محاكمة مسؤولي المخابرات السورية بألمانيا: شهادة حول العنف الجسدي والجنسي بحق المعتقلين
البني أوضح، لـ"العربي الجديد"، ما أدلى به من معلومات ومشاهدات متعلقة بملف الدعوى أمام هيئة المحكمة، والتي شملت شرحاً لما يعرفه بشأن هيكلية وعمل الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في سورية، وكذا لدوره كمحامٍ مدافع عن حقوق السجناء والمعتقلين في سجون النظام، إضافة إلى سرده للقضاة عن أساليب العنف والتعذيب خلال فترة الاعتقال التي قضاها في سجون النظام عام 2011، وعنجهية المتهم العقيد أنور رسلان وتصرفاته خلال إدارته لفرع المخابرات.
كذلك، أشار البني إلى أنه أفاد هيئة المحكمة بما خبره خلال تعاطيه مع رجال النظام الأمني، ومتابعته لقضايا المعتقلين أمام المحاكم، وأن ما أدلى به "يستند إلى معلومات حقيقية ومعطيات موثقة لا يمكن دحضها"، مردفًا أن "هذا النهج المتبع للقتل والتعذيب معتمد من قبل أجهزة النظام في سورية، ورسلان أحد أفراد هذه الآلة الجهنمية التي تفننت في أساليبه، والأجهزة الأمنية التابعة للنظام تعتمده كسلاح أساسي لترهيب الشعب السوري، وهذا ما مكّن آل الأسد من حكم سورية على مدى عقود".
هذه الإفادة استفزت محامي المدعى عليه العقيد رسلان، الذي قاطع البني مراراً مشككاً بمصداقية إفادته، ومتسائلاً عن الأسباب التي دفعت المحكمة للاستماع إليه، لكون إفادة البني عرضت رسلان في صورة وحيدة، وفق قوله. إلا أن البني نفى ذلك للمحكمة، مؤكداً أن المتهم معروف لديه منذ زمن. فضلاً عن ذلك، حاول محامي الدفاع الإيضاح للمحكمة بأن رسلان لم يقم بعمليات التعذيب، وإنما حافظ مخلوف، مسؤول القسم 40. ذلك أيضاً ما نفاه البني، الذي أكد أمام المحكمة أن رسلان كان "أحد أشرس ضباط فرع التحقيق المركزي التابع لإدارة أمن الدولة، المعروف بالفرع 285"، حيث قضى البني مدة 5 أيام في الاعتقال.
التفاصيل هذه دفعت قضاة المحكمة إلى طرح بعض الأسئلة على البني، والمزيد من الاستفسارات حول أدوار فروع الأمن، وبالذات أمن الدولة، ليشرح الأخير أمام المحكمة أيضاً كيف كان يتصرف رسلان خلال وجوده على رأس عمله كأحد ضباط التحقيق لدى جيش نظام الأسد.
وفي رد على سؤال من قبل هيئة المحكمة، أوضح البني أن الكثير من المعلومات حصل عليها أيضاً من المعتقلين بعد وصولهم من فروع الأمن إلى بهو قصور العدل في سورية، وقبل الدخول للدفاع عنهم أمام المحاكم السورية آنذاك. وأضاف موضحاً أن "هناك الكثير من البراهين والإثباتات التي تدين المتهم ونظامه، بينها تقارير الأطباء الشرعيين التي تفيد بتعرض المعتقلين للتعذيب، إضافة إلى العنف الجنسي تجاه المعتقلات"، وهو ما جرى التركز عليه أيضاً في جلسة المدعي العام، اليوم الجمعة.
وكانت المحكمة نفسها قد استمعت، يومي الأربعاء والخميس الماضيين، إلى شهادة المخرج السوري فراس فياض، الذي كان معتقلاً لدى أحد أفرع النظام عام 2012، مبرزاً لهيئة المحكمة بعض ما واجهه خلال فترة الاعتقال.
تجدر الإشارة إلى أن عائلات ضحايا القتل والتعذيب لدى النظام السوري قامت أخيراً بتأسيس رابطة في العاصمة الألمانية برلين، حملت اسم "رابطة عائلات قيصر"، وسجلت بشكل رسمي، ولها تنسيقيات في عدد من الدول الأوروبية الأخرى، مثل السويد وفرنسا وهولندا، وهدفها توحيد الجهود لمتابعة الدعاوى المطالبة بمحاسبة المسؤولين عن قتل أبنائها.