منذ 2016 واسم محمود نصر، خريج المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق عام 2006، يتصدر الأخبار الصحافية والاهتمام الأولي لشركات الإنتاج والمخرجين. الفنان الشاب الذي قدّم أول أدواره في مسلسل "سقف العالم" مع المخرج نجدة أنزور ظلّ يجتهدُ على أدائه طويلاً إلى أن وصل لمبتغاه، فقدّم دوراً مركباً في "تحت المداس" مع المخرج الراحل محمد الشيخ نجيب، ودوراً لا يقل عنه صعوبة في "ممرات ضيقة"، فضلاً عن الأعمال التاريخية كـ "خالد بن الوليد" في جزئه الثاني و"رايات الحق".
ومع دخول عصر الدراما المشتركة، وحين بدأت مواقع التواصل الاجتماعي بالترويج للفنان الأوسم، استطاع محمود نصر أن يلفت الانتباه ليس لحُسن أدائه فقط، بل لجماله وأناقته. فكان من أبطال مسلسل "الإخوة" العربي المشترك لعب فيه دور البطولة العديد نجوم سوريون وعرب، بالإضافة لمشاركته نسرين طافش في بطولة المسلسل المشترك "تحالف الصبار".
ولعل انطلاقة نصر الحقيقية كانت في مسلسل "الندم" للكاتب حسن سامي يوسف والمخرج الليث حجو، حين لعب شخصية "عروة الغول"، الكاتب الثري المدلل من قِبَل أبيه الذي يخوض تفاصيل الغرام مع "هناء" (دانا مارديني) في قصة خيّمَ عليها بؤس دمشق القابعة تحت نار حربٍ لا ترحم.
هذه القصة التي شغلت قلوب الجمهور منذ أن عُرِضَ العمل، أطلقت نصر لعالم ثانٍ في انتقاء الأدوار، ليُختار في السنة التي تليها بطلاً لمسلسل "قناديل العشاق" مع الفنانة سيرين عبد النور، إلا أن العمل رغم عناصره الجيدة لم يخلق تلك الحالة التي عاشها المشاهدون معه في مسلسل "الندم".
ولا بدّ أن نقول إن نصر انتقل من مرحلة لمرحلة أخرى تماماً بعد أن صار وجهةَ المنتجين والمخرجين. واتّسعت رقعة انتشاره أكثر، لينتقل بذلك إلى الدراما العربية المشتركة من خلال مسلسل "دانتيل" الذي يجمعه للمرة الثانية مع سيرين عبد النور والمخرج المثنى صبح.
مع أن "قناديل العشاق" لم يحقق الصدى المرجو، لكنه خلق حالة كيمياء واضحة بين نصر وعبد النور، فأَحَبّهُما الجمهور المتابع، وتناقل قصة الحارة التي تجري فيها الأحداث بين بطل شعبي وصبية جميلة أوصلتها ظروفها لأن تتخذ من جمالها رزقاً. لكن مع "دانتيل" ستختلف الحكاية تماماً، إذ إن القالب في الأساس مأخوذ عن عمل إسباني كوميدي، حقق نسبة متابعة كبيرة. عَرَّبت السيناريو الخاص به المصريتان إنجي القاسم وسماء عبد الخالق، أما التصوير فيحتضنه لبنان.
كل المعطيات تدلّ على حبكة جديدة غريبة متعددة الجنسيات، قد لا تكون مقنِعة في السرد الحكائي لكن يبقى الرهان على نصر وعبد النور والمخرج المثنى في تقديم صورة مختلفة. ولعل الأضواء ستتجه أكثر نحو محمود نصر، خصوصاً أن العمل العربي المشترك عادةً ما يُحَمِّلُ ثِقَلَهُ في الأداء النجم السوري أكثر من النجمة اللبنانية، لِما يمتلك من خبرات أكاديمية. ومع تكاثر الثنائيات السورية اللبنانية هذا الموسم يبقى التساؤل عما إذا كان محمود سيكرّس خبرته أم جماله في تصدير صورته للعالم العربي.
حين خرج الممثل السوري تجاه الدراما المشتركة تم تأطيره بشكل واحد وقالب معيّن حسب أهواء الشركة المنتِجة وسوق التوزيع، فكان هو الرجل الوسيم، أو البطل، أو الحازم، بثيمات متشابهة مع اختلاف الوجوه، ما أفقدَ نجوم سورية أدواتهم وقدرتهم على الإقناع من جديد، بعد أن قدموا أعمالاً سورية خالصة مسبقاً، نالوا فيها الشعبية الكبرى، وحققوا نسبة متابعات عالية، وبقيت شخصياتهم بهذه الأعمال في أذهان الجمهور السوري والعربي.
