اتجهت أعداد كبيرة من المجندين والضباط السوريين إلى الانشقاق عن الجيش السوري، منذ بداية الأزمة عام 2011، خصوصاً مع الضغط الذي يلقاه من قوات المعارضة. كما أنّ سيطرة المعارضة السورية وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على مناطق واسعة من شمال وشرق وجنوب سورية، حرم النظام من إمكانية سحب الشبان من أبناء هذه المناطق للخدمة الإلزامية في الجيش السوري. ومع ذلك، يحتفظ بعدد كبير من المجندين، بسبب عدم تسريح أيّ مجند منذ مايو/أيار 2011، تبعاً لقرار وزارة الدفاع في حينه، ومحاولته فرض التجنيد في مناطق سيطرته.
فقد شنّ النظام في تلك المناطق أخيراً حملات اعتقال للشبان الذين ما زالوا في سن خدمة الاحتياط، لضمهم إلى الجيش، لتغطية النقص في العناصر، نتيجة خسارته أعدادا كبيرة في المعارك.
قبل الثورة
يفرض قانون خدمة العلم في سورية على كل شاب سوري، الخدمة في الجيش. وقد أصبحت المدة، وفق تعديل قانون خدمة العلم الأخير عام 2007، ثمانية عشر شهراً بالنسبة للشبان المتعلمين الذين يجيدون القراءة والكتابة، في مقابل 21 شهراً لغير المتعلّمين.
وكان عدد عناصر الجيش السوري إبان اندلاع الثورة في ربيع عام 2011 يقدّر بـ320 ألف عنصر وضابط.
ويوضح الضابط السابق في جهاز الشرطة العسكرية التابع للجيش السوري، محمد الأكتع، لـ"العربي الجديد" أنّ تجنيد الشبان السوريين كان يتم بشكل منظم ووفق آليات محكمة يكاد يستحيل معها أن يتهرب شاب من الخدمة بدون وجود الأعذار التي يعفي القانون أصحابها من الخدمة الإلزامية. ومن الأعذار أن يكون الشاب ابناً وحيداً لأحد والديه، أو أن تكون لديه إعاقة جسدية أو مشكلة صحية تمنعه من أداء الخدمة العسكرية. كما يمكن، بحسب القانون السوري، للشبان المغتربين دفع بدلات نقدية تعفيهم من أداء الخدمة الإلزامية، في حال تجاوزت مدة إقامتهم خارج سورية خمس سنوات.
ويتابع الأكتع أنّ على الشبان السوريين الالتحاق بالخدمة الإلزامية بعد بلوغ الثامنة عشرة. أما الذين يواصلون دراستهم الجامعية، فيمكن لهم التأجيل إلى حين إنهاء الجامعة.
أثر الثورة
تصاعد وتيرة التظاهرات المطالبة برحيل النظام، دفع الآلاف من العناصر إلى الانشقاق عن المؤسسة العسكرية الأكبر، بعد زجها في مواجهة التظاهرات المناوئة للنظام. ولم يقتصر الأمر على المجندين والضباط ممن يؤدون الخدمة الإلزامية في الجيش السوري، بل شمل ضباطاً كباراً من المتطوعين أيضاً.
وقد أشار تقرير تفصيلي صادر عن القيادة المشتركة للجيش السوري الحر، في مطلع العام الماضي، إلى أنّ عدد مذكرات البحث لدى جهاز الأمن العسكري التابع للنظام، والتي تتضمن منشقين أو متخلفين أو فارين من الخدمة الإلزامية في الجيش السوري، بلغت 189 ألف عسكري، أي ما يعادل نحو 61 في المائة من الجيش النظامي.
وقدرت القيادة المشتركة للجيش الحر، في تقريرها، عدد الضباط المنشقين الموجودين في مخيمات خاصة في تركيا والأردن بنحو 3 آلاف ضابط ، في مقابل نحو 3 آلاف و700 ضابط من مختلف الرتب العسكرية يعملون مع مختلف فصائل المعارضة في الداخل السوري.
ولم يقتصر الاستنزاف الذي أصاب المؤسسة العسكرية الأكبر على عمليات الانشقاق، بل شمل مقتل عشرات الآلاف في المعارك مع المعارضة وأسر الآلاف. وقدّر تقرير القيادة المشتركة للجيش الحر عدد قتلى الجيش والحرس الجمهوري والأجهزة الأمنية التابعة للجيش بنحو 135 ألفاً، في مقابل نحو 60 ألفاً تم تصنيفهم كمفقودين مصيرهم مجهول بالنسبة لقيادة الجيش.
من جانبها، أكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في تقرير أصدرته في شهر أغسطس/آب 2014، أنّ عدد المجندين الباقين في صفوف الجيش السوري يقدر بـ70 ألفاً. وهو ما دفع النظام السوري إلى الاعتماد بشكل كبير على المليشيات العراقية والإيرانية والأفغانية واللبنانية.
