اهتزت الساحة السودانية، أمس الإثنين، بمحاولة اغتيال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك عبر هجوم على موكبه خلال توجّهه من منزله في ضاحية كافوري، شمال الخرطوم، إلى مقر عمله في مجلس الوزراء، من دون تسجيل سقوط ضحايا باستثناء إصابة طفيفة لأحد رجال الأمن. وفي وقت توجّهت فيه العديد من أصابع الاتهام نحو النظام السابق، بدا واضحاً أن هذا الحدث سيشكّل نقطة تحوّل أساسية في التحديات أمام السلطة الانتقالية وأجهزتها الأمنية، مع النظر لمحاولة الاغتيال على أنها استهداف للثورة التي أطاحت بنظام عمر البشير، ولمدنيتها، ليضع هذا التطور أيضاً امتحاناً جديداً أمام الشراكة في إدارة الدولة بين المدنيين والعسكريين.
وتضاربت الروايات حول كيفية حصول محاولة الاغتيال، صباح أمس، بين إطلاق الرصاص على موكب حمدوك، أو استهدافه بعبوة أو سيارة مفخخة، فيما باشرت الأجهزة الأمنية حملة تحقيقات واسعة، مع إفادات غير مؤكدة عن القبض على مشتبه بهم بعد الحادثة بساعات. كما نقلت وكالة "الأناضول" عن مصدر أمني قوله إنه تم اعتقال أجنبيين على خلفية محاولة الاغتيال.
وأعلن مجلس الوزراء في بيان تلاه أمام الصحافيين وزير الإعلام فيصل محمد صالح، أن موكب حمدوك "تعرض لتفجير إرهابي وإطلاق رصاص أسفل كوبري كوبر ولم يصب رئيس مجلس الوزراء باي أذى وكذلك المجموعة المرافقة له"، ما عدا أحد أفراد الفرقة التشريفية الذي أصيب بشكل طفيف في كتفه. وأضاف البيان أن حمدوك "يمارس مهامه بمكتبه، وقد بدأت السلطات الأمنية إجراءاتها للتحقيق في الحادث". واللافت في البيان أن الحكومة بدا أنها تؤشر بأصابعها للنظام السابق الذي تعتبره المتضرر الأول من قيام الثورة وسقوط حكمه، إذ جاء في البيان: "نعلم أن هناك من يستهدف ثورة الشعب السوداني والمكاسب التي حققها بنضالاته ودماء شهدائه، لكننا نؤكد أن إرادة الثورة باقية وأن مسيرتها مستمرة ولن تفقد بوصلتها أبداً، وأن الإرادة الشعبية الغلابة ووحدة قوى التغيير هي ضمان استمرار ثورتها وهي الإرادة التي ستجعل الردة مستحيلة". وشددت الحكومة على أنها ستتعامل بالحسم اللازم مع كل المحاولات الإرهابية والتخريبية، والمُضي قدماً في تنفيذ مهام الثورة وتفكيك ركائز النظام القديم، حسب ما جاء في البيان.
من جهتها، أعلنت النيابة العامة في بيان، أن الهجوم على رئيس الوزراء تم التخطيط له بصورة احترافية سواء من حيث المكان أو الزمان، وهو بذلك يُشكّل جريمة ضد الدولة مكتملة الأركان بموجب القانون الجنائي، وقانون مكافحة الإرهاب وقانون الأسلحة والذخيرة، مشيرة إلى أنها بدأت تحقيقاتها بعد وصول النائب العام، تاج السر الحبر، إلى مسرح الأحداث، مذكّرة بأن إدارة الأدلة الجنائية بالشرطة وكل أجهزة الدولة المعنية تشارك في التحقيق والبحث الجنائي للقبض على الجناة. وأكدت النيابة أن كل أجهزة الدولة ستواصل مواجهة أي عمل إرهابي بالحزم اللازم وفق أحكام القانون، وستواصل النيابة العامة بمهنية عالية التحقيقات في كل قضايا رموز النظام السابق، خصوصاً قضايا العنف والقتل خارج نطاق القضاء والجرائم ضد الإنسانية وممارسة عمليات القتل والسجن والإرهاب التي وقعت في مواجهة المتظاهرين السلميين. وناشدت النيابة جميع المواطنين التحلي بالوعي اللازم والإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة، مبينة أن تفكيك التنظيمات الإرهابية والخلايا التابعة لها هي من أولويات الأجهزة الشرطية والأمنية وكل أجهزة الدولة ذات الصلة.
