع خان نوزري، التي ينتمي إليها جل آغا شيرزاي بالإضافة إلى عدد من تجار المخدرات، إن هناك مافيا في أفغانستان يديرها كبار رجال الحكومة، لافتاً إلى أن هؤلاء يتمتعون بعلاقات مع القوات الدولية العاملة في البلاد. يضيف أنّ رجالاً أمنيّين كانوا يتيحون لنا الفرص كي ننقل المخدرات من منطقة إلى أخرى.
ويلفت إلى أنه يطلق على بعضهم اسم "البنان" بسبب جهودهم الكبيرة ضد المسلحين، ويعرف عن بعضهم ولاؤهم للقوات الأميركية والدولية، من بينهم الجنرال عبد الرازق، الذي كان مسؤول أمن قندهار منذ عام 2001. وبعد سقوط "طالبان" وحتى اليوم، ما زال نافذاً في مجال تجارة المخدرات والهيرويين، الأمر الذي تعرفه الحكومة الأفغانية، من دون أن تكون قادرة على فعل شيء، إذ إنّ الرجل يتمتّع بنفوذ شعبي وعلاقة بالقوات الأميركية، بالتالي لا يمكن تنحيته من منصبه.
حين تولّى الرئيس الأفغاني، أشرف غني، مقاليد الحكم في البلاد في حكومة الوحدة مع منافسه في الانتخابات، وهو عبدالله عبدالله، وضع شروطاً لتعيين الوزراء، واستطاع بعض الشيء منع تجار المخدرات من الوصول إلى المناصب السيادية في الحكومة المركزية. مع ذلك، ما زال لدى مئات المسؤولين يد في تجارة المخدرات، ونفوذ في الحكومة، وعلاقة بالقوات الأجنبية.
وساهم وجود هؤلاء في إفشال جميع مخطّطات ومساعي الرئيس الهادفة إلى القضاء على المخدرات، ما قد يؤدّي إلى إخماد الحرب والحدّ من معاناة الأفغان المستمرة منذ عقود. كذلك، فإنّ الجماعات المسلحة نفسها، على غرار "طالبان" وتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، تسعى إلى ترويج المخدرات، وتؤمن مبالغ ضخمة من خلالها.
وفي وقت كانت "طالبان" تأخذ بعض المال لدى نقل الهيرويين من مكان إلى آخر، عمد "داعش" إلى أخذ الأراضي من الناس في شرق أفغانستان، وزرع الأفيون. إلا أن قوات الأمن الأفغانية تمكنت من خلال عملياتها من تدمير حقول الأفيون التي زرعها داعش قرب الحدود الأفغانية الباكستانية.
أخيراً، أقدمت الحكومة على تدمير مصانع الهيرويين في شرق وجنوب أفغانستان، وتحديداً في إقليمي ننجرهار في الشرق، وهلمند في الجنوب. وفي مديرية شيرزاد في إقليم ننجرهار، دمّر الجيش الأفغاني عدداً كبيراً من مصانع الهيرويين، إلّا أنّه عجز عن القضاء عليها تماماً.
ويقول أحد سكان مديريّة شيرزاد، صفيرخان خوجياني، إن الجيش الأفغاني لن يستطيع القضاء على مصانع الهيرويين، وإن حاول، كونها تقع في المناطق الجبلية، عدا عن كونها تحت حماية المسلّحين. في المحصّلة، فإن القضاء على المخدرات أمر لا بد منه كونه يساهم في استمرار دوامة الحرب. لكن تعاون القوات الدولية والقضاء على مافيا المخدرات داخل الحكومة هما خطوتان أساسيّتان تهدفان إلى القضاء على المخدرات ومصانع الهيرويين.
اقــرأ أيضاً
ونتيجة عدم اتّخاذ الحكومة الأفغانية والقوات المسلّحة أية خطوة بهدف مكافحة المخدرات ومصانع الهيرويين في البلاد، ما زال الوضع على حاله، كما أن المعارك مستمرة في هذه المناطق. ويشار إلى أنه من دون استئصال جذور هذه الظاهرة، لا يمكن للحرب أن تضع أوزارها في أفغانستان، وإن تصالحت الحكومة الأفغانية مع الجماعات المسلّحة.
ولا شكّ أنّ بعض دول المنطقة والقوى العالميّة المتمركزة في أفغانستان تهتمّ بترويج المخدرات، أو أنّها ليست جادّة في التصدّي لها، في الوقت الذي يعاني فيه الشعب الأفغاني بسبب الحروب المستمرة.
من جهة أخرى، لا يعدّ فهم القضيّة مهمّاً. لكن تكمن المشكلة في عجز أفغانستان عن فعل أي شيء لوحدها لمحاربة الأفيون والمخدرات وتجارتها الآخذة في الازدهار، على الرغم من وجود القوات الدولية، مع العلم أن الوضع الاقتصادي والسياسي والأمني في البلاد هش للغاية. ومنذ سقوط حركة "طالبان"، لم تكن الحكومات الأفغانية المتعاقبة جادة في القضاء على هذه الأزمة، خصوصاً أن عدداً من رموزها ضالعون في تجارة المخدرات.
