في وقتٍ سلّمت فيه الخارجيّة الأردنية ملفّ التحقيق في حادثة السفارة الإسرائيلية في عمّان، أعلنت الخارجية الإسرائيلية، اليوم الجمعة، أنها ستجري عملية "فحص" بشأن تفاصيل الحادثة، مطلع هذا الأسبوع، عندما أقدم ضابط أمن إسرائيلي على قتل مواطنين أردنيين، في شقة تابعة للسفارة، ما سبّب أزمة دبلوماسية بين إسرائيل والأردن.
وأوردت "القناة الإسرائيلية الثانية" أن البيان جاء بعد يوم من الإعلان عن خضوع الضابط الإسرائيلي القاتل لعملية استجواب. وأكد بيان الخارجية الإسرائيلية "أن عملية الفحص ستتم وفق الإجراءات القانونية المتبعة في مثل هذه الحالات".
وأضافت الخارجية أن المدعي العام الإسرائيلي، وبالتنسيق مع المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أوعز للجهات المختصة بتسليمه المواد المتوفرة لديها والمتعلقة بـ"الحادثة"، وستقوم "في إطار العلاقات بين إسرائيل والأردن، بإطلاع الأردن على التطورات ونتائج الفحص".
يشار إلى أن عملية الفحص تختلف كليًا عن إجراء تحقيق جنائي، ويؤكد ذلك استخدام الطرف الإسرائيلي بشكل ثابت لمصطلح "حادثة "، مع تركيز الإعلام على أن التحقيقات الأولية، بحسب الادعاء الإسرائيلي، تبيّن أن ضابط أمن السفارة الإسرائيلية "تصرّف وفق القواعد ودفاعاً عن النفس".
والجدير ذكره، في هذا السياق، أن صحيفة "هآرتس" أشارت، قبل يومين، إلى "تساؤلات" حول حقيقة ما حدث، وعدم قدرة "ضابط، يفترض أنه تلقى تدريبًا ممتازًا، على تحييد شاب دون قتله وقتل مواطن آخر كان في المكان، عدا عن التشكيك في أسباب تخلّي ضابط الأمن عن الإجراءات الصارمة بشأن أمن السفارات الإسرائيلية والعاملين فيها، لا سيما عدم البقاء في أي موقع كهذا مع مجموعة من (المحليين) بشكل منفرد، وبدون وجود مرافقين آخرين".
ويأتي إعلان الخارجية الإسرائيلية في سياق محاولة تهدئة الغضب الأردني، خاصة بعد مطالبة العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، أمس، الحكومة الإسرائيلية بوجوب التحقيق مع الضابط القاتل ومحاكمته.
وتزامنًا مع ذلك، سلمت وزارة الخارجية الأردنية، اليوم الجمعة، عبر القنوات الدبلوماسية، ملف التحقيق بـ"حادثة" السفارة.
وذكرت الخارجية، في بيان رسمي، أن "تسليم الملف يأتي تمهيدًا لمحاكمة القاتل طبقًا للمادة 31 من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، وفي حدود الجرائم التي ارتكبها".
وكانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية، قد تسلمت من وزارة العدل ملف التحقيق بعد اكتماله من قبل النيابة العامة.
وأسندت النيابة العامة الأردنية إلى القاتل جريمتي "القتل الواقع على أكثر من شخص خلافاً لأحكام المادة 27/3 من قانون العقوبات الأردني"، و"حيازة سلاح ناري بدون ترخيص خلافاً لأحكام المواد 3 و4 و11/د من قانون الأسلحة النارية والذخائر رقم 54 لسنة 1952".
ورفضت حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بعيد عملية القتل، تسليم ضابط أمن السفارة إلى السلطات الأردنية للتحقيق معه، مدعية أنه، وبموجب معاهدة فيينا، يتمتع بـ"حصانة دبلوماسية"، ما أشعل أزمة دبلوماسية بين عمّان وتل أبيب، في الوقت الذي كان فيه العاهل الأردني في الولايات المتحدة، وتم خلال 24 ساعة من اندلاع الأزمة، مساء الأحد، التوصل إلى تفاهم بين الأردن وإسرائيل، بعد زيارة استغرقت أربع ساعات أجراها رئيس "الشاباك" الإسرائيلي، نداف أرجمان، إلى عمّان، إلى جانب وساطة أميركية قام بها أيضاً مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط، جيسون غرينبلات. وتسنى بفعل الوساطة الأميركية، والتفاهمات الأردنية الإسرائيلية، السماح لطاقم السفارة الإسرائيلية، والذي كان قد تحصن مع ضابط الأمن في مقر السفارة في عمّان، بمغادرة الأردن والعودة إلى تل أبيب.
في مقابل ذلك، وفي خطوة استفزازية، كان رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، قد استقبل ضابط أمن السفارة في ديوانه الرسمي، وسط توثيق حديثه معه وهو يثني عليه ويشد على يديه، وهو ما أثار غضباً أكبر في الأردن، دفع بالعاهل الأردني إلى انتقاد تصرفات وتصريحات نتنياهو، والمطالبة، بشكل علني، بتقديم ضابط أمن السفارة الإسرائيلي إلى المحاكمة.