محمد رمضان تشيبا.. "الأخ" الذي كرّس حياته للأعمال الإنسانيّة

28 مارس 2015
(رسم أنس عوض)
+ الخط -

يُعرَفُ الباكستاني محمد رمضان تشيبا في بلاده، وتحديداً من قبل أهالي مدينته كراتشي (عاصمة إقليم السند)، بـ "تشيبا بهايي" أو الأخ تشيبا، لما قدّمه الرجل من خدمات إنسانية وإغاثية طالت مختلف شرائح المجتمع، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والعرقية والسياسية.

كان ما زال في مقتبل العمر، حين بدأ مساعدة المرضى في مستشفى "سول" أو المستشفى المدني في كراتشي، الذي تحول مع الوقت إلى مؤسسة خيرية شملت أعمالها كل أنحاء البلاد.
كان تشيبا (من مواليد عام 1971) يقصد مستشفى "سول" ويساعد المرضى على الدخول إليها أو يقودهم إلى الأطباء. وخلال فترة قصيرة، صار يعرفه الأطباء والصيدليات، ما شجعه على جمع التبرعات من أثرياء المنطقة، بهدف تأمين الأدوية للفقراء. ظل على هذه الحال حتى وقوع الأحداث الدامية في سوق باهرا في منطقة صدر وسط كراتشي عام 1987، ما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات. حينها، ساهم في نقل الجرحى إلى المستشفى، وقرر تكريس حياته لخدمة المعوزين والفقراء.

بعدها، أسّس عام 1987 "مؤسسة تشيبا الخيرية". في البداية، تابع أعماله البسيطة المتعلقة بخدمة المرضى، وتوفير الأدوية لهم، بالإضافة إلى الاحتياجات الأولية للأسر الفقيرة. إلا أن أعماله سرعانَ ما امتدت لتشمل كافة أرجاء البلاد، بعدما وثق الباكستانيون به، عدا عن مساهمة أثرياء البلاد في المشاريع الخيرية التي يديرها.
في الوقت الحالي، تملك المؤسسة إحدى أكبر شبكات سيارات الإسعاف، وتعمل على مدار الساعة وفي جميع المدن، وخصوصاً في كراتشي، حيث مقر المؤسسة. عادة ما تُسارع سيارات الإسعاف إلى مواقع الحوادث المرورية أو الاشتباكات، بهدف نقل المتضررين إلى المستشفيات وتقديم الإسعافات الأولية لهم. كذلك، تقدّم الخدمات الصحية للمتضررين أثناء الكوارث والأزمات التي تشهدها باكستان من حين إلى آخر، كالزلزال المدمر الذي شهدته مناطق مختلفة عام 2005، والفيضانات وغيرها.

كذلك، تعمل المؤسسة على توفير الاحتياجات الأساسية للمعوزين من طعام وملبس وغيرها، وخصوصاً لذوي الأشخاص المعوقين والأرامل، بالإضافة إلى رعاية وكفالة آلاف اليتامى ومعالجة المرضى المصابين بالأمراض المزمنة كالسرطان والسكري والسل والتهاب الكبد الوبائي وغيرها. أبو بكر (عشر سنوات) المصاب بسرطان الأمعاء هو أحد هؤلاء. يقول والده جميل ياسر إنه عجز عن علاج ابنه بعدما باع أغراض المنزل وأنفق كل ما جمعه على علاجه "إلى أن تولى تشيبا علاج ولدي، ما لن أنساه طيلة حياتي".

من بين الأعمال الإنسانية التي أطلقتها المؤسسة أخيراً، إقامة موائد الطعام المجانية لفقراء مدينة كراتشي، لا سيما العاطلين عن العمل. وتشير المؤسسة إلى أن ثلاثين ألف شخص يستفيدون يومياً من موائد الطعام المجانية هذه، والتي تقدم وجبتي الغداء والعشاء.
جاء شعيب خان من مدينة كويته (جنوب غرب البلاد) إلى مدينة كراتشي بهدف تأمين لقمة العيش لأطفاله. كان يصرف يومياً أكثر من مائة روبية (نحو دولار) على وجبتي الغداء والعشاء، إلى أن عرف بهذه الموائد التي تقام على مقربة من مكان عمله. يلفت شعيب إلى أن المئات من رفاقه العاملين في المدينة، والوافدين من المدن الأخرى كمدينة بشاور وكويته ومدن إقليم البنجاب، يستفيدون من الموائد المجانية التي تقيمها "مؤسسة تشيبا الخيرية". لا يتوقف عمل المؤسسة هنا. إذ تحرص أيضاً على رعاية الأطفال غير الشرعيين أوالأشخاص المعوقين الذين تخلت عنهم عائلاتهم. وأحياناً، تتبنى عائلات هؤلاء الأطفال.
دائماً ما يسعى للوصول إلى تحقيق هدفه المتمثل بمساعدة فقراء البلاد، فيشارك في مختلف البرامج الإنسانية والاجتماعية في القنوات المحلية. حالياً، يعمل كمساعد في برنامج "صباح الخير" لعامر لياقت، الذي تبثه قناة "جيو" المحلية. من خلال البرنامج، يتحدث عن مشارعيه الخيرية والإنسانية.

ونظراً لما قدمه الرجل من خدمات إنسانية، منحته الحكومة الباكستانية وسام التفوق "ستار امتياز" في مارس/آذار عام 2013، وحصل على شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة كراتشي في نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي، علماً أنه لم يكمل دراسته بسبب انشغاله بالأعمال الإغاثية والخيرية. أيضاً، حصلت المؤسسة على جوائز وشهادات من قبل مؤسسات حكومية وغير حكومية خلال الأعوام الماضية. إلا أن تشيبا الذي يقدر ثقة الشعب الباكستاني به، والتشجيع الذي يحصل عليه من قبل المؤسسات الحكومية، يؤكد أن أعماله الخيرية تهدف إلى خدمة الإنسانية فحسب، وليس نيل الجوائز والشهادات.




دلالات
المساهمون