أما حمدوك، الذي تولى السلطة في أغسطس/ آب الماضي، فلم يدخل في أي تفاصيل عن الواقعة، وطمأن عقب ساعات من الحادثة، عبر "تويتر" و"فيسبوك"، الشعب السوداني على صحته، مؤكداً أن "ما حدث لن يوقف مسيرة التغيير ولن يكون إلا دفقة إضافية في موج الثورة العاتي، فهذه الثورة محمية بسلميتها وكان مهرها دماء غالية بذلت من أجل غدٍ أفضل وسلام مستدام". وبث التلفزيون الرسمي صوراً لحمدوك وهو يستقبل أعضاء تحالف "الحرية والتغيير" وأعضاء مجلس الوزراء أمام مكتبه وهو يصافحهم.
أما تحالف قوى "إعلان الحرية والتغيير" الحاكم، والذي رشح حمدوك للمنصب، فقد اتفق مع بيان الحكومة في توصيف طبيعة الهجوم وتصنيفه كهجوم إرهابي بكل ما يحمله التوصيف من مغزى وأبعاد. وقال التحالف في بيان، إن "هذا الهجوم الإرهابي يشكل امتداداً لمحاولات قوى الردة للانقضاض على الثورة السودانية وإجهاضها، وهي محاولات ظلت تتكسر واحدة تلو الأخرى على سد قوة الشعب العظيم الذي لا يقهر". ودعا التحالف المواطنين إلى الخروج في مواكب "والتوجه إلى ساحة الحرية لإظهار وحدتنا" وحماية الثورة ودعم السلطة الانتقالية. وشدد في بيان، على أنه "في هذه اللحظات الحرجة من تاريخ ثورتنا، فإن قوة الشعب وحدها هي التي ستجهض محاولات الانقضاض على الثورة".
والتقط حزب البشير، "المؤتمر الوطني"، المحلول، إشارات الاتهام المبطنة، فعمد رئيسه المكلف، وزير الخارجية الأسبق إبراهيم غندور، إلى إصدار بيان مقتضب دان فيه محاولة الاغتيال، التي عدّها "وبغضّ النظر عمن يقف وراءها والمستفيد منها، حادثة دخيلة على المجتمع السوداني وقيمه وتسامحه". وطالب غندور الحكومة بتحمّل مسؤوليتها في بسط الأمن ومنع البلد من الانحدار إلى الفوضى في ظل الضائقة الاقتصادية وتردي الخدمات، و"الجهات المختصة بسرعة الكشف عن خيوط المؤامرة التي تريد جر السودان إلى مستنقع الدماء والفتن".
اقــرأ أيضاً
كما صدرت مواقف دولية وإقليمية منددة بمحاولة الاغتيال وداعمة لحمدوك. وقال مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية تايبور ناجي: "إننا نراقب الوضع عن قرب، والولايات المتحدة تدعم بصورة قوية القيادة المدنية للحكومة الانتقالية وتقف معها ومع الشعب السوداني". كما وصف السفير البريطاني في السودان عرفان صديق محاولة الاغتيال بأنها "حدث مقلق للغاية... يؤكد مجدداً الطبيعة الهشة لهذه المرحلة الانتقالية والدور الحيوي الذي يقوم به رئيس الوزراء".
من جهته، ندد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بمحاولة الاغتيال، وقال في بيان، إن "الشعب السوداني دفع ثمناً عظيماً من أجل خطوة غالية لخلق السلام، ومثل هذه الحادثة لا تعرقل هذه الخطوة فحسب، ولكنها تهدد استقرار السودان". كذلك أعربت وزارة الخارجية المصرية عن "ارتياح مصر لفشل المحاولة الآثمة ونجاة حمدوك". بدورها، وصفت وزارة الخارجية القطرية محاولة الاغتيال بأنها "عمل إجرامي مرفوض"، مشددة على "ضرورة ملاحقة الضالعين فيها وتقديمهم للعدالة".
