من أجل مواجهة احتدام طوفان البيانات الرقمية في الأعوام الأخيرة والمستقبلية، يفكر الباحثون في ابتكار وسائط تخزين ثورية. ومن بين السبل الواعدة للتطوير: استخدام البوليمرات، وهي سلاسل طويلة متصلة، تتكون من جزيئات كيميائية.
هذا الطموح يسعى نحوه بجدية الكيميائيون المتخصصون في البوليمرات، والذين يريدون استخدام هذه السلاسل الطويلة لتخزين ما يقارب (10 أوس 21) من المعلومات الرقمية المنتجة سنوياً. ويمكن تعريف البوليمرات على أنها سلاسل طويلة متكونة من عناصر أولية تسمى مونومر.
وتتلخص الفكرة في إدراج المعلومات ضمن السلاسل الطويلة للبوليمر من خلال إعطاء كل مونومير قيمة معينة، إما 0 أو1، تماماً كما هو الحال اليوم في تصميم ركائز السيليكون الإلكترونية. وهذه الفكرة مستوحاة مباشرة من العمل الطبيعي للحمض النووي، وهو البوليمر الطبيعي الذي يستخدم أربع نيوكليوتيدات وحسب ترتيب معين يتم ترميز المليارات من معلومات الوراثية المختلفة.
ويجمع الحمض النووي البشري 3.4 مليارات من أزواج أساسية (مونومير) في مساحة صغيرة جداً. وتخزن فيها معلومات ضخمة تمثل جل معلومات الصفات الوراثية. وتستخدم أربع قواعد نيتروجينية (النيوكليوتيدات) يرمز لها بـ A T G C. وقد استطاع باحثون بنجاح استخدام بدائل لهذه البيانات الأساسية لإنتاج رمز ثنائي وتشفير المعلومات.
ولوجود قيود فنية وتقنية في تشكيل الحمض النووي، تطلب الأمر تطوير أول بوليمر اصطناعي، يكون أكثر سهولة وطواعية وقادراً على الاحتفاظ بالبيانات الثنائية. وتم إنجازه من قبل فريق من معهد تشارلز سادرون (ستراسبورغ)، ومعهد الكيمياء الجذرية، جامعة (إيكس مرسيليا) لأول مرة في العالم.
إقرأ أيضاً: الفيروس الذي قد يقضي على هاتف الـ"آيفون"... وهذا الحلّ
ونشرت الدراسة في مجلة (Nature Communications) ليوم 26 مايو/أيار 2015، حيث بدلا من استخدام القواعد النيتروجينية الأربعة لـ DNA، استخدم الباحثون الثلاثة مونوميرات.
ومن بين السبل التي اتخذها الباحثون للوصول إلى هدفهم، طريقة مبتكرة في كتابة المعلومات مباشرة على الحمض النووي الإصطناعي، باستخدام تقنيات توليف الحمض النووي، وهي تقنية وضعت في المختبر منذ أكثر من أربعين سنة. ويكفي لذلك أن تقرر بشكل عشوائي ترميز اثنين من النيوكليوتيدات الأربعة بـ "صفر 0" والاثنين الآخرين بـ "واحد 1" وهكذا نستطيع كتابة كافة الرسائل، التي نريد، على سلسلة الحمض النووي. ومن أجل قراءة المعلومات المسجلة، يستخدم الباحثون الآلات الأتوماتيكية لتسلسل الجينوم (الأحماض النووية الوراثية).
وقد قامت مجموعة من الباحثين من جامعة هارفارد بتجربة هذه الطريقة في الترميز، حيث نجحوا في تسجيل كتاب من 300 صفحة مع الرسوم التوضيحية وتشفيره على حمض نووي اصطناعي. ومن بين ميزات هذه الطريقة في تخزين المعلومات ضمن ظروف مناسبة، رسوخها واستمرارها لآلاف السنين وهي غير قابلة للتلف أو التخريب. أما تخزين المعلومات على الوسائط الحالية من السليكون فإنه لا يستمر سوى لعدة عشرات من الأعوام.
من سلبيات الطريقة، العمل في وسط مائي ومحمل بالأيونات... وهي بيئة ليست مثالية للعمل في واجهة النانو إلكترونيات!.
ويمكن حل مشكلة التوافق هذه من خلال استخدام ترميز المعلومات على البوليمرات الإصطناعية – مثل البلاستيك أو راتنجات أخرى! وضمن هذا السياق، يعكف باحثون من المركز الأوروبي للأبحاث العلمية (CNRS) على محاولة استخدام اثنين من المونوميرات الاصطناعية وترميزهم بـ (0 و 1). فإذا استطاعوا منذ ستين عاماً توليف فئات كثيرة من البوليميرات المستخدمة يومياً في الصناعات، فالأمر ليس بهذه السهولة، لأن تجميع الجزيئات الأولية (المونوميرات) يتم بشكل عشوائي تماماً داخل السلاسل الجزيئية الطويلة، ما يجعل الأمر مشكلة حقيقية لكتابة المعلومات المنظمة.