صحيحٌ أن هذه الشعبية ازداد ألقها أكثر عربياً، لكن هذا لا يعني أن الممثل السوري بقي محافظاً على تفاصيل الأداء الحقيقي، ولأن نصر لم يدخل بعدُ هذا المعترك، بقي غضاً مقنِعاً في أدائه حتى اليوم، ولم يمارس سحر شكله فقط، بل وازنه مع أدواته ليقنِعَ الجمهور ونفسه أيضاً، أنهم واقفون أمام ممثل بمعايير ثقيلة. إنما قد يبقى السؤال هنا مراوداً الناسَ فيما إذا كان الممثل سيلحقُ بهذا الركب الذي يعتمد على المظهر والكاريزما والتأطير في حال دخل سوق الدراما العربية المشتركة ولم يخرج منها، أم سيبقى محافظاً على موقعه في عيون من شاهدوا فيه "ممثلاً" قبل كل شيء؟
في الوقت الذي تكسب فيه الدراما العربية ممثلاً سورياً أكاديمياً جديداً من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية، ستخسر الدراما السورية الخالصة بطلاً من أبطالها. فالمتعارف عليه إجمالاً أن من يهجر الدراما السورية لا يعود إليها إلا فيما ندر وذلك بسبب ارتفاع أجر الفنان السوري، ومعاملته بشكل أفضل من مؤسسات وشركات إنتاج بلده، وتقديمه بصورة أوسع انتشاراً بحكم الظروف الراهنة للسوق القائمة على الممثل السوري والفنانة اللبنانية.
لكن يبقى للممثَّل السوري المهاجر للدراما المشتركة القدرة في أن يخلقَ التوازن بين الدراما السورية والعربية، وهذا ما فعله عابد فهد أخيراً حين قدم مسلسلين بقالب سوري الموسم الفائت هما "دقيقة صمت" و"عندما تشيخ الذئاب". لكن الحال ليست كذلك دائماً، بل أصبحت نادرة، إذ غالباً ما يبتعد الفنان السوري عن دراماه التي أطلقته للجمهور، ويبقى أسيراً بإطار محدَّد.
ولأن نصر أصبح فناناً مؤثراً في الدراما السورية، ينتظر السوريون أعماله كل موسم، تحديداً بعد مسلسل "الندم"، فإن "دانتيل" يفتح تساؤلات جديدة تجاه شخص نصر إن كان سيبتعد عن الدراما السورية الخالصة وينكرها لسنين طويلة كما حصل مع تيم حسن وباسل خياط وقصي خولي، مركزاً على انتشاره العربي، متناسياً ما قدّم مسبقاً. أم سيخلق أيضاً حالة توازن بين الأعمال الدائر تصويرها في سورية، والأعمال الأخرى التي تخلق من الضوء والأزياء والديكورات الفخمة قصة.
ومع دخول عصر الدراما المشتركة، وحين بدأت مواقع التواصل الاجتماعي بالترويج للفنان الأوسم، استطاع محمود نصر أن يلفت الانتباه ليس لحُسن أدائه فقط، بل لجماله وأناقته. فكان من أبطال مسلسل "الإخوة" العربي المشترك لعب فيه دور البطولة العديد نجوم سوريون وعرب، بالإضافة لمشاركته نسرين طافش في بطولة المسلسل المشترك "تحالف الصبار".
ولعل انطلاقة نصر الحقيقية كانت في مسلسل "الندم" للكاتب حسن سامي يوسف والمخرج الليث حجو، حين لعب شخصية "عروة الغول"، الكاتب الثري المدلل من قِبَل أبيه الذي يخوض تفاصيل الغرام مع "هناء" (دانا مارديني) في قصة خيّمَ عليها بؤس دمشق القابعة تحت نار حربٍ لا ترحم.
هذه القصة التي شغلت قلوب الجمهور منذ أن عُرِضَ العمل، أطلقت نصر لعالم ثانٍ في انتقاء الأدوار، ليُختار في السنة التي تليها بطلاً لمسلسل "قناديل العشاق" مع الفنانة سيرين عبد النور، إلا أن العمل رغم عناصره الجيدة لم يخلق تلك الحالة التي عاشها المشاهدون معه في مسلسل "الندم".
ولا بدّ أن نقول إن نصر انتقل من مرحلة لمرحلة أخرى تماماً بعد أن صار وجهةَ المنتجين والمخرجين. واتّسعت رقعة انتشاره أكثر، لينتقل بذلك إلى الدراما العربية المشتركة من خلال مسلسل "دانتيل" الذي يجمعه للمرة الثانية مع سيرين عبد النور والمخرج المثنى صبح.