كما دانت الهيئة الحكومية للتنمية بشرق أفريقيا "إيغاد"، محاولة اغتيال حمدوك، ودعت إلى تحقيق فوري وسريع في الحادثة. وجاء ذلك في بيان صادر عن الأمين التنفيذي للهيئة الحكومية للتنمية، وورنه جبيهيو، الذي شدد على أن "مصالح الشعب السوداني وتطلعاته سوف تسود على جميع أعمال الإرهاب"، داعياً جميع الأطراف للالتزام باستمرار الحوار السياسي المفتوح والشامل باعتباره السبيل الوحيد لضمان الاستقرار والسلام والرخاء على المدى الطويل. كما دعا المجتمع الدولي إلى الوقوف مع شعب وحكومة السودان من خلال تقديم الدعم السياسي والدبلوماسي والمادي المطلوب خلال الفترة الانتقالية، لضمان إرساء أسس السلام والأمن والاستقرار.
وأعربت البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في إقليم دارفور غرب السودان (يوناميد)، عن أسفها لمحاولة الاغتيال. وقال رئيس البعثة جيريمايا ماما بولو، في بيان: "أصبنا بصدمة عميقة وحزن شديد إزاء هذا الحادث الخطير، الذي يدل على أنَّ مرتكب هذا الفعل الشنيع يهدف إلى إخراج الفترة الانتقالية عن مسارها واستهداف آمال الشعب السوداني في الانتقال إلى السلام والحرية والعدالة". وأضاف "تؤكد يوناميد وقيادتها مجدداً دعمهما الكامل لرئيس الوزراء في مساعيه لرؤية السودان من خلال انتقال ناجح بطريقة تحقق آمال الشعب السوداني وتطلعاته الى مستقبل سلمي ومستقر ومزدهر".
وتعليقاً على هذا التطور، رأى رئيس المجلس المركزي لـ"قوى الحرية والتغيير" كمال بولاد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الحادث بكل تداعياته سيشكّل نقطة تحوّل في مسار الصراع السياسي في البلاد ومجابهة التحديات ومهام الفترة الانتقالية، مشيراً إلى ضرورة الحسم الشديد في مواجهة أفعال كهذا، لأن الحادث ليس استهدافاً لرئيس الوزراء في شخصه "إنما استهداف لرمزية مدنية الثورة". وشدد على ضرورة "اقتلاع جذور نظام الفساد والإفساد الذي جثم على ظهر البلاد لثلاثة عقود". ولفت إلى أن الواقعة تُعد امتحاناً حقيقياً للأجهزة الأمنية في ظل الثورة، وامتحاناً آخر للشراكة في إدارة الدولة ما بين المدنيين والعسكريين، معتبراً أن المنفذين قصدوا تنفيذ جريمتهم وتوجيه رسالة في بريد الثورة، وأن المستفيد الوحيد مما جرى هم الذين يحاولون إعادة النظام السابق بعدما تضررت مصالحهم بعد التغيير.
ووافق القيادي في "التجمّع الاتحادي" المشارك في الحكومة، بابكر فيصل، على ما ذهب إليه بولاد لجهة استهداف الرمزية العليا للثورة بواسطة الذين تضررت مصالحهم "فهؤلاء يريدون الآن إرسال رسائل ضد سلمية الثورة السودانية باستخدام أسلوب الاغتيال والتفجير". وطالب فيصل في حديث مع "العربي الجديد"، الحكومة بتحمّل مسؤوليتها في التحقيق والكشف عن الجناة وتقديمهم للمحاكمة، مستبعداً أن يلقي الحادث بأي ظلال أمنية وسياسية، إلا إذا تكشفت خيوط عميقة ومخططات أكبر، حينها ستكون ربما أمام الأجهزة الأمنية والسياسية خيارات مختلفة في التعاطي معها.
