وكان السبب الأساسي للخلاف الذي تثيره آراء الطالبي هو أنه ينتمي إلى مدرسة تستند فقط إلى ما جاء في القرآن، لتحكم بالتحليل والتحريم، ولا تعتمد على الحديث والسنة.
لكن الطالبي، الذي كان قد بلغ 96 عاماً، لا يُختصر بهذه الآراء، فقد وضع نحو ثلاثين كتاباً بدأها بدراسة لكتاب "المخصّص" لـ ابن سيدة، أو كما يسميها دليلاً للكتاب، وكان ذلك سنة 1956، واستمر في تأليف دراسات وتحليلات في الإبستمولوجيا الدينية، فألّف "الإسلام في الحوار"، و"الإسلام والحوار"، و"تأملات مسلم معاصر"، و"مرافعة من أجل إسلام معاصر"، و"مفكر حر في الإسلام"، و"كونية القرآن"، وكان آخر كتبه هو "تأملات في القرآن: الحقيقة، العقلانية والإعجاز العلمي" الذي صدر في العام الماضي.
إلى جانب الدراسات الدينية، بل وقبل الانغماس فيها، خصّص المفكّر التونسي حصّة معتبرة من اهتماماته لقراءة تاريخ المتوسط، والمغرب العربي بشكل خاص في القرون الوسطى. وجاء عمله التأليفي بعد سنوات من الدرس والتدريس، حيث أكمل تعليمه في "السوربون" وكانت أطروحته فيها بعنوان "إمارة الأغالبة: تاريخ سياسي"، والتي تناقش أوّل دولة إسلامية في تونس.
قدم الطالبي مقالات مختلفة حول علاقة شمال أفريقيا تاريخياً بجنوب إيطاليا. وكان أحد المفكّرين العرب القلائل الذين كتبوا في تاريخ الرق، وله دراسة حول دور "العبيد" الأساسي في الاقتصاد والزراعة في أوروبا. وكتب أيضاً عن تاريخ أفريقيا وعلاقته بوصول الإسلام وانتشاره، كما ناقش أطروحات صاحب "المقدّمة" في كتابه "ابن خلدون والتاريخ" الذي وضعه سنة 1973.
رفض الطالبي تماماً ربط الشريعة بالديمقراطية، وكانت حجته في ذلك أن الشريعة من زمان ومكان لم يكن لأي مظهر من مظاهر الديمقراطية فيه وجود، وهو مفهوم غائب تماماً عن تاريخ الشريعة، ويذهب إلى أن لا الإسلام ولا الحضارة الغربية كانت تعرف شيئاً عن الديمقراطية قبل العصر الحديث، لذلك فالديمقراطية بمعنى الممارسة السياسية هي فكرة حديثة تماماً، وفي نظره هي الأنسب لعصرنا، غير أنه يقول إن فيها الكثير من أصل الإسلام مثل العدالة والمساواة أمام القانون.