Twitter Post
|
مع أن "قناديل العشاق" لم يحقق الصدى المرجو، لكنه خلق حالة كيمياء واضحة بين نصر وعبد النور، فأَحَبّهُما الجمهور المتابع، وتناقل قصة الحارة التي تجري فيها الأحداث بين بطل شعبي وصبية جميلة أوصلتها ظروفها لأن تتخذ من جمالها رزقاً. لكن مع "دانتيل" ستختلف الحكاية تماماً، إذ إن القالب في الأساس مأخوذ عن عمل إسباني كوميدي، حقق نسبة متابعة كبيرة. عَرَّبت السيناريو الخاص به المصريتان إنجي القاسم وسماء عبد الخالق، أما التصوير فيحتضنه لبنان.
كل المعطيات تدلّ على حبكة جديدة غريبة متعددة الجنسيات، قد لا تكون مقنِعة في السرد الحكائي لكن يبقى الرهان على نصر وعبد النور والمخرج المثنى في تقديم صورة مختلفة. ولعل الأضواء ستتجه أكثر نحو محمود نصر، خصوصاً أن العمل العربي المشترك عادةً ما يُحَمِّلُ ثِقَلَهُ في الأداء النجم السوري أكثر من النجمة اللبنانية، لِما يمتلك من خبرات أكاديمية. ومع تكاثر الثنائيات السورية اللبنانية هذا الموسم يبقى التساؤل عما إذا كان محمود سيكرّس خبرته أم جماله في تصدير صورته للعالم العربي.
حين خرج الممثل السوري تجاه الدراما المشتركة تم تأطيره بشكل واحد وقالب معيّن حسب أهواء الشركة المنتِجة وسوق التوزيع، فكان هو الرجل الوسيم، أو البطل، أو الحازم، بثيمات متشابهة مع اختلاف الوجوه، ما أفقدَ نجوم سورية أدواتهم وقدرتهم على الإقناع من جديد، بعد أن قدموا أعمالاً سورية خالصة مسبقاً، نالوا فيها الشعبية الكبرى، وحققوا نسبة متابعات عالية، وبقيت شخصياتهم بهذه الأعمال في أذهان الجمهور السوري والعربي.
صحيحٌ أن هذه الشعبية ازداد ألقها أكثر عربياً، لكن هذا لا يعني أن الممثل السوري بقي محافظاً على تفاصيل الأداء الحقيقي، ولأن نصر لم يدخل بعدُ هذا المعترك، بقي غضاً مقنِعاً في أدائه حتى اليوم، ولم يمارس سحر شكله فقط، بل وازنه مع أدواته ليقنِعَ الجمهور ونفسه أيضاً، أنهم واقفون أمام ممثل بمعايير ثقيلة. إنما قد يبقى السؤال هنا مراوداً الناسَ فيما إذا كان الممثل سيلحقُ بهذا الركب الذي يعتمد على المظهر والكاريزما والتأطير في حال دخل سوق الدراما العربية المشتركة ولم يخرج منها، أم سيبقى محافظاً على موقعه في عيون من شاهدوا فيه "ممثلاً" قبل كل شيء؟
في الوقت الذي تكسب فيه الدراما العربية ممثلاً سورياً أكاديمياً جديداً من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية، ستخسر الدراما السورية الخالصة بطلاً من أبطالها. فالمتعارف عليه إجمالاً أن من يهجر الدراما السورية لا يعود إليها إلا فيما ندر وذلك بسبب ارتفاع أجر الفنان السوري، ومعاملته بشكل أفضل من مؤسسات وشركات إنتاج بلده، وتقديمه بصورة أوسع انتشاراً بحكم الظروف الراهنة للسوق القائمة على الممثل السوري والفنانة اللبنانية.
لكن يبقى للممثَّل السوري المهاجر للدراما المشتركة القدرة في أن يخلقَ التوازن بين الدراما السورية والعربية، وهذا ما فعله عابد فهد أخيراً حين قدم مسلسلين بقالب سوري الموسم الفائت هما "دقيقة صمت" و"عندما تشيخ الذئاب". لكن الحال ليست كذلك دائماً، بل أصبحت نادرة، إذ غالباً ما يبتعد الفنان السوري عن دراماه التي أطلقته للجمهور، ويبقى أسيراً بإطار محدَّد.
ولأن نصر أصبح فناناً مؤثراً في الدراما السورية، ينتظر السوريون أعماله كل موسم، تحديداً بعد مسلسل "الندم"، فإن "دانتيل" يفتح تساؤلات جديدة تجاه شخص نصر إن كان سيبتعد عن الدراما السورية الخالصة وينكرها لسنين طويلة كما حصل مع تيم حسن وباسل خياط وقصي خولي، مركزاً على انتشاره العربي، متناسياً ما قدّم مسبقاً. أم سيخلق أيضاً حالة توازن بين الأعمال الدائر تصويرها في سورية، والأعمال الأخرى التي تخلق من الضوء والأزياء والديكورات الفخمة قصة.