من جهته، أكد الأمين السياسي لحزب "المؤتمر الشعبي" المعارض، إدريس سليمان، إدانة الحادثة بأشد العبارات، مشدداً على أهمية التحقيق الشفاف والنزيه لكشف الحقائق وتقديم المتورطين للمحاكمة. واستنكر سليمان، في حديث لـ"العربي الجديد"، توجيه أي إتهام في هذا الوقت المبكر لأي جهة، بما في ذلك النظام السابق، قبل انتهاء التحقيقات، مستبعداً فرضية تورط الدولة العميقة في الحادث، "ذلك لأن تلك الدولة من أكبر المستفيدين من بقاء حمدوك وحكومته في ظل الفشل البائن الذي ظهروا به في إدارتهم للدولة سياسياً واقتصادياً، بالتالي تقدّم أكبر خدمة للمعارضة وللنظام السابق على وجه التحديد". وأعرب عن أمله في ألا يقود الحادث إلى أي تداعيات أمنية، محذراً من استخدام الحادث كذريعة لمزيد من كبت الحريات العامة.
في السياق نفسه، أكد القيادي في حركة "الإصلاح الآن"، أسامة توفيق، لـ"العربي الجديد"، أهمية التحقيق وكشف الجناة وتقديمهم للمحاكمة مع إدانة سياسية كاملة للحادث. ووصف توفيق التخطيط وتنفيذ الجريمة بأنها تمت بطريقة فطرية ولا تتشابه مع محاولات اغتيال على مستوى العالم العربي، كما حدث لرئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري. ولم يستبعد وقوف مخابرات أجنبية وراء المحاولة بهدف إغراق البلاد في الفوضى ومن ثم تنفيذ أجندتها وذلك بحجة التزام الأحزاب السياسية طيلة عقود بممارسة سياسة سلمية ولم تنجر في يوم من الأيام لاستخدام أسلوب الاغتيال، مرجحاً أن تكون المحاولة مجرد رسالة في بريد الحكومة أو خطة لإعادة الشعبية المفقودة لحمدوك بعد الفشل المتلاحق له، مؤكداً أن كل شيء سيُكشف بعد التحقيق الشفاف والنزيه.
وأعلن مجلس الوزراء في بيان تلاه أمام الصحافيين وزير الإعلام فيصل محمد صالح، أن موكب حمدوك "تعرض لتفجير إرهابي وإطلاق رصاص أسفل كوبري كوبر ولم يصب رئيس مجلس الوزراء باي أذى وكذلك المجموعة المرافقة له"، ما عدا أحد أفراد الفرقة التشريفية الذي أصيب بشكل طفيف في كتفه. وأضاف البيان أن حمدوك "يمارس مهامه بمكتبه، وقد بدأت السلطات الأمنية إجراءاتها للتحقيق في الحادث". واللافت في البيان أن الحكومة بدا أنها تؤشر بأصابعها للنظام السابق الذي تعتبره المتضرر الأول من قيام الثورة وسقوط حكمه، إذ جاء في البيان: "نعلم أن هناك من يستهدف ثورة الشعب السوداني والمكاسب التي حققها بنضالاته ودماء شهدائه، لكننا نؤكد أن إرادة الثورة باقية وأن مسيرتها مستمرة ولن تفقد بوصلتها أبداً، وأن الإرادة الشعبية الغلابة ووحدة قوى التغيير هي ضمان استمرار ثورتها وهي الإرادة التي ستجعل الردة مستحيلة". وشددت الحكومة على أنها ستتعامل بالحسم اللازم مع كل المحاولات الإرهابية والتخريبية، والمُضي قدماً في تنفيذ مهام الثورة وتفكيك ركائز النظام القديم، حسب ما جاء في البيان.
أما حمدوك، الذي تولى السلطة في أغسطس/ آب الماضي، فلم يدخل في أي تفاصيل عن الواقعة، وطمأن عقب ساعات من الحادثة، عبر "تويتر" و"فيسبوك"، الشعب السوداني على صحته، مؤكداً أن "ما حدث لن يوقف مسيرة التغيير ولن يكون إلا دفقة إضافية في موج الثورة العاتي، فهذه الثورة محمية بسلميتها وكان مهرها دماء غالية بذلت من أجل غدٍ أفضل وسلام مستدام". وبث التلفزيون الرسمي صوراً لحمدوك وهو يستقبل أعضاء تحالف "الحرية والتغيير" وأعضاء مجلس الوزراء أمام مكتبه وهو يصافحهم.
