كشف مصدر أوروبي بارز لـ"العربي الجديد" أن هناك ترتيبات في العاصمة الألمانية لعقد لقاء مصري تركي، بتنسيق روسي ألماني، موضحة أن هناك محاولات لكسر حالة العداء والجمود في العلاقات بين أنقرة والقاهرة، عبر لقاء منخفض المستوى وليس على مستوى رؤساء البلدين أو وزراء الخارجية، ليكون بداية في فتح قنوات اتصال بين الجانبين.
وقللت مصادر مصرية وغربية بالقاهرة من حجم التوقعات بشأن مؤتمر برلين لحل الأزمة الليبية، مؤكدة أنه في ظل الحديث عن طموحات كبيرة تصل إلى حد التوصل لتسوية سياسية شاملة للأزمة الليبية، فإن سقف المتاح على أرض الواقع أقل بكثير، لافتة إلى أن هناك أجندة أساسية للاجتماع تتضمن البحث عن آلية تضمن وقف إطلاق النار لفترة طويلة.
وقالت مصادر غربية بالقاهرة، لـ"العربي الجديد"، إن هناك رغبة أوروبية من بعض القوى الأوروبية الكبرى التي تتبنى موقفا أكثر حيادية، مثل ألمانيا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي، تسعى للتوصل إلى اتفاق شامل، يضمن حلا جذريا للأزمة، في حين ترغب القوى سواء الأوروبية أو العربية صاحبة المصالح في ليبيا في تهدئة للملف تحفظ موضع قدم لها في المشهد الليبي بشكل يحقق مصالحها.
وبحسب المصادر فإن هناك تصورا مقترحا للعرض على القادة المجتمعين في برلين يتضمن التوافق حول رئيس لحكومة وحدة وطنية، تنتقل لها صلاحيات حكومة التوافق الوطني، على أن يتولى فايز السراج منصب رئيس جمهورية بصلاحيات شرفية.
وأوضحت المصادر أنه قبل التوجه إلى برلين، قدم قائد مليشيات شرق ليبيا اللواء المتقاعد خليفة حفتر تعهدات مكتوبة للجانب الروسي، بالحفاظ على حالة التهدئة ووقف إطلاق النار، ولكن بعيدا عن اتفاق التسوية الأوسع الذي جاء بمبادرة روسية تركية، واعترضت عليه كل من مصر والإمارات والسعودية لما يسمح به من دور تركي كبير.
وقالت المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد" إن هناك توافقا مصريا إماراتيا بشأن رؤية تتضمن إعادة توزيع الثروة والموارد النفطية، باتفاق جديد يسمح لمعسكر شرق ليبيا بحق إدارة الموارد النفطية وليس تأمين آبار النفط فقط وذهاب عائداتها للمصرف المركزي الذي تسيطر عليه حكومة السراج.
وأوضحت المصادر الغربية أن القاهرة ترغب في حصة اقتصادية تتحصل عليها من حفتر مقابل دعمها له على مدار الفترة الماضية.
وجددت مصر تأكيدها عدم الاعتراف بأي مليشيات أيا كان مسماها أو وضعها على الأرض في ليبيا، موضحة أن رؤيتها أمام مؤتمر برلين تتبنى "إيجاد حل جذري وشامل للخطر المتفاقم على حدودها الغربية".
وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية، بسام راضي، في تصريحات صحافية إن الرؤية المصرية تضمنت دعوة الأمم المتحدة ومجلس الأمن للحد من تدخل دول بعينها بتوفير الدعم والغطاء لهذه التنظيمات الإرهابية وأفرادها من المسلحين.
وعن مؤتمر ليبيا في برلين، أكد راضي أن القاهرة تعوّل كثيرا على هذا المؤتمر بالتوازي مع قدر الحاجة الفعلية للحد من المخاطر المهددة لمنطقة البحر المتوسط وأوروبا.
وأضاف: "ليبيا مسألة أمن قومي بالنسبة لمصر، حيث تجمعها 1200 كم حدودا برية مشتركة بخلاف الحدود البحرية، ونؤمّن هذه المساحات على مدار الساعة من جانب واحد".
وأوضح المتحدث أنه "من الضروري أن يشمل الحل النهائي في ليبيا بعض النقاط بحيث تكون حزمة شاملة، وأولها مسألة توزيع الثروات بشكل عاجل، ويجب أن تكون هناك آلية منضبطة لضمان توزيعها بشكل عادل".
وشدّد على أن وجهة نظر مصر تعتبر أن وقف إطلاق النار في ليبيا "وحده غير كافٍ"، ولا يمكن ضمان استدامته دون مسار سياسي شامل يجمع جميع الأطراف ويتعامل مع كل جوانب الأزمة، سواء السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية أو الأمنية.