لم تستغرق فصائل المعارضة السورية، التي اتخذت يوم الاثنين قرار المشاركة في محادثات أستانة التي تعقد بين 23 و25 يناير/كانون الثاني الحالي، سوى أقل من 24 ساعة لحسم هوية أعضاء وفدها المفاوض، الذي سيرأسه القيادي في جيش الإسلام محمد علوش، في وقت كانت تصريحات وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أمس الثلاثاء، ترسم ملامح جدول أعمال المحادثات بتأكيده أنها تهدف إلى "تعزيز وقف إطلاق النار في سورية"، محذراً في الوقت نفسه "دولاً أوروبية من محاولات إفساد المباحثات لأنها شعرت أنه جرى تهميشها"، على حد وصفه.
وتكتسب محادثات أستانة أهميتها نظراً لكونها تعيد الأطراف السورية إلى طاولة التفاوض من جديد، ولو بجدول أعمال عسكري لا سياسي، بعدما تعثر استئناف أي محادثات منذ فشل الجولة الأخيرة من مفاوضات جنيف في أبريل/نيسان 2016 جراء التباين الكبير بشأن العملية الانتقالية ومصير رئيس النظام السوري بشار الأسد.
ومن شأن محادثات أستانة، إذا تمكنت من الوصول إلى تفاهمات وتثبيت وقف إطلاق النار، أن تعزز فرص عقد محادثات جنيف في 8 فبراير/شباط المقبل، الأمر الذي أشار إليه أمس الثلاثاء فيتالي نومكين، المستشار الروسي للمبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، بقوله إن محادثات السلام التي تقودها الأمم المتحدة لا يزال أمامها فرصة للنجاح. وأضاف نومكين، الذي يوصف بأنه يحظى بثقة الكرملين، "يقول البعض إنه يتعين علينا دفن عملية جنيف وإن الأمم المتحدة لا يمكنها عمل أكثر من ذلك. لا أظن أن هذا التحليل صحيح". وأضاف "أنا واثق من أن فرص نجاح عملية جنيف لم تنته بعد".
اقــرأ أيضاً
وفي موازاة حسم لافروف للهدف من المحادثات وتسريب مصادر لوكالة "انترفاكس" الروسية أنه ينتظر أن يتم التوقيع في أستانة على وثيقة تثبّت نظام وقف إطلاق النار ليشمل كامل أراضي سورية، لم يغفل وزير الخارجية الروسي توجيه إشارات واضحة لنظام الأسد، مذكّراً إياه بفضل روسيا في استمرار بقائه في السلطة. وقال لافروف إن "العاصمة السورية (دمشق) كانت ستسقط خلال أسبوعين أو ثلاثة في يد إرهابيين عندما تدخلت روسيا لدعم بشار الأسد".
ورأت أوساط معارضة في تصريحات لافروف رسالة "قاسية" وواضحة بأن التشدد المتوقع من النظام لإفشال المساعي الروسية في أستانة سيُواجه من قبل موسكو، خصوصاً في ظل استمرار محاولات النظام وإيران تقويض الهدنة من خلال التصعيد في وادي بردى والتهديد باجتياح إدلب إن من خلال المناشير التي ألقتها طائرات النظام فوق ريف إدلب أو من خلال الأنباء عن عمليات التحشيد العسكري في محيط المحافظة. وقد أشار وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أمس إلى هذه الخروقات بقوله: "للأسف لا نزال نرى استمرار النظام وبعض المجموعات الأخرى بخرق وقف إطلاق النار، حتى إننا نشهد غارات جوية في بعض المناطق. يوم الاثنين ذكّرت لافروف خلال المكالمة الهاتفية بأهمية قيام روسيا بدورها كضامن، لا سيما أن الاتفاق الذي وقعه النظام السوري تم بضمانة روسية، وعلى الضفة المقابلة نقول للإيرانيين الأمر ذاته، على الجميع أن يقوموا بالتزاماتهم في هذا الشأن، ونحن نقوم بما يتوجب علينا فعله".