أما تحالف قوى "إعلان الحرية والتغيير" الحاكم، والذي رشح حمدوك للمنصب، فقد اتفق مع بيان الحكومة في توصيف طبيعة الهجوم وتصنيفه كهجوم إرهابي بكل ما يحمله التوصيف من مغزى وأبعاد. وقال التحالف في بيان، إن "هذا الهجوم الإرهابي يشكل امتداداً لمحاولات قوى الردة للانقضاض على الثورة السودانية وإجهاضها، وهي محاولات ظلت تتكسر واحدة تلو الأخرى على سد قوة الشعب العظيم الذي لا يقهر". ودعا التحالف المواطنين إلى الخروج في مواكب "والتوجه إلى ساحة الحرية لإظهار وحدتنا" وحماية الثورة ودعم السلطة الانتقالية. وشدد في بيان، على أنه "في هذه اللحظات الحرجة من تاريخ ثورتنا، فإن قوة الشعب وحدها هي التي ستجهض محاولات الانقضاض على الثورة".
والتقط حزب البشير، "المؤتمر الوطني"، المحلول، إشارات الاتهام المبطنة، فعمد رئيسه المكلف، وزير الخارجية الأسبق إبراهيم غندور، إلى إصدار بيان مقتضب دان فيه محاولة الاغتيال، التي عدّها "وبغضّ النظر عمن يقف وراءها والمستفيد منها، حادثة دخيلة على المجتمع السوداني وقيمه وتسامحه". وطالب غندور الحكومة بتحمّل مسؤوليتها في بسط الأمن ومنع البلد من الانحدار إلى الفوضى في ظل الضائقة الاقتصادية وتردي الخدمات، و"الجهات المختصة بسرعة الكشف عن خيوط المؤامرة التي تريد جر السودان إلى مستنقع الدماء والفتن".
كما صدرت مواقف دولية وإقليمية منددة بمحاولة الاغتيال وداعمة لحمدوك. وقال مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية تايبور ناجي: "إننا نراقب الوضع عن قرب، والولايات المتحدة تدعم بصورة قوية القيادة المدنية للحكومة الانتقالية وتقف معها ومع الشعب السوداني". كما وصف السفير البريطاني في السودان عرفان صديق محاولة الاغتيال بأنها "حدث مقلق للغاية... يؤكد مجدداً الطبيعة الهشة لهذه المرحلة الانتقالية والدور الحيوي الذي يقوم به رئيس الوزراء".
من جهته، ندد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بمحاولة الاغتيال، وقال في بيان، إن "الشعب السوداني دفع ثمناً عظيماً من أجل خطوة غالية لخلق السلام، ومثل هذه الحادثة لا تعرقل هذه الخطوة فحسب، ولكنها تهدد استقرار السودان". كذلك أعربت وزارة الخارجية المصرية عن "ارتياح مصر لفشل المحاولة الآثمة ونجاة حمدوك". بدورها، وصفت وزارة الخارجية القطرية محاولة الاغتيال بأنها "عمل إجرامي مرفوض"، مشددة على "ضرورة ملاحقة الضالعين فيها وتقديمهم للعدالة".
كما دانت الهيئة الحكومية للتنمية بشرق أفريقيا "إيغاد"، محاولة اغتيال حمدوك، ودعت إلى تحقيق فوري وسريع في الحادثة. وجاء ذلك في بيان صادر عن الأمين التنفيذي للهيئة الحكومية للتنمية، وورنه جبيهيو، الذي شدد على أن "مصالح الشعب السوداني وتطلعاته سوف تسود على جميع أعمال الإرهاب"، داعياً جميع الأطراف للالتزام باستمرار الحوار السياسي المفتوح والشامل باعتباره السبيل الوحيد لضمان الاستقرار والسلام والرخاء على المدى الطويل. كما دعا المجتمع الدولي إلى الوقوف مع شعب وحكومة السودان من خلال تقديم الدعم السياسي والدبلوماسي والمادي المطلوب خلال الفترة الانتقالية، لضمان إرساء أسس السلام والأمن والاستقرار.