على سبيل المثال، تشير بعض المصادر إلى أن عدداً من أفراد أسرة الرئيس الأفغاني السابق، حامد كرزاي، هم من كبار تجار المخدرات، وهذا معروف لدى القوات الدولية العاملة في البلاد. إلّا أنّهم يتمتّعون بالحصانة، وقد نسجوا علاقات جيّدة مع هذه القوات. كذلك، يشمل الأمر عدداً من الوزراء في الحكومات، من بينهم وزير الإعمار السابق، جل أغا شيرزاي، والذي حكم عدداً من الأقاليم بين عامي 2001 و2013. وتقول المصادر، إن الرجل كان على صلة بقيادات القوات الأميركية، وكان أحد المرشحين للرئاسة في انتخابات عام 2013. أيضاً، يشير بعض المقربين منه إلى أن الأميركيين قد أمّنوا له تكاليف حملته الانتخابية. يتابع هؤلاء، إن الرجل يعد في الوقت الحالي أحد أهم تجار المخدرات.
إلى ذلك، يقول أحد سكان مدينة قندهار ويدعى واسع خان نوزري، التي ينتمي إليها جل آغا شيرزاي بالإضافة إلى عدد من تجار المخدرات، إن هناك مافيا في أفغانستان يديرها كبار رجال الحكومة، لافتاً إلى أن هؤلاء يتمتعون بعلاقات مع القوات الدولية العاملة في البلاد. يضيف أنّ رجالاً أمنيّين كانوا يتيحون لنا الفرص كي ننقل المخدرات من منطقة إلى أخرى.
ويلفت إلى أنه يطلق على بعضهم اسم "البنان" بسبب جهودهم الكبيرة ضد المسلحين، ويعرف عن بعضهم ولاؤهم للقوات الأميركية والدولية، من بينهم الجنرال عبد الرازق، الذي كان مسؤول أمن قندهار منذ عام 2001. وبعد سقوط "طالبان" وحتى اليوم، ما زال نافذاً في مجال تجارة المخدرات والهيرويين، الأمر الذي تعرفه الحكومة الأفغانية، من دون أن تكون قادرة على فعل شيء، إذ إنّ الرجل يتمتّع بنفوذ شعبي وعلاقة بالقوات الأميركية، بالتالي لا يمكن تنحيته من منصبه.
حين تولّى الرئيس الأفغاني، أشرف غني، مقاليد الحكم في البلاد في حكومة الوحدة مع منافسه في الانتخابات، وهو عبدالله عبدالله، وضع شروطاً لتعيين الوزراء، واستطاع بعض الشيء منع تجار المخدرات من الوصول إلى المناصب السيادية في الحكومة المركزية. مع ذلك، ما زال لدى مئات المسؤولين يد في تجارة المخدرات، ونفوذ في الحكومة، وعلاقة بالقوات الأجنبية.
وساهم وجود هؤلاء في إفشال جميع مخطّطات ومساعي الرئيس الهادفة إلى القضاء على المخدرات، ما قد يؤدّي إلى إخماد الحرب والحدّ من معاناة الأفغان المستمرة منذ عقود. كذلك، فإنّ الجماعات المسلحة نفسها، على غرار "طالبان" وتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، تسعى إلى ترويج المخدرات، وتؤمن مبالغ ضخمة من خلالها.
وفي وقت كانت "طالبان" تأخذ بعض المال لدى نقل الهيرويين من مكان إلى آخر، عمد "داعش" إلى أخذ الأراضي من الناس في شرق أفغانستان، وزرع الأفيون. إلا أن قوات الأمن الأفغانية تمكنت من خلال عملياتها من تدمير حقول الأفيون التي زرعها داعش قرب الحدود الأفغانية الباكستانية.
أخيراً، أقدمت الحكومة على تدمير مصانع الهيرويين في شرق وجنوب أفغانستان، وتحديداً في إقليمي ننجرهار في الشرق، وهلمند في الجنوب. وفي مديرية شيرزاد في إقليم ننجرهار، دمّر الجيش الأفغاني عدداً كبيراً من مصانع الهيرويين، إلّا أنّه عجز عن القضاء عليها تماماً.
ويقول أحد سكان مديريّة شيرزاد، صفيرخان خوجياني، إن الجيش الأفغاني لن يستطيع القضاء على مصانع الهيرويين، وإن حاول، كونها تقع في المناطق الجبلية، عدا عن كونها تحت حماية المسلّحين. في المحصّلة، فإن القضاء على المخدرات أمر لا بد منه كونه يساهم في استمرار دوامة الحرب. لكن تعاون القوات الدولية والقضاء على مافيا المخدرات داخل الحكومة هما خطوتان أساسيّتان تهدفان إلى القضاء على المخدرات ومصانع الهيرويين.