وافق قسم التشريع بمجلس الدولة المصري على مشروع مجلس الوزراء لتعديل قانون الجنسية المصرية، لسحب الجنسية "حال صدور حكم قضائي يثبت انضمام حامل الجنسية إلى أي جماعة أو جمعية أو جهة أو منظمة أو عصابة أو كيان يهدف إلى المساس بالنظام العام للدولة أو تقويض النظام الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي لها بالقوة أو بأي وسيلة من الوسائل غير المشروعة" وليس فقط الأحكام التي تثبت الانتماء لجماعة إرهابية.
وتضمن المشروع أيضاً، زيادة المدة التي يجوز خلالها سحب الجنسية المصرية من الأجنبي الذي اكتسبها، لتكون خلال 10 سنوات بدلاً من 5 سنوات، إذا حكم عليه في مصر بحكم قضائي بات بعقوبة جنائية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخله بالشرف أو بجريمة مضرة بأمن الدولة من جهة خارجية أو داخلية، أو انقطاعه عن الإقامة في مصر بدون عذر يقبله وزير الداخلية.
وبذلك ستشهد مصر واقعاً جديد لم تشهده قط منذ تأسيسها كدولة وطنية دستورية، يتمثل في السماح بإسقاط الجنسية المصرية عن عدد غير محدد من المواطنين لاتهامهم في قضايا ذات طابع سياسي في المقام الأول، ودون اشتراط أن يكونوا قد اكتسبوا جنسية أخرى أو حاربوا الدولة المصرية أو حاولوا إسقاطها لحساب دولة أخرى، مما قد يؤدي لظهور فئة غير المجنسين أو "البدون" كما يطلق عليهم في بعض الدول لأول مرة في مصر.
ويلاحظ من صياغة المشروع - التي لم يبد مجلس الدولة عليها ملاحظات دستورية - أنه لا يوقع قرار إسقاط الجنسية كعقوبة تكميلية للأحكام القضائية الصادرة بالإدانة في قضايا الإرهاب أو العنف أو الاغتيال أو التخابر، بل إنه يتحدث عن الانضمام إلى الجماعات والجمعيات والهيئات في الداخل والخارج، مما يعني عدم ضرورة حدوث وقائع إرهابية أو أعمال عنف أو أي فعل مادي من الأساس لتصبح الحكومة قادرة على إسقاط الجنسية عن بعض مواطنيها، فيكتفى فقط أن تصدر محكمة ما –بأي درجة قضائية- نصاً في صورة حكم قضائي يثبت صفة "الانضمام" على الشخص المرغوب إسقاط جنسيته.
وقال مصدر بمجلس الوزراء المصري في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد" إن هذا المشروع كان مقدماً بالأساس من النائب مصطفى بكري، المعروف بقربه من بعض الأجهزة الأمنية والسيادية المشاركة في الحكم، كجزء من التصعيد الأمني ضد الإخوان وغيرهم من مجموعات التيار الإسلامي، عقب حادث تفجير الكنيسة البطرسية في ديسمبر كانون الأول الماضي، إلا أن وزير الشؤون النيابية، في ذلك الوقت، مجدي العجاتي أكد عدم دستورية المقترح لتصادمه مع نص الدستور الحالي، ورفض مناقشته في لجنة الشؤون التشريعية بمجلس النواب.
وأضاف، أنه تبين للدائرة الخاصة برئيس الجمهورية من استطلاع الرأي المبدئي في البرلمان أن هناك تخوفاً من منح المحاكم سلطة إسقاط الجنسية عن المتهمين المدانين، لا سيما وأنه سيكون أمامهم الفرصة للطعن على حكم الإدانة وكذلك العقوبة التكميلية بإسقاط الجنسية أمام محكمة النقض، فاستقر الرأي بعد استشارة عدد من قضاة النقض ومجلس الدولة على نقل هذه السلطة إلى مجلس الوزراء، باعتبارها "سلطة تقديرية" يراقبها القضاء، وفي الوقت نفسه تملك الحكومة بموجبها أن تسقط الجنسية عن المدانين بحكم نافذ أو حكم بات، حسب الرغبة.
إلاّ أن وزارة الداخلية اعترضت على أن تسقط الجنسية فقط عن الصادر ضدهم أحكام نهائية (أي حضورية واجبة النفاذ) أو أحكام باتة (أي غير قابلة للطعن أمام محكمة النقض) بهدف إسقاط الجنسية فعلياً عن أشخاص مقيمين داخل وخارج مصر مدانين بأحكام غيابية (أي ليست نهائية) فأوعزت إلى إدارة التشريع بوزارة العدل بأن توسع حالات الإسقاط، فيكتفى بعبارة "في حالة صدور حكم قضائي يثبت..." أي دون تحديد صفة أو درجة الحكم.