وأعربت البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في إقليم دارفور غرب السودان (يوناميد)، عن أسفها لمحاولة الاغتيال. وقال رئيس البعثة جيريمايا ماما بولو، في بيان: "أصبنا بصدمة عميقة وحزن شديد إزاء هذا الحادث الخطير، الذي يدل على أنَّ مرتكب هذا الفعل الشنيع يهدف إلى إخراج الفترة الانتقالية عن مسارها واستهداف آمال الشعب السوداني في الانتقال إلى السلام والحرية والعدالة". وأضاف "تؤكد يوناميد وقيادتها مجدداً دعمهما الكامل لرئيس الوزراء في مساعيه لرؤية السودان من خلال انتقال ناجح بطريقة تحقق آمال الشعب السوداني وتطلعاته الى مستقبل سلمي ومستقر ومزدهر".
وتعليقاً على هذا التطور، رأى رئيس المجلس المركزي لـ"قوى الحرية والتغيير" كمال بولاد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الحادث بكل تداعياته سيشكّل نقطة تحوّل في مسار الصراع السياسي في البلاد ومجابهة التحديات ومهام الفترة الانتقالية، مشيراً إلى ضرورة الحسم الشديد في مواجهة أفعال كهذا، لأن الحادث ليس استهدافاً لرئيس الوزراء في شخصه "إنما استهداف لرمزية مدنية الثورة". وشدد على ضرورة "اقتلاع جذور نظام الفساد والإفساد الذي جثم على ظهر البلاد لثلاثة عقود". ولفت إلى أن الواقعة تُعد امتحاناً حقيقياً للأجهزة الأمنية في ظل الثورة، وامتحاناً آخر للشراكة في إدارة الدولة ما بين المدنيين والعسكريين، معتبراً أن المنفذين قصدوا تنفيذ جريمتهم وتوجيه رسالة في بريد الثورة، وأن المستفيد الوحيد مما جرى هم الذين يحاولون إعادة النظام السابق بعدما تضررت مصالحهم بعد التغيير.
ووافق القيادي في "التجمّع الاتحادي" المشارك في الحكومة، بابكر فيصل، على ما ذهب إليه بولاد لجهة استهداف الرمزية العليا للثورة بواسطة الذين تضررت مصالحهم "فهؤلاء يريدون الآن إرسال رسائل ضد سلمية الثورة السودانية باستخدام أسلوب الاغتيال والتفجير". وطالب فيصل في حديث مع "العربي الجديد"، الحكومة بتحمّل مسؤوليتها في التحقيق والكشف عن الجناة وتقديمهم للمحاكمة، مستبعداً أن يلقي الحادث بأي ظلال أمنية وسياسية، إلا إذا تكشفت خيوط عميقة ومخططات أكبر، حينها ستكون ربما أمام الأجهزة الأمنية والسياسية خيارات مختلفة في التعاطي معها.
في السياق نفسه، أكد القيادي في حركة "الإصلاح الآن"، أسامة توفيق، لـ"العربي الجديد"، أهمية التحقيق وكشف الجناة وتقديمهم للمحاكمة مع إدانة سياسية كاملة للحادث. ووصف توفيق التخطيط وتنفيذ الجريمة بأنها تمت بطريقة فطرية ولا تتشابه مع محاولات اغتيال على مستوى العالم العربي، كما حدث لرئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري. ولم يستبعد وقوف مخابرات أجنبية وراء المحاولة بهدف إغراق البلاد في الفوضى ومن ثم تنفيذ أجندتها وذلك بحجة التزام الأحزاب السياسية طيلة عقود بممارسة سياسة سلمية ولم تنجر في يوم من الأيام لاستخدام أسلوب الاغتيال، مرجحاً أن تكون المحاولة مجرد رسالة في بريد الحكومة أو خطة لإعادة الشعبية المفقودة لحمدوك بعد الفشل المتلاحق له، مؤكداً أن كل شيء سيُكشف بعد التحقيق الشفاف والنزيه.