بعد أيام من كشف صحيفة كندية عن دعوى قضائية رفعها ضابط الاستخبارات السعودي السابق سعد الجبري ضدّ ولي العهد محمد بن سلمان بعد إرسال الأخير فرقة اغتيال خاصة إلى تورنتو الكندية لتعقّبه ومحاولة اغتياله، أظهرت وثائق جديدة إصدار محكمة أميركية أمر استدعاء قضائياً بحق بن سلمان ومسؤولين سعوديّين آخرين في إطار القضية المذكورة.
وتظهر الوثائق التي نشرها موقع "الجزيرة" بنسخته الإنكليزية، استدعاء المحكمة 13 شخصاً في القضية التي رفعها الجبري أمامها، إلى جانب ولي العهد السعودي. وهؤلاء الذين استدعتهم المحكمة ومواقعهم، بحسب نصّ الاستدعاء، هم: المدير الخاص لمكتب ولي العهد بدر العساكر، ومدير المخابرات السابق أحمد عسيري، ومستشار الديوان الملكي السابق سعود القحطاني، وليلى أبو الجدايل، وخالد إبراهيم عبدالعزيز الجاسم (مديرية الدلائل الجنائية)، محمد الأحمد (مجموعة النخبة السعودية)، بندر سعيد الحقباني (وزارة الداخلية)، بيجاد الحربي (شركة مكسب السعودية) وإبراهيم حمد عبدالرحمن الحميد (وزارة الخارجية المكتب المركزي)، يوسف الراجحي، سعود عبدالعزيز الصالح (وزارة الدفاع)، مشعل فهد السيد (مديرية الدلائل الجنائية) وعبدالله السهمي (مؤسسة الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز).
ويُعد عسيري والقحطاني من أبرز المتورطين في جريمة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، في أكتوبر/تشرين الأول 2018.
رفع الجبري دعوى قضائية بحق بن سلمان أمام محكمة المقاطعة الأميركية في واشنطن، بعد إرساله فرقة اغتيال خاصة إلى تورنتو الكندية لتعقّبه
وجاء في نصّ الاستدعاء الموقّع من القاضية أنجيلا قيصر في محكمة مقاطعة كولومبيا: "إنه خلال 21 يومًا من إرسال هذا الاستدعاء إليك (بدون احتساب اليوم الذي تلقيته) _ أو 60 يومًا إن كنت الولايات المتحدة أو وكالة في الولايات المتحدة، أو ضابطًا أو موظفًا فدراليًا في الولايات المتحدة... عليك أن تقدّم إجابة للمدّعي بموجب الشكوى المرفقة أو الدافع وفق القانون 12 من القوانين الفدرالية للإجراءات المدنية. الإجابة أو الدافع يجب أن يرسلا إلى المدّعي (وهو سعد الجبري) أو محاميه".
ويضيف نصّ الاستدعاء: "في حال فشلت في الاستجابة، سيتم إصدار الحكم الافتراضي ضدّك...". ويشير نصّ الاستدعاء إلى أنّه على المستدعى أن يقدّم "الإجابة أو الدافع" إلى المحكمة نفسها. (للاطلاع على أوراق الاستدعاء انقر هنا).
وكانت صحيفة "ذا ستاندرد" الكندية قد كشفت قبل أيام، عن أن الجبري رفع دعوى قضائية إلى محكمة المقاطعة الأميركية في واشنطن بحق بن سلمان الذي أرسل فرقة اغتيال خاصة، تُعرف باسم "فرقة النمر"، إلى تورنتو الكندية لتعقّبه.
وبحسب الصحيفة، فإنّ فرقة الاغتيال تعقّبت الجبري إلى كندا بعد زرع برنامج تجسس في هاتفه. ووفق فحوى الوثيقة القضائية، فإن فريق الاغتيال حمل معه "حقيبتين من أدوات الطب الشرعي، بالإضافة إلى عنصر متخصص في تنظيف مسرح الجريمة، ومدرب في قسم الأدلة الجنائية، تماماً مثل أخصائي الطب الشرعي الذي كان مسؤولاً عن تقطيع جثة خاشقجي بمنشار عظام". وتضيف الوثيقة أن أفراد الخلية حاولوا دخول كندا متخفّين، "عبر السفر من خلال فيزا سياحية، ومحاولة الدخول عبر أكشاك مختلفة".
ووفقاً للدعوى أيضاً، فقد نشر بن سلمان "شبكة عملاء سريين" في الولايات المتحدة، في محاولة منه لتعقّب مكان الجبري، وقد احتكّ هؤلاء في أكثر من مناسبة بنجل الجبري وأصدقائه في بوسطن.
وتؤكد الوثيقة أن تعقّب الجبري هو جزء من حملة بن سلمان لاستهداف المعارضين في الخارج، وأنه غادر البلاد في مايو/أيار 2017 بعدما وصلت إليه معلومات استخبارية تفيد بأن حياته قد تكون في خطر، وتوجّه إلى تركيا ومنها إلى كندا.
وتضاف محاولة الاغتيال المذكورة إلى سلسلة محاولات فاشلة أخرى لتعقّب الجبري منذ عام 2017، بدأت بمراسلات مباشرة من بن سلمان نفسه لإقناع الأخير بالعودة، عبر إغرائه بـ"وظيفة كبيرة" تارة، ومحاولة إقناعه بوجود مسألة حساسة تخص بن نايف وتتطلب وجوده في البلاد لأخذ مشورته؛ ثمّ تبعت ذلك محاولة استدراجه من خلال صديق قديم له التقاه في كندا، وحاول إقناعه بالعودة إلى إسطنبول "ليكون قريباً من عائلته"؛ ثمّ سعت السلطات السعودية لاستعادته عبر "إنتربول"، ثم اعتقلت ابنيه اللذين بقيا في السعودية، واحتجزتهما كرهينتين للضغط عليه.