إقرأ أيضاً: تعرّفوا على أشكال الإيموجي الجديدة
وللسيطرة على الترتيب في ربط المونوميرات، يعمل فريق أبحاث المركز الأوروبي منذ حوالى 10 سنوات، للتوصل إلى طريقة تمكن من تعليق كتل المونوميرات واحدة تلو الأخرة. وعلى الرغم من أن العملية لا تزال شاقة، فإنه يحتاج لبضع دقائق لإرفاق كتلة مونومير للسلسلة الاصطناعية، مقارنة بـ 20 مونوميراً في الثانية وهي سرعة توليف الحمض النووي داخل أجسامنا. ويعتبر ما تحقق لغاية الآن، انتصارات صغيرة تحتاج إلى المزيد من التطوير.
وذكر جان فرانسوا لوتز، مسؤول فريق الباحثين في المركز الأوروبي للبحث العلمي، أن هذا الأسلوب مكن من كتابة بعض الكلمات، وأنه بالإمكان تشفير جملة كاملة خلال الفترة المقبلة. وخلال ثلاث إلى أربع سنوات مقبلة، سوف يتمكن من ترميز وتشفير كتاب كامل.
وأضاف جان فرانسوا أن الأمر ليس مجرد أرشفة للمعلومات، ولكن عبارة عن وسائط معلوماتية قابلة لإعادة الكتابة مثلها مثل الأقراص الصلبة أو مفاتيح الفلاش USB. ويرجع الفضل لتطوير بوليمرات حساسة لدراجات الحرارة، حيث يتم تدميره عند 50 - 60 درجة مئوية. المبدأ هو نفسه على السيليكون: حيث لمسح المعلومات، ندمر البيانات المدخلة عند الموقع المطلوب وبعدها نعيد الكتابة في مكان ثان جديد.
في الوقت الراهن، يعمل الباحثون بجد في مجال الكيمياء فائقة التفاعل، لتسريع عملية ترابط كتل المونوميرات بشكل منتظم، وبالتالي التوصل إلى كتابة البيانات المعلوماتية. ويذكر الباحثون أنهم يحتاجون عقداً من الزمن لتحقيق نظام ناجح، وعشرة أعوام أخرى قبل أن تستخدم هذه الجزيئات للتخزين المدمج في خوادم البيانات وأجهزة الكمبيوتر.
إقرأ أيضاً: أول هاتف يتعرّف إلى قزحية العين
هذا الطموح يسعى نحوه بجدية الكيميائيون المتخصصون في البوليمرات، والذين يريدون استخدام هذه السلاسل الطويلة لتخزين ما يقارب (10 أوس 21) من المعلومات الرقمية المنتجة سنوياً. ويمكن تعريف البوليمرات على أنها سلاسل طويلة متكونة من عناصر أولية تسمى مونومر.
وتتلخص الفكرة في إدراج المعلومات ضمن السلاسل الطويلة للبوليمر من خلال إعطاء كل مونومير قيمة معينة، إما 0 أو1، تماماً كما هو الحال اليوم في تصميم ركائز السيليكون الإلكترونية. وهذه الفكرة مستوحاة مباشرة من العمل الطبيعي للحمض النووي، وهو البوليمر الطبيعي الذي يستخدم أربع نيوكليوتيدات وحسب ترتيب معين يتم ترميز المليارات من معلومات الوراثية المختلفة.
ويجمع الحمض النووي البشري 3.4 مليارات من أزواج أساسية (مونومير) في مساحة صغيرة جداً. وتخزن فيها معلومات ضخمة تمثل جل معلومات الصفات الوراثية. وتستخدم أربع قواعد نيتروجينية (النيوكليوتيدات) يرمز لها بـ A T G C. وقد استطاع باحثون بنجاح استخدام بدائل لهذه البيانات الأساسية لإنتاج رمز ثنائي وتشفير المعلومات.
ولوجود قيود فنية وتقنية في تشكيل الحمض النووي، تطلب الأمر تطوير أول بوليمر اصطناعي، يكون أكثر سهولة وطواعية وقادراً على الاحتفاظ بالبيانات الثنائية. وتم إنجازه من قبل فريق من معهد تشارلز سادرون (ستراسبورغ)، ومعهد الكيمياء الجذرية، جامعة (إيكس مرسيليا) لأول مرة في العالم.
إقرأ أيضاً: الفيروس الذي قد يقضي على هاتف الـ"آيفون"... وهذا الحلّ
ونشرت الدراسة في مجلة (Nature Communications) ليوم 26 مايو/أيار 2015، حيث بدلا من استخدام القواعد النيتروجينية الأربعة لـ DNA، استخدم الباحثون الثلاثة مونوميرات.
