مجموعة الأزمات الدولية تحذر من الأسوأ في ليبيا

07 ديسمبر 2015
تفاقم الأوضاع المعيشية في ليبيا (فرانس برس)
+ الخط -



حذرت مجموعة الأزمات الدولية "كرايسس غروب" من تحول الوضع الاقتصادي في ليبيا إلى الأسوأ، في ظل تناحر أطراف النزاع من أجل السيطرة على ثروات البلاد، والتي تشهد نزيفاً مستمراً في مواردها المالية بسبب الفساد وسوء الإدارة وتفاقم الاضطرابات الأمنية.

وأكدت دراسة تقييمية وتحليلية أصدرتها "كرايسس غروب" في بروكسل الأسبوع الماضي، وحصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، أن معظم الفاعلين الإقليميين والدوليين المعنيين بالشأن الليبي لا يزالون ملتزمين بوجود مصرف ليبيا المركزي والمؤسستين الوطنية للنفط والليبية للاستثمار لأهميتهما للبلاد.

وقالت الدراسة إن طرفي الصراع في البلاد يدعي الشرعية، وكل منهما يصارع للسيطرة على المؤسسات الرئيسة، ومنها المصرف المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط، التي تقع تحت سيطرة طرابلس، بينما يحاول البرلمان المعترف به دولياً في طبرق والحكومة المنبثقة عنه في البيضاء إنشاء مؤسسات موازية. كما يتنازع الطرفان على أصول المؤسسة الليبية للاستثمار (الصندوق السيادي الليبي) أمام المحاكم الدولية.

وأشارت الدراسة إلى الجهود الرامية إلى تسوية الصراع السياسي، الذي بلغ ذروته في تموز/يوليو 2014، بعد انقسام السلطة إلى برلمانين وحكومتين وائتلافين عسكريين متناحرين، يتخذ الأول من العاصمة طرابلس مقراً له، في حين يتمركز الثاني في الشرق، ويحظى كلاهما بدعم من قوى إقليمية متنافسة.

وأوضحت أن الوضع المالي للبلاد يتسم بالإنفاق المفرط بسبب الفساد وانكماش الإيرادات مع انخفاض الصادرات وهبوط أسعار الطاقة، يشكل خطرا للانهيار، كما يهدد مستوى عيش المواطنين.

واعتبرت الدراسة أنه في حال تدهورت الأوضاع المعيشية للسكان وعدم حصول القوات المسلحة للطرفين على رواتبهم، فإن الحكومتين المتنافستين على الشرعية ستفقدان الدعم الشعبي، وستدخل البلاد في موجة من التمرد والفوضى.

وتناولت الدراسة تراجع صادرات النفط الخام، بسبب الأضرار التي لحقت بمواقع الإنتاج والتصدير وإغلاق الأنابيب وغيرها من منشآت وبنيات تحتية والانخفاض الحاد في الأسعار العالمية، فإن اتخاذ تدابير علاجية بات أمراً ملحّاً.

اقرأ أيضاً: ليبيا: فئات جديدة من العملة لمواجهة شح السيولة

وتعاني ليبيا، منذ اندلاع الثورة التي أسقطت نظام معمر القذافي عام 2011، من هجمات متكررة على منشآت النفط والغاز، وإضرابات العاملين فيها والاستيلاء المسلح عليها، خاصة من قبل المليشيات التي تسعى للحصول على موارد مالية.

كما تحولت تدريجياً هذه الحوادث، التي كانت في البداية قصيرة الأمد وتتم تسويتها عادة عن طريق تقديم تنازلات من قبل الحكومة، إلى ظاهرة قائمة ودائمة، وباتت مؤشراً مرعباً على احتمال انفجار السلطة السياسية، والاقتصادية والعسكرية في البلاد عام 2015.

كما يشكل الصراع على النفط والغاز تحدياً للبلاد التي تعتمد على موارد الطاقة كشريان حياة لاقتصادها، ويدور الإنتاج النفطي حول 400 ألف برميل يومياً، مقارنة بنحو 1.6 مليون برميل قبل عام 2011، وتعتمد ليبيا على النفط لتوفير نحو 95% من إيراداتها.

وأكد تقرير حديث للمصرف المركزي، أن إجمالي العجز في الموازنة العامة للدولة خلال عامين، الماضي والجاري يقترب من 40 مليار دينار (نحو 30 مليار دولار)، محذراً من أن الاستمرار على هذا المنوال في الإنفاق يعني الانتحار المالي والاقتصادي للبلاد.

وأضاف المصرف، أن إجمالي نفقات الدولة الليبية خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري بلغت 23.8 مليار دينار بعجز يصل إلى 9.5 مليارات دينار.

وأكدت دراسة المجموعة الدولية للأزمات، أن المرحلة الانتقالية في ليبيا قد انحرفت، وأن مخاطرها الآن باتت تهدّد دول الجوار، خاصة مع تنامي ما أسمته بالتكالب حول موارد النفط ومنافسة بين المليشيات وتدخلات قوى أجنبية.

من جهة أخرى، وقع وفدان عن المؤتمر الوطني العام ومجلس النواب المنحل في العاصمة التونسية أول أمس، وثيقة إعلان مبادئ لاتفاق وطني لحل الأزمة السياسية في ‫‏ليبيا.

وتضمن الاتفاق الموقع العودة إلى الشرعية الدستورية المتمثلة في الدستور السابق، وتهيئة المناخ لإجراء انتخابات تشريعية خلال عامين، واختيار رئيس لحكومة وفاق وطني ونائبين له في غضون أسبوعين، وعدد من الإجراءات الأخرى.


 

اقرأ أيضاً:
التعثر المالي يؤخر الكتاب المدرسي في ليبيا
المضاربات وتراجع الاحتياطي وراء تدهور الدينار الليبي

المساهمون