أما إيران، فتمضي في تعزيزها تواجدها العسكري والسياسي والاقتصادي في سورية، خصوصاً بعد الكشف أمس، على هامش زيارة رئيس وزراء النظام السوري عماد خميس إلى طهران، عن اعتزام الأخيرة إنشاء شبكة هاتف نقال وميناء نفطياً في سورية. في موازاة ذلك كان الرئيس الإيراني حسن روحاني يتنصل من مسؤولية بلاده عن دعم النظام في محاولة تقويض اتفاق التهدئة بالقول إن "طهران وموسكو وأنقرة نجحت معاً في توجيه الملف السوري نحو الحوار السياسي"، مشيراً إلى أن طهران تعمل جاهدة لضمان استمرار تطبيق قرار وقف إطلاق النار بما يساعد على نجاح المحادثات المرتقبة في أستانة. لكن ذلك لم يمنع وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، من القول إن طهران تعارض وجود أميركا في المحادثات بعدما أظهرت تصريحات لافروف وجاويش أوغلو أنه تم التوافق على دعوة الولايات المتحدة لحضور المباحثات.
وفد المعارضة
في غضون ذلك، تُظهر اللائحة التي حصلت عليها "العربي الجديد" مشاركة مندوبين عن فصائل "جيش الإسلام"، و"فيلق الشام"، و"لواء شهداء الإسلام"، و"الجبهة الشامية" و"تجمع فاستقم" و"السلطان مراد" في الوفد، الذي يترأسه كبير المفاوضين في وفد الهيئة العليا للتفاوض إلى جنيف، محمد علوش، مع غياب لافت لحركة "أحرار الشام"، إحدى أكبر الفصائل في الشمال السوري. وكانت حركة أحرار الشام قد أكدت أنها لم تحسم أمرها بعد، من مسألة الذهاب إلى مؤتمر أستانة، وهو ما جعل فصائل أخرى تتردد هي الأخرى في الموافقة لإدراكها أن "احرار الشام" بثقلها العسكري، والشعبي تمتلك القدرة على منح المؤتمر زخماً يساعد في تثبيت أي مخرجات تصدر عنه.
وفيما يتألف الوفد المفاوض من العسكر بالكامل، فقد تضمنت اللائحة الرسمية أسماء سياسيين وقانونيين بارزين بصفة مستشارين سياسيين وقانونيين، أبرزهم المفاوض الذي تمكن من إبرام اتفاق أنقرة في نهاية العام الماضي، أسامة أبو زيد، وشخصيات رئيسية في كيانات سورية سياسية من ائتلاف وطني ومن خارجه، مثل محمد صبرا ونصر الحريري وهشام مروة.
وتتضمن القائمة العسكرية كلاً من: محمد علوش (رئيس الوفد المفاوض/ جيش الإسلام)، -ياسر عبد الرحيم (غرفة عمليات فتح حلب/ فيلق الشام)، سعيد نقرش (لواء شهداء الإسلام/ داريا) -حسام ياسين (الجبهة الشامية)، مصطفى بيرو (تجمع فاستقم كما أمرت)، -يامن تلجو (جيش الإسلام)، منذر سيراس (فيلق الشام)، أحمد سلطان (لواء السلطان مراد). أما القائمة السياسية والقانونية فتضم عبد الحكيم بشار، نذير الحكيم، نصر الحريري، أسامة أبو زيد، يحيى العريضي، هشام مروة ومحمد صبرا.
في المقابل، يرأس سفير النظام السوري في الأمم المتحدة، بشار الجعفري، وفد النظام في أستانة وفق مصادر إعلامية. ويأتي اختيار الجعفري رئيساً لوفد النظام إلى أستانة ليؤكد أن الأخير ليس معنياً بنجاح هذا المؤتمر. وكان الجعفري وصف علوش بـ "الإرهابي" إبان مفاوضات جنيف، رافضاً الانخراط معه في "مفاوضات مباشرة قبل أن يقوم بحلاقة ذقنه". وهو ما استدعى يومها رداً من علوش وصف فيه الجعفري بأنه "قاتل للأطفال".