ومن بين السبل التي اتخذها الباحثون للوصول إلى هدفهم، طريقة مبتكرة في كتابة المعلومات مباشرة على الحمض النووي الإصطناعي، باستخدام تقنيات توليف الحمض النووي، وهي تقنية وضعت في المختبر منذ أكثر من أربعين سنة. ويكفي لذلك أن تقرر بشكل عشوائي ترميز اثنين من النيوكليوتيدات الأربعة بـ "صفر 0" والاثنين الآخرين بـ "واحد 1" وهكذا نستطيع كتابة كافة الرسائل، التي نريد، على سلسلة الحمض النووي. ومن أجل قراءة المعلومات المسجلة، يستخدم الباحثون الآلات الأتوماتيكية لتسلسل الجينوم (الأحماض النووية الوراثية).
وقد قامت مجموعة من الباحثين من جامعة هارفارد بتجربة هذه الطريقة في الترميز، حيث نجحوا في تسجيل كتاب من 300 صفحة مع الرسوم التوضيحية وتشفيره على حمض نووي اصطناعي. ومن بين ميزات هذه الطريقة في تخزين المعلومات ضمن ظروف مناسبة، رسوخها واستمرارها لآلاف السنين وهي غير قابلة للتلف أو التخريب. أما تخزين المعلومات على الوسائط الحالية من السليكون فإنه لا يستمر سوى لعدة عشرات من الأعوام.
من سلبيات الطريقة، العمل في وسط مائي ومحمل بالأيونات... وهي بيئة ليست مثالية للعمل في واجهة النانو إلكترونيات!.
ويمكن حل مشكلة التوافق هذه من خلال استخدام ترميز المعلومات على البوليمرات الإصطناعية – مثل البلاستيك أو راتنجات أخرى! وضمن هذا السياق، يعكف باحثون من المركز الأوروبي للأبحاث العلمية (CNRS) على محاولة استخدام اثنين من المونوميرات الاصطناعية وترميزهم بـ (0 و 1). فإذا استطاعوا منذ ستين عاماً توليف فئات كثيرة من البوليميرات المستخدمة يومياً في الصناعات، فالأمر ليس بهذه السهولة، لأن تجميع الجزيئات الأولية (المونوميرات) يتم بشكل عشوائي تماماً داخل السلاسل الجزيئية الطويلة، ما يجعل الأمر مشكلة حقيقية لكتابة المعلومات المنظمة.
إقرأ أيضاً: تعرّفوا على أشكال الإيموجي الجديدة
وللسيطرة على الترتيب في ربط المونوميرات، يعمل فريق أبحاث المركز الأوروبي منذ حوالى 10 سنوات، للتوصل إلى طريقة تمكن من تعليق كتل المونوميرات واحدة تلو الأخرة. وعلى الرغم من أن العملية لا تزال شاقة، فإنه يحتاج لبضع دقائق لإرفاق كتلة مونومير للسلسلة الاصطناعية، مقارنة بـ 20 مونوميراً في الثانية وهي سرعة توليف الحمض النووي داخل أجسامنا. ويعتبر ما تحقق لغاية الآن، انتصارات صغيرة تحتاج إلى المزيد من التطوير.
وذكر جان فرانسوا لوتز، مسؤول فريق الباحثين في المركز الأوروبي للبحث العلمي، أن هذا الأسلوب مكن من كتابة بعض الكلمات، وأنه بالإمكان تشفير جملة كاملة خلال الفترة المقبلة. وخلال ثلاث إلى أربع سنوات مقبلة، سوف يتمكن من ترميز وتشفير كتاب كامل.
وأضاف جان فرانسوا أن الأمر ليس مجرد أرشفة للمعلومات، ولكن عبارة عن وسائط معلوماتية قابلة لإعادة الكتابة مثلها مثل الأقراص الصلبة أو مفاتيح الفلاش USB. ويرجع الفضل لتطوير بوليمرات حساسة لدراجات الحرارة، حيث يتم تدميره عند 50 - 60 درجة مئوية. المبدأ هو نفسه على السيليكون: حيث لمسح المعلومات، ندمر البيانات المدخلة عند الموقع المطلوب وبعدها نعيد الكتابة في مكان ثان جديد.
في الوقت الراهن، يعمل الباحثون بجد في مجال الكيمياء فائقة التفاعل، لتسريع عملية ترابط كتل المونوميرات بشكل منتظم، وبالتالي التوصل إلى كتابة البيانات المعلوماتية. ويذكر الباحثون أنهم يحتاجون عقداً من الزمن لتحقيق نظام ناجح، وعشرة أعوام أخرى قبل أن تستخدم هذه الجزيئات للتخزين المدمج في خوادم البيانات وأجهزة الكمبيوتر.
إقرأ أيضاً: أول هاتف يتعرّف إلى قزحية العين