على صعيد متصل، تمكنت قوات المعارضة السورية، من خلال سيطرتها على مناطق واسعة في شمال وجنوب سورية، من حرمان قوات النظام من سحب أي شبان جدد من أبناء هذه المناطق للخدمة الإلزامية في الجيش السوري. وعمدت إلى إتلاف سجلات التجنيد، ومنعت الشبان من أبناء المناطق التي تسيطر عليها من الالتحاق بالخدمة.
كما جرى أمر مشابه في مناطق سيطرة داعش في شرق سورية. فقد حرم التنظيم، من خلال سيطرته على مساحات واسعة في محافظات الرقة ودير الزور والحسكة، قوات النظام من انتساب أبناء هذه المناطق لصفوفها.
الاحتياط هو البديل
بدأت قوات النظام السوري في الأشهر الأخيرة تصعيد عمليات الاعتقال العشوائي للشبان في المناطق التي تسيطر عليها، من أجل تجنيدهم في الجيش. وسجل ناشطون محليون في حلب وحماة واللاذقية ودمشق عشرات حالات الاعتقال على الحواجز العسكرية والأمنية لشبان في سن الخدمة الإلزامية، بهدف زجهم في دورات تدريبية سريعة لا تتجاوز الشهر الواحد، قبل الدفع بهم في قتال قوات المعارضة في مختلف مناطق البلاد.
وسجلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في يوم واحد، قبل منتصف الشهر الماضي، اعتقال قوات النظام سبعة وأربعين شاباً من حي الفيض في مدينة جبلة الساحلية وحدها، بهدف سوقهم إلى الخدمة الإلزامية.
وفي نفس السياق، صعّدت قوات النظام السوري من عمليات اعتقال الشبان الذين أنهوا خدمتهم الإلزامية في وقت سابق على اندلاع الثورة، بهدف إلزامهم الخدمة في الجيش تحت بند مجندي الاحتياط، وهم الذين يتم تجنيدهم في حال الحاجة لاختصاصاتهم العسكرية، في أوقات الحرب ونقص العناصر في الجيش.
وفي هذا الإطار، يلفت الناشط المعارض ثائر الشمالي لـ"العربي الجديد" إلى أنّ قوات النظام السوري اعتقلت في الشهرين الأخيرين المئات من الرجال على حواجزها العسكرية، وكذلك في عمليات مداهمة، في مناطق سيطرتها بمدينة حلب، بهدف إلزامهم الخدمة في اختصاصات عسكرية أصبحت بحاجة ماسة لها، بسبب الاستنزاف الشديد الذي تعرضت له قواتها العاملة، ومن ذلك اختصاصات المدرعات والقوات الخاصة.
فقد شنّ النظام في تلك المناطق أخيراً حملات اعتقال للشبان الذين ما زالوا في سن خدمة الاحتياط، لضمهم إلى الجيش، لتغطية النقص في العناصر، نتيجة خسارته أعدادا كبيرة في المعارك.
قبل الثورة
يفرض قانون خدمة العلم في سورية على كل شاب سوري، الخدمة في الجيش. وقد أصبحت المدة، وفق تعديل قانون خدمة العلم الأخير عام 2007، ثمانية عشر شهراً بالنسبة للشبان المتعلمين الذين يجيدون القراءة والكتابة، في مقابل 21 شهراً لغير المتعلّمين.
وكان عدد عناصر الجيش السوري إبان اندلاع الثورة في ربيع عام 2011 يقدّر بـ320 ألف عنصر وضابط.
ويوضح الضابط السابق في جهاز الشرطة العسكرية التابع للجيش السوري، محمد الأكتع، لـ"العربي الجديد" أنّ تجنيد الشبان السوريين كان يتم بشكل منظم ووفق آليات محكمة يكاد يستحيل معها أن يتهرب شاب من الخدمة بدون وجود الأعذار التي يعفي القانون أصحابها من الخدمة الإلزامية. ومن الأعذار أن يكون الشاب ابناً وحيداً لأحد والديه، أو أن تكون لديه إعاقة جسدية أو مشكلة صحية تمنعه من أداء الخدمة العسكرية. كما يمكن، بحسب القانون السوري، للشبان المغتربين دفع بدلات نقدية تعفيهم من أداء الخدمة الإلزامية، في حال تجاوزت مدة إقامتهم خارج سورية خمس سنوات.
ويتابع الأكتع أنّ على الشبان السوريين الالتحاق بالخدمة الإلزامية بعد بلوغ الثامنة عشرة. أما الذين يواصلون دراستهم الجامعية، فيمكن لهم التأجيل إلى حين إنهاء الجامعة.