ويحضر الطرفان (النظام والمعارضة) إلى المفاوضات بجدول أعمال مختلف وأولويات متباينة. وقال القيادي في الائتلاف السوري المعارض، أحمد رمضان، لـ"فرانس برس" إن "جدول الأعمال الرئيسي بالنسبة إلينا يتضمن تثبيت وقف اطلاق النار، وقف التهجير القسري، بالإضافة إلى إدخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة". وأكد أن "تفاصيل العملية السياسية متروكة لمفاوضات جنيف". في موازاة ذلك يريد النظام السوري بحث ما يقول إنه "حل سياسي شامل" في أستانة.
في غضون ذلك، توقفت أوساط معارضة عند استمرار المساعي التي تبذلها موسكو منذ تدخلها المباشر في سورية منذ عام ونيّف لتحييد أهم المرجعيات السياسية للثورة والمعارضة، وهو ما انعكس في قول لافروف أمس إن مشاركة القادة الميدانيين في العملية السياسية "يجب أن تكون كاملة الحقوق، بما في ذلك دورهم في صياغة الدستور الجديد وملامح المرحلة الانتقالية". ورأى لافروف أنه لا يجوز اقتصار نطاق المشاركة على تلك الفصائل التي وقعت يوم 29 ديسمبر/كانون الأول على اتفاقية وقف إطلاق النار، مضيفا: "بل يجب أن تكون لأي تشكيلات مسلحة تريد الانضمام لهذه الاتفاقيات إمكانية لذلك". وفي السياق، رأى المحلل العسكري العقيد مصطفى بكور أن عدم وجود "أجنحة سياسية لأغلب فصائل الجيش الحر"، سهّل من مهمة موسكو.
وتكتسب محادثات أستانة أهميتها نظراً لكونها تعيد الأطراف السورية إلى طاولة التفاوض من جديد، ولو بجدول أعمال عسكري لا سياسي، بعدما تعثر استئناف أي محادثات منذ فشل الجولة الأخيرة من مفاوضات جنيف في أبريل/نيسان 2016 جراء التباين الكبير بشأن العملية الانتقالية ومصير رئيس النظام السوري بشار الأسد.
ومن شأن محادثات أستانة، إذا تمكنت من الوصول إلى تفاهمات وتثبيت وقف إطلاق النار، أن تعزز فرص عقد محادثات جنيف في 8 فبراير/شباط المقبل، الأمر الذي أشار إليه أمس الثلاثاء فيتالي نومكين، المستشار الروسي للمبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، بقوله إن محادثات السلام التي تقودها الأمم المتحدة لا يزال أمامها فرصة للنجاح. وأضاف نومكين، الذي يوصف بأنه يحظى بثقة الكرملين، "يقول البعض إنه يتعين علينا دفن عملية جنيف وإن الأمم المتحدة لا يمكنها عمل أكثر من ذلك. لا أظن أن هذا التحليل صحيح". وأضاف "أنا واثق من أن فرص نجاح عملية جنيف لم تنته بعد".
وفي موازاة حسم لافروف للهدف من المحادثات وتسريب مصادر لوكالة "انترفاكس" الروسية أنه ينتظر أن يتم التوقيع في أستانة على وثيقة تثبّت نظام وقف إطلاق النار ليشمل كامل أراضي سورية، لم يغفل وزير الخارجية الروسي توجيه إشارات واضحة لنظام الأسد، مذكّراً إياه بفضل روسيا في استمرار بقائه في السلطة. وقال لافروف إن "العاصمة السورية (دمشق) كانت ستسقط خلال أسبوعين أو ثلاثة في يد إرهابيين عندما تدخلت روسيا لدعم بشار الأسد".
أما إيران، فتمضي في تعزيزها تواجدها العسكري والسياسي والاقتصادي في سورية، خصوصاً بعد الكشف أمس، على هامش زيارة رئيس وزراء النظام السوري عماد خميس إلى طهران، عن اعتزام الأخيرة إنشاء شبكة هاتف نقال وميناء نفطياً في سورية. في موازاة ذلك كان الرئيس الإيراني حسن روحاني يتنصل من مسؤولية بلاده عن دعم النظام في محاولة تقويض اتفاق التهدئة بالقول إن "طهران وموسكو وأنقرة نجحت معاً في توجيه الملف السوري نحو الحوار السياسي"، مشيراً إلى أن طهران تعمل جاهدة لضمان استمرار تطبيق قرار وقف إطلاق النار بما يساعد على نجاح المحادثات المرتقبة في أستانة. لكن ذلك لم يمنع وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، من القول إن طهران تعارض وجود أميركا في المحادثات بعدما أظهرت تصريحات لافروف وجاويش أوغلو أنه تم التوافق على دعوة الولايات المتحدة لحضور المباحثات.
