محاضِرة جامعية فلسطينية تنجو من الموت إثر هجوم للمستوطنين

25 اغسطس 2019
حاجز الحوارة العسكري الإسرائيلي (فيسبوك)
+ الخط -


في أسوأ كوابيسها لم تكن تتوقع المحاضِرة الفلسطينية في كلية الإعلام في الجامعة العربية الأميركية قرب جنين شمالي الضفة الغربية، هنادي دويكات، أن تعيش اللحظات المرعبة التي مرت عليها "كأنها دهر"، وكادت تفقد حياتها وطفلتها البالغة من العمر عاما ونصف العام، على أيدي مجموعة من المستوطنين المتطرفين الذين هاجموا سيارتها جنوب نابلس شمال الضفة الليلة الماضية.

وفورا، عادت الذاكرة بدويكات التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، للمصير المفجع الذي تعرضت له الفلسطينية عائشة الرابي من مدينة سلفيت شمال الضفة وأدى إلى استشهادها قبل نحو عام، بعد إصابتها بحجر كبير هشم رأسها ألقاه على سيارتها مجموعة متطرفة من المستوطنين في حادثة مشابهة.

الحادثتان اللتان تعرضت لهما دويكات والرابي وقعتا تقريبا في المنطقة الجغرافية ذاتها، وهي جنوب مدينة نابلس، التي تعد الأخطر تقريبا في الضفة الغربية برمتها، نظرا لكونها محاطة بمجموعة كبيرة من المستوطنات الإسرائيلية التي يسكنها مستوطنون معروفون بشدة تطرفهم، وينتمون لتجمعات إرهابية معروفة مثل "جماعات تدفيع الثمن" و"شبيبة التلال"، والمسؤولة عن تخطيط وتنفيذ مئات الهجمات ضد الفلسطينيين.

وأشهر تلك الهجمات حرق عائلة دوابشة عام 2015 وقتل الفلسطينية عائشة الرابي عام 2018، وكتابة الشعارات على جدران المنازل الفلسطينية والاعتداء على المركبات.

المحاضِرة دويكات، التي أوصلت زوجها لبيتهم في مدينة نابلس، وعكفت عائدة إلى بيت أهلها في بلدة بيتا جنوب نابلس برفقة طفلتها، تروي ما عاشته خلال تلك الدقائق المرعبة، كما وصفتها، وتقول: "بعد أن قطعت حاجز حوارة العسكري الإسرائيلي تجاه منزل أهلي في بلدة بيتا المجاورة، برفقة طفلتي التي كانت تجلس في المقعد المخصص لها في الخلف، بدأت حركة السير تتحرك ببطء شديد، اعتقدت أن ذلك بسبب اقتراب السيارات من الدوار وإعطاء الأولوية للسيارات التي باتت في وسطه، لكن مجموعة من المستوطنين يزيد عددهم عن 30 مستوطناً ومعظمهم من الفتية، استغلوا بطء الحركة وبدأوا برشق السيارات الفلسطينية بالحجارة الضخمة من مسافة قريبة جدا".

تفاجأت هنادي بصوت ولم تعرف سببه، وما كادت تلتفت للخلف، وإذ بالحجارة تنهمر على سيارتها من كل جهة، وحاولت هنادي زيادة السرعة حتى تنجو بنفسها، لكن السيارات كانت تسير ببطء شديد، فاصطدم حجر كبير بالزجاج الأمامي لسيارتها، وتهشم، حينها بدأت هنادي بالصراخ، وبالدعاء إلى الله، وشعرت أن الموت آتٍ لا محالة.

ما خفف عن هنادي، أن السيارات في المقدمة تحركت، فهجم المستوطنون على بقية المركبات التي كانت في الخلف، لكن هنادي استخدمت تقنية البث المباشر على حسابها في "فيسبوك"، وتقول "لا أعلم كيف ضغطت على جهازي المحمول وخرجت في بث مباشر على حسابي على فيسبوك، عادتي أن لا استخدم المحمول نهائيا خلال السياقة، لكن الموقف كان عصيبا، ولا بد من تنبيه الناس، فلدي أصدقاء كثر ومعظمهم من الصحافيين والإعلاميين".

وبالفعل، شارك العشرات مقطع الفيديو الذي ظهرت فيه دويكات وهي في حالة رعب شديد، لكن هذه الدقائق التي خرجت بها في بث مباشر، نبهت الفلسطينيين لخطورة الطرق الخارجية في الليل، نظرا لتواجد عشرات المستوطنين المتطرفين على أطرافها.

بعد أن اجتازت هنادي منطقة دوار يتسهار القريب من مستوطنة يتسهار المقامة على أراضي نابلس، بدأت الطريق تصبح أسهل، وكانت هنادي تقود سيارتها وهي متعبة ومشوشة، وتضيف: "لاحظت وجود تجمعات أخرى للمستوطنين لكنهم كانوا أبعد عن الطريق، وكذلك لاحت تجمعات للفلسطينيين، فشارع حوارة يعد طريقا رئيسا يربط شمال الضفة الغربية بوسطها، ويشهد حركة مرورية نشطة".

ليست هنادي وحدها التي تعرضت لاعتداء من المستوطنين الليلة الماضية، فقد تعرضت سيارة الفلسطيني زياد فيصل من قرية اللُبن الشرقية، جنوب نابلس لاعتداء من المجموعة ذاتها من المستوطنين قرب حوارة (دوار يتسهار).

وأوضح فيصل لـ"العربي الجديد"، أنه "كان عائدا إلى منزله، فشاهد ما يزيد عن 30 مستوطنا من مستوطنة (يتسهار)، وحاول تجاوزهم، لكنهم انهالوا عليه بالحجارة، ما أدى إلى تحطم نوافذ مركبته"، مؤكداً أن "الهجوم وقع تحت نظر جنود الاحتلال الذين لم يحركوا ساكنا ولم يتدخلوا لوقف ممارسات وعربدات المستوطنين الذين حولوا منطقة حواره الليلة الماضية، إلى ساحة حرب حقيقية".