محمود عوض: هكذا استهدفتني إسرائيل بقذيفة

29 اغسطس 2019
"عشنا أسوأ أيامنا في الشوادر" (العربي الجديد)
+ الخط -

كان الفتى الفلسطيني محمود عوض في السادسة عشرة من عمره عندما ترك بلدته نمرين، القريبة من مدينة طبريا في فلسطين، متوجهاً مع أهله وإخوته الخمسة إلى مدينة بنت جبيل، في جنوب لبنان، سيراً على الأقدام، تاركين خلفهم كل ما يملكون.

يقول الحاج محمود: "لم أتعلّم، بل كنت أعمل في زراعة الأرض مع أبي. كانت لنا أراض زراعية، وكانت لنا أرزاق، وبيت ملكنا. كنا نعيش بكرامتنا في أرضنا، إلى أن فُرض علينا الخروج منها، بعدما رأينا ما يقوم به العدو الصهيوني من إجرام. كان أبشع مشهد هو وضع الأطفال والناس تحت الدبابات، ليتم قتلهم بجنازيرها". يضيف: "سرنا خوفاً، متوجهين نحو مدينة بنت جبيل (جنوب لبنان)، على أمل العودة بعد أيام. وصلنا إلى بنت جبيل ولم نكن نملك المال لشراء الخبز. بعد بنت جبيل نقلونا إلى منطقة الطوارئ المحاذية لمخيم عين الحلوة، في مدينة صيدا (جنوب لبنان) وسكنا في الشوادر. كانت الشوادر عبارة عن قطع من القماش، كنا نربطها بحبال نجمعها مع بعضها البعض، ونركزها في الأرض. لكنها كانت تطير مع كل هبة ريح، ونصير مضطرين إلى الإمساك بها إلى أن تنتهي العاصفة حتى لا تتقطع فنصبح في العراء. هذا ما كان يحدث في فصل الشتاء".

يتابع الحاج محمود قصته: "عشنا أسوأ أيامنا في الشوادر، حيث مكثنا فيها حوالي أربع سنوات. وفي وقت لاحق بنيت بيتاً في منطقة حطين، بمخيم عين الحلوة. تزوّجت وأنجبت ثماني بنات، وثلاثة صبيان، وعملت بالزراعة، فهي المهنة التي كنت أعرفها، وفطرت عليها. في العام 1982، وأثناء الاجتياح الإسرائيلي للبنان، كان القصف شديداً على مخيم عين الحلوة، وكان محاطاً بالعدو من التلال المرتفعة التي تكشف المخيم بشكل مباشر. كنا حينها في الملاجئ منذ تسعة أيام. خرجت لبعض الوقت من الملجأ وفي يدي بندقيتي، فاستهدفني العدو الصهيوني بقذيفة سقطت بالقرب مني فأصابتني شظاياها في قدمي. وما زالت قدمي معوقة حتى اليوم، ولا أستطيع السير عليها بشكل سليم".




يتمنى الحاج محمود العودة إلى فلسطين، إلى البلدة التي ولد فيها "منذ أن خرجنا منها ونحن ننتظر العودة. أوهمونا بأننا سنعود خلال أيام معدودة، وعشنا على ذلك الوهم حتى يومنا هذا. ورغم الأحلام والآمال نرى في كل يوم استئساداً من قبل العدو الصهيوني على أرضنا، وسرقة ما تبقى لنا فيها، وقتل أهلنا، وسجنهم، وظلمهم، بمساعدة عربية". يختم: "كنا نعقد الأمل على العمل العسكري الفلسطيني، لكن هو أيضاً لم يعد موجوداً في يومنا هذا".
المساهمون