وفد المعارضة
في غضون ذلك، تُظهر اللائحة التي حصلت عليها "العربي الجديد" مشاركة مندوبين عن فصائل "جيش الإسلام"، و"فيلق الشام"، و"لواء شهداء الإسلام"، و"الجبهة الشامية" و"تجمع فاستقم" و"السلطان مراد" في الوفد، الذي يترأسه كبير المفاوضين في وفد الهيئة العليا للتفاوض إلى جنيف، محمد علوش، مع غياب لافت لحركة "أحرار الشام"، إحدى أكبر الفصائل في الشمال السوري. وكانت حركة أحرار الشام قد أكدت أنها لم تحسم أمرها بعد، من مسألة الذهاب إلى مؤتمر أستانة، وهو ما جعل فصائل أخرى تتردد هي الأخرى في الموافقة لإدراكها أن "احرار الشام" بثقلها العسكري، والشعبي تمتلك القدرة على منح المؤتمر زخماً يساعد في تثبيت أي مخرجات تصدر عنه.
وفيما يتألف الوفد المفاوض من العسكر بالكامل، فقد تضمنت اللائحة الرسمية أسماء سياسيين وقانونيين بارزين بصفة مستشارين سياسيين وقانونيين، أبرزهم المفاوض الذي تمكن من إبرام اتفاق أنقرة في نهاية العام الماضي، أسامة أبو زيد، وشخصيات رئيسية في كيانات سورية سياسية من ائتلاف وطني ومن خارجه، مثل محمد صبرا ونصر الحريري وهشام مروة.
في المقابل، يرأس سفير النظام السوري في الأمم المتحدة، بشار الجعفري، وفد النظام في أستانة وفق مصادر إعلامية. ويأتي اختيار الجعفري رئيساً لوفد النظام إلى أستانة ليؤكد أن الأخير ليس معنياً بنجاح هذا المؤتمر. وكان الجعفري وصف علوش بـ "الإرهابي" إبان مفاوضات جنيف، رافضاً الانخراط معه في "مفاوضات مباشرة قبل أن يقوم بحلاقة ذقنه". وهو ما استدعى يومها رداً من علوش وصف فيه الجعفري بأنه "قاتل للأطفال".
ويحضر الطرفان (النظام والمعارضة) إلى المفاوضات بجدول أعمال مختلف وأولويات متباينة. وقال القيادي في الائتلاف السوري المعارض، أحمد رمضان، لـ"فرانس برس" إن "جدول الأعمال الرئيسي بالنسبة إلينا يتضمن تثبيت وقف اطلاق النار، وقف التهجير القسري، بالإضافة إلى إدخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة". وأكد أن "تفاصيل العملية السياسية متروكة لمفاوضات جنيف". في موازاة ذلك يريد النظام السوري بحث ما يقول إنه "حل سياسي شامل" في أستانة.
في غضون ذلك، توقفت أوساط معارضة عند استمرار المساعي التي تبذلها موسكو منذ تدخلها المباشر في سورية منذ عام ونيّف لتحييد أهم المرجعيات السياسية للثورة والمعارضة، وهو ما انعكس في قول لافروف أمس إن مشاركة القادة الميدانيين في العملية السياسية "يجب أن تكون كاملة الحقوق، بما في ذلك دورهم في صياغة الدستور الجديد وملامح المرحلة الانتقالية". ورأى لافروف أنه لا يجوز اقتصار نطاق المشاركة على تلك الفصائل التي وقعت يوم 29 ديسمبر/كانون الأول على اتفاقية وقف إطلاق النار، مضيفا: "بل يجب أن تكون لأي تشكيلات مسلحة تريد الانضمام لهذه الاتفاقيات إمكانية لذلك". وفي السياق، رأى المحلل العسكري العقيد مصطفى بكور أن عدم وجود "أجنحة سياسية لأغلب فصائل الجيش الحر"، سهّل من مهمة موسكو.