وقال المتحدث الرسمي باسم مكتب الإعلام الحربي لعملية "بركان الغضب" التابعة للجيش، عبد المالك المدني، إنّ "وحدات من الجيش تقوم حالياً بتحصين تمركزاتها ومواقعها التي استعادتها من قوات حفتر خلال الساعات الماضية"، مؤكداً أنّ "الهدوء الحذر يغلب علي أوضاع معظم محاور القتال خلال ساعات اليوم".
وأوضح المدني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، أنّ "عمليات الجيش القتالية، أمس الاثنين، انتهت باسترجاع تمركزاتها السابقة، بالإضافة إلى السيطرة على تمركزات جديد"، مشيرا إلى استحواذ الجيش على أسلحة وآليات لقوات حفتر وأسر عدد من مقاتليه، مؤكدا أن المواقع التي سيطرت عليها قوات الجيش هي "معسكر اليرموك، وأربع شوارع النهر، وعمارة العظم بمنطقة خلة الفرجان".
وفيما لفت المدني إلى أنّ "مليشيات حفتر ككل مرة بعد خسارتها لجأت إلى استهداف المناطق المدنية في صلاح الدين والهضبة والبدري بصواريخ وقذائف عشوائية نتج عنها عدد من الإصابات وحالة من الهلع والخوف بين المدنيين"، أعلنت قيادة قوات حفتر عن "قرب انتهاء المرحلة الأخيرة من معركة طرابلس".
وقال المتحدث الرسمي باسم قيادة قوات حفتر، في مؤتمر صحافي، ليل البارحة الاثنين، إنّ "المعارك الدائرة في العاصمة طرابلس اقتربت، وبشكل كبير، من إنهاء المرحلة الأخيرة للدخول إلى العاصمة طرابلس".
وفيما هاجم المسماري مجدداً قوات الجيش، معتبراً أنّها "مجموعات إرهابية" تقوم قوات حفتر بـ"تطهير البلاد منها"، أكد أنّ "سلاح الجو يسيطر بشكل كامل على أجواء محاور المعارك، وكذا بقية المدن المرتبطة بمعركة طرابلس وكافة التحركات"، كاشفاً عن تدمير مخازن أسلحة ومنظومات دفاع جوي جديدة وطائرة مسيرة بقاعدة معيتيقة ومدينة مصراتة، في إشارة إلى الغارات التي نفذتها طائرات حفتر أول من أمس على المطارين المدنيين.
وإزاء تلك التصريحات، أكد الخبير العسكري الليبي محيي الدين زكري، أنّ "الغالب على محاور القتال هو وضع المراوحة الميدانية"، مشيراً إلى أنّ تصريحات قادة قوات الجيش "حددت بشكل واضح أنّ معارك أمس كانت لاسترجاع مواقع فقدتها في السابق".
وقال زكري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذا يؤكد أنّ عمليات كر وفر تجري في هذه المعركة، وتتناوب القوتان في السيطرة على هذه المواقع العسكرية، وأن التوصيف العسكري لهذا الشكل من القتال هو المراوحة في المكان".
ولكن زكري من جانب آخر يرى أنّ كلا الطرفين يحاول نقل معركته من الدفاع إلى الهجوم، فـ"قوات حفتر تركز قتالها على المحاور القريبة من قلب العاصمة للنفاذ إلى داخلها، ما يصورها حققت مكاسب كبيرة على الأرض، كما أنّ قوات الجيش تتجه إلى إشعال الجبهات البعيدة في وادي الربيع مثلاً لتشتيت جهد قوات حفتر القتالي".
وعن إعلان المسماري عن قرب انتهاء المرحلة الأخيرة من معركة طرابلس، أكد أنّ "واقع الميدان لا يدعم إعلانه، فكثيراً ما سمعنا بالمرحلة الأخيرة فيما لم تتبين حتى الآن خطط حفتر للتعرف أصلا على المراحل الأولى"، مشيراً إلى أنها تصريحات "تعبوية للمقاتلين أكثر منها واقعية"، وتساءل: "لا أعلم كيف تكون المرحلة الأخيرة وهي تقف في ذات المواقع منذ ثمانية أشهر وأمامها عشرات الكيلومترات لتصل إلى قبل العاصمة، فضلا عن الأحياء الأخرى التي تضم معسكرات كبيرة تشغلها قوات الحكومة".
أما المحلل السياسي الليبي مروان ذويب، فيرى أنّ تصريحات المسماري ربما تقصد بها "تكتيك الاستنزاف"، مؤكداً أن "حقيقة وواقع الخسائر بعد دخول المعركة لشهرها الثامن غير معروفة لنتأكد من قدرة أي طرف على استنزاف الآخر".
ويؤكد ذويب، لــ"العربي الجديد"، أنّه يعتبر تصريحات المسماري "إعلامية في جانب منها لتسويق هدف سياسي لدى الرأي العام، خصوصاً مع تراجع قدرة قوات الحكومية الجوية وكثافة الضربات الجوية للطيران الداعم لحفتر، ما يساعد على تسويق مزاعم المسماري".
وتابع ذويب أنّ "تباطؤ التحضير لقمة برلين للبت في شكل حل الأزمة الليبية له علاقة بنشاط العمليات القتالية في الآونة الأخيرة، فكلا طرفي القتال يسعى لتسجيل نصر جديد يعطيه أوراقاً تفاوضية ويعزز من موقعه في أي شكل للحل قد يفرض على ليبيا دولياً، أو من خلال مجلس الأمن"، لافتاً إلى "وجود معرقلين من حلفاء حفتر يقفون في طريق تسريع عقد القمة في برلين لإتاحة فرصة جديدة للواء المتقاعد لتحقيق أي نصر".
وأوضح أنّ "حفتر يدرك جيداً أنّ الحديث عن مرحلة أخيرة مجرد كلام غير واقعي، وعجزه عن تحقيق أي تقدم جديدة وبقاءه في ذات المواقع سيحسب عند حلفائه بأنه فشل في كل الأحوال، ومن جانب الحكومة تدرك جيداً أنّ بقاء حفتر في مواقعه حتى دون تقدم يعني فرضه كرقم في أي معادلة للتسوية والحل، ولذا عليها إجباره على الخروج من طرابلس".