أثر الثورة
تصاعد وتيرة التظاهرات المطالبة برحيل النظام، دفع الآلاف من العناصر إلى الانشقاق عن المؤسسة العسكرية الأكبر، بعد زجها في مواجهة التظاهرات المناوئة للنظام. ولم يقتصر الأمر على المجندين والضباط ممن يؤدون الخدمة الإلزامية في الجيش السوري، بل شمل ضباطاً كباراً من المتطوعين أيضاً.
وقد أشار تقرير تفصيلي صادر عن القيادة المشتركة للجيش السوري الحر، في مطلع العام الماضي، إلى أنّ عدد مذكرات البحث لدى جهاز الأمن العسكري التابع للنظام، والتي تتضمن منشقين أو متخلفين أو فارين من الخدمة الإلزامية في الجيش السوري، بلغت 189 ألف عسكري، أي ما يعادل نحو 61 في المائة من الجيش النظامي.
وقدرت القيادة المشتركة للجيش الحر، في تقريرها، عدد الضباط المنشقين الموجودين في مخيمات خاصة في تركيا والأردن بنحو 3 آلاف ضابط ، في مقابل نحو 3 آلاف و700 ضابط من مختلف الرتب العسكرية يعملون مع مختلف فصائل المعارضة في الداخل السوري.
ولم يقتصر الاستنزاف الذي أصاب المؤسسة العسكرية الأكبر على عمليات الانشقاق، بل شمل مقتل عشرات الآلاف في المعارك مع المعارضة وأسر الآلاف. وقدّر تقرير القيادة المشتركة للجيش الحر عدد قتلى الجيش والحرس الجمهوري والأجهزة الأمنية التابعة للجيش بنحو 135 ألفاً، في مقابل نحو 60 ألفاً تم تصنيفهم كمفقودين مصيرهم مجهول بالنسبة لقيادة الجيش.
من جانبها، أكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في تقرير أصدرته في شهر أغسطس/آب 2014، أنّ عدد المجندين الباقين في صفوف الجيش السوري يقدر بـ70 ألفاً. وهو ما دفع النظام السوري إلى الاعتماد بشكل كبير على المليشيات العراقية والإيرانية والأفغانية واللبنانية.
على صعيد متصل، تمكنت قوات المعارضة السورية، من خلال سيطرتها على مناطق واسعة في شمال وجنوب سورية، من حرمان قوات النظام من سحب أي شبان جدد من أبناء هذه المناطق للخدمة الإلزامية في الجيش السوري. وعمدت إلى إتلاف سجلات التجنيد، ومنعت الشبان من أبناء المناطق التي تسيطر عليها من الالتحاق بالخدمة.
كما جرى أمر مشابه في مناطق سيطرة داعش في شرق سورية. فقد حرم التنظيم، من خلال سيطرته على مساحات واسعة في محافظات الرقة ودير الزور والحسكة، قوات النظام من انتساب أبناء هذه المناطق لصفوفها.
الاحتياط هو البديل
بدأت قوات النظام السوري في الأشهر الأخيرة تصعيد عمليات الاعتقال العشوائي للشبان في المناطق التي تسيطر عليها، من أجل تجنيدهم في الجيش. وسجل ناشطون محليون في حلب وحماة واللاذقية ودمشق عشرات حالات الاعتقال على الحواجز العسكرية والأمنية لشبان في سن الخدمة الإلزامية، بهدف زجهم في دورات تدريبية سريعة لا تتجاوز الشهر الواحد، قبل الدفع بهم في قتال قوات المعارضة في مختلف مناطق البلاد.
وسجلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في يوم واحد، قبل منتصف الشهر الماضي، اعتقال قوات النظام سبعة وأربعين شاباً من حي الفيض في مدينة جبلة الساحلية وحدها، بهدف سوقهم إلى الخدمة الإلزامية.
وفي نفس السياق، صعّدت قوات النظام السوري من عمليات اعتقال الشبان الذين أنهوا خدمتهم الإلزامية في وقت سابق على اندلاع الثورة، بهدف إلزامهم الخدمة في الجيش تحت بند مجندي الاحتياط، وهم الذين يتم تجنيدهم في حال الحاجة لاختصاصاتهم العسكرية، في أوقات الحرب ونقص العناصر في الجيش.
وفي هذا الإطار، يلفت الناشط المعارض ثائر الشمالي لـ"العربي الجديد" إلى أنّ قوات النظام السوري اعتقلت في الشهرين الأخيرين المئات من الرجال على حواجزها العسكرية، وكذلك في عمليات مداهمة، في مناطق سيطرتها بمدينة حلب، بهدف إلزامهم الخدمة في اختصاصات عسكرية أصبحت بحاجة ماسة لها، بسبب الاستنزاف الشديد الذي تعرضت له قواتها العاملة، ومن ذلك اختصاصات المدرعات والقوات الخاصة.