محاولات النهوض بقطاع الصيرفة في مصر

11 مارس 2015
القطاع في مواجهة التحديات النقدية (فرانس برس)
+ الخط -
تشير الإحصائيات الرسمية للمصرف المركزي المصري، أن عدد شركات الصرافة ‏المرخص لها بمزاولة النشاط في السوق المحلية وصل إلى 111 شركة، يتركز أغلبها في القاهرة ومحافظتي الجيزة والإسكندرية، ليرتفع العدد الى أكثر من 250 شركة حين احتساب الشركات غير المرخصة.‏ وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن شركات الصرافة حققت، خلال العام الماضي، ‏هوامش ربحية تتراوح بين 50 إلى 75%، في حين أن متوسط الهوامش في الأوقات ‏العادية يتحرك من 15% إلى 20% سنوياً. ‏ 
هذه الأرقام تشير إلى أهمية هذا القطاع في السوق المصرية، وارتفاع الحاجة إلى خدماته مع توزع المصريين في بلدان الاغتراب. إلا أن الأرقام ذاتها تشير إلى تخبط يعيشه قطاع الصيرفة المصري، وتحديات تواجه عمله ونشاطه.
إذ تمر صناعة الصيرفة في مصر بمرحلة استثنائية من تاريخها، حيث دخلت في صدام مباشر ‏مع المصرف المركزي المصري يرتبط بالتحكم في سوق الدولار وإشعال السوق السوداء ‏خلال الفترة الماضية. هذا الصدام الساخن أدى إلى إغلاق قرابة 40 شركة صرافة بقرارٍ من ‏المركزي، خلال الأشهر الستة الماضية فقط، قبل أن يسمح بعودة 13 شركة من بين هذه ‏الشركات.

قرارات صعبة
وفي الأسبوع الماضي، اتخذ المصرف المركزي قرارات حازمة لتضييق الخناق ‏على شركات الصرافة بهدف السيطرة على السوق السوداء. تمثلت أول هذه القرارات ‏في خفض سعر الدولار في مقابل الجنيه المصري من 7.15 إلى 7.63 جنيهات ثم وضع حد ‏أقصى لقبول الودائع النقدية (الكاش)، من الشركات والأفراد بالدولار داخل المصارف ‏بما لا يتعدى 10 آلاف دولار يومياً و50 ألف دولار شهرياً. ‏
وأوضح محافظ المصرف المركزي، هشام رامز، أن هذه القرارات استهدفت تقليص ‏الفجوة بين سعر الدولار في السوقين الرسمية والموازية، حيث وصل في السوق الأخيرة ‏إلى 7.90 جنيهات، فضلاً عن وضع حد أقصى للودائع بغرض منع الشركات التي ‏تستورد منتجاتها من الخارج للجوء للسوق السوداء.‏

"حالة من ركود غير طبيعية ضربت أغلب الشركات العاملة في قطاع الصيرفة نتيجة ‏قرار المصرف المركزي"، وفق تعبير نائب رئيس ‏شعبة‎ ‎شركات‎ ‎الصرافة‎ ‎باتحاد الغرف التجارية، علي الحريري،‎ ‎‏ الذي قال لـ"العربي الجديد" إن "السوق السوداء ليس لها وجود، الآن، بسبب أحجام الشركات والأفراد ‏عن شراء الدولار من فروع الصرافة المنتشرة في أنحاء الجمهورية، لعدم قدرتهم على ‏ايداع المبالغ المشتراة في المصارف بغرض إبرام صفقات الاستيراد من الخارج". ‏
هذا الوضع الصعب، دفع الحريري لطرح اقتراح ينادي برفع سعر شراء المصارف ‏للدولار من شركات الصرافة إلى 7.65 جنيهات بدلاً من 7.63 جنيهات حالياً بهدف توفير ‏هامش ربح نظراً لأن السعر الحالي لا يحقق للشركات أية ربحية في ظل شرائها للدولار ‏من العملاء بسعر 7.63 جنيهات.‏
‏"هذا الوضع الصعب قد يدفع بعض شركات الصرافة إلى الإحجام عن التعامل في ‏العملات التي لا تلقى إقبالاً في السوق مثل بعض العملات العربية، تفادياً لتراكم السيولة ‏لديها" الحديث للحريري.‏

تغيّرات في حركة السوق
ربما لا يلقى اقتراح الحريري ترحيباً من العاملين في صناعة الصيرفة، وهو الأمر ‏الذي يؤكده رئيس شركة التوفيق للصرافة، بلال الخليل، لـ"العربي الجديد" حيث يشير إلى ‏أنه من غير المنطقي إلزام المصارف بشراء الدولار بسعر أعلى مما تشتري به من العملاء، ‏خصوصاً أن شركات الصرافة يسمح لها ببيع الدولار للعملاء مقابل 7.68 جنيهات أي ‏بفارق 5 قروش عن السعر الرسمي بالمصارف. ‏
ويرى الخليل، أن الحل الحقيقي هو إلغاء البنك المركزي الحد الأقصى للإيداع اليومي ‏والشهري للدولار بالجهاز المصرفي في ضوء تلاشي السوق السوداء الآن، من أجل ‏فتح مجال أمام العملاء والشركات لشراء الدولار من منافذ الصرافة دون مخاوف ‏من عدم قدرتهم على إيداعها في المصارف بهدف فتح اعتماد مستندي لاستيراد البضائع ‏المطلوبة.‏
وفي ظل شبح قرارات الإغلاق وتعليق العمل التي يتخذها البنك المركزي ضد العديد ‏من شركات الصرافة المتورطة في مُخالفات تخص تداول العملات الأجنبية، من ‏الطبيعي أن يُفسح المجال أمام كيانات جديدة لسد فراغ الشركات المُغلقة. غير أن ‏‏"الخليل" يستبعد حدوث هذا التوجه، في الوقت الحالي، بسبب الركود.‏
ولكنه استدرك "لا أحد ينُكر أن شركات الصرافة حققت أرباحاً طائلة، خلال العام ‏الماضي، نتيجة وجود سوق سوداء للعملة في ظل انخفاض الاحتياطي النقدي من ‏العملات الأجنبية في خزانة البنك المركزي، إلا أن حركة التعاملات بمنافذ الصرافة تّغيرت الآن".‏

إقرأ أيضاً: عبد العظيم الكروج: تعزيز رأس المال البشري أساس الاستثمارات
المساهمون