محاولة أخيرة لإنقاذ وثيقة قرطاج في اجتماع اليوم مع السبسي

13 مارس 2018
يُعقد الاجتماع في ظروف اجتماعية صعبة (ياسين قايدي/فرانس برس)
+ الخط -
يلتقي ما بقي من الأحزاب والمنظمات الموقعة على وثيقة قرطاج، اليوم الثلاثاء، مع الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، في محاولةٍ قد تبدو الأخيرة لإنقاذ هذه الوثيقة، أو ما بقي منها، بعد انسحاب عددٍ من الأحزاب، كـ"آفاق تونس" و"مشروع تونس" و"الحزب الجمهوري" و"حركة الشعب".

واعتبر الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، في لقاءٍ نقابي عُقد منذ أيام، أن اجتماع اليوم "سيكون فارقاً، وسيتم بالمصارحة والوضوح، بعيداً عن المحاباة، وأن المنظمة، لن تغادر وثيقة قرطاج".

ويُعقد هذا الاجتماع في ظلّ ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية في تونس تتصف بالتوتر الشديد، جعلت الوضع يبدو وكأنه يسير في طريق مسدود، بعد تصاعد الصراعات مع الحكومة في أكثر من جهة، وفي قطاعات حسّاسة للغاية. وفي وقت تفضل فيه غالبية الأحزاب إرجاء التحوير (التعديل) الحكومي، إلى ما بعد الانتخابات البلدية، تطالب المنظمة النقابية بضخّ دماء جديدة في الحكومة، معتبرة ذلك أمراً مستعجلاً.

ويبدو أن "اتحاد الشغل" أصبح يمسك بزمام المبادرة، فهو المحرك والوسيط الأوحد تقريباً، الذي يتفاوض مع الغاضبين والمحتجين، وهو أهم أطراف السلم الإجتماعي في جميع القطاعات المهنية، كما يعرف مسؤولوه أنهم حجر الزاوية في هذه الوثيقة منذ تأسيسها.

ولذلك اعتبر الطبوبي أنه آن الأوان للقيام بتقييمات موضوعية وجدّية، لأن "الاتحاد" لن يكون شاهد زور، ولن يكون حضوره مجرد صورة إعلامية، بل أن هدفه هو خدمة تونس على ضوء خيارات وبرامج تقدمية، تؤسس لدولة مدنية تقدمية، تتوفر فيها التنمية المستدامة.

وحتى عندما حاول رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد الاحتفاظ ببعض أوراق اللعبة، معلناً أنه الوحيد المسؤول عن التغيير الحكومي، جاء رد الطبوبي قاطعاً بالقول "نحن لا ننازعك في صلاحياتك ولا ننازع في صلاحيات أي مؤسسة دستورية، ولكن بما أنك تترأس السلطة التنفيذية، فأنت مؤتمن على تونس، ومطالب بالأرقام والنتائج، وعندما أنظر وأتمعن في نتائجك أجدها اليوم كلها سلبية".


وفي هذا الشأن، اعتبر المتحدث الرسمي بإسم "حركة النهضة"، عماد الخميري، في تصريح لـ"العربي الجديد" أن اجتماع الأحزاب الموقعة على وثيقة قرطاج في قصر الرئاسة، دليل على أن الوثيقة لا تزال موجودة، والموقعون عليها يجتمعون، وهي الإطار الجامع للأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية، مبيناً أن حركة "النهضة" ستكون موجودة ضمن هذا الاجتماع الذي سيخصص جزء منه لمسائل اقتصادية واجتماعية.

وأوضح الخميري أن "النهضة" عقدت  مساء أمس الإثنين اجتماعاً للمزيد من تحديد المحاور التي تضمنتها وثيقة قرطاج، والتأكيد على الجهود المبذولة في مجال مكافحة الإرهاب ومقاومة الفساد، وهي خطوات جيدة قامت بها حكومة الوحدة الوطنية، وحققت فيها إنجازات مهمة، مؤكداً أن النهضة تعتبر أن مواصلة هذا النهج مطلوبة، ولا بد من مضاعفة العمل لمقاومة الإرهاب، وتفكيك شبكات الفساد وإعادة العافية للاقتصاد.

ولفت المتحدث باسم "النهضة" إلى أن هناك  محاور ونقاطاً هامة تتعلق بدفع الإقتصاد إلى الأمام، واستعادة النمو، والمحافظة على القدرة الشرائية للتونسيين، وإحكام السيطرة على مسالك التوزيع وتفكيك شبكات التهريب، أما بقية الأبواب فتندرج ضمن الإصلاحات الكبرى، وأي تأخير فيها ستكون له انعكاسات سلبية على الاقتصاد وعلى معالجات الحكومة لملفاتها.

وتحدث الخميري كذلك عن أهمية إصلاح الصناديق الإجتماعية والوظيفة العامة، وإصلاح المؤسسات العامة، والقطاع المصرفي، وهي جلها إصلاحات هيكلية عميقة، معتبراً أن أي حكومة لا يمكنها المضي بهذه الإصلاحات وتنفيذها إلا في إطار وفاق وتوافق بين الأحزاب والمنظمات الإجتماعية، لكي تصبح للحكومة القدرة والإدارة على تنفيذ هذه الإصلاحات.

من جهته، اعتبر النائب عن "الإتحاد الوطني الحر"، نور الدين المرابطي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الأسس والمبادئ التي قامت عليها وثيقة قرطاج لا خلاف حولها، ولكن الحكومة للأسف كانت بعيدة كل البعد عن الأهداف والتوقعات، معتبراً أن الحكومة فشلت فشلاً ذريعاً في تحقيق الأهداف المرسومة في وثيقة قرطاج.

ولفت المرابطي إلى أن الانطباع العام هو أن شعارات مقاومة الفساد التي رفعتها الحكومة، هي مجرد محاولات للتغطية على الفشل الحاصل، خاصة في المجال الإقتصادي، مؤكداً أن "الاتحاد الوطني سيحضر اجتماع  الأحزاب الموقعة على وثيقة قرطاج ولديه عديد الملاحظات".

وشدد المرابطي على أن الوضع الاجتماعي متردٍ، ورغم ذلك لم تقدم الحكومة مبادرات جدية لإصلاح الأوضاع في تونس، أو طرحت الموضوع للحوار، بل ظلت منغلقة على ذاتها من دون أي اتصال بينها وبين الأحزاب، وبالتالي ظلّ الوضع العام غامضاً، والوضع الإقتصادي متأزماً، ما عزّز الانطباع بأن الحكومة في وادٍ، والشعب في وادٍ آخر. 


من جهته، اعتبر رئيس كتلة "الجبهة الشعبية اليسارية" المعارضة بالبرلمان، أحمد الصديق، أن الكتلة لا تنتظر شيئاً من اجتماع وثيقة قرطاج اليوم.

ورأى الصديق، في تصريح لإذاعة  "موزاييك"، أن الضغوط المتبادلة بين مكوني الائتلاف الحاكم هي بداية التحضير لخريطة داخلية في ما بينهم لما بعد الانتخابات البلدية. وأضاف: ''أمّا بخصوص الحياة السياسية الداخلية للائتلاف الحاكم، فإنّ الصراع على أشده، والاجتماع هو شكل من أشكال إدارة هذا الصراع باتجاه تغيير وزاري ربما''.