طعن قسم التشريع في مجلس الدولة المصري، برئاسة المستشار مهند عباس، بعدم دستورية بعض أحكام مشروع قانون الصحافة والإعلام، الذي انتهى القسم من مراجعته مؤخراً، وأحاله إلى مجلس النواب مجدداً، لاستكمال إجراءات إصداره، وهو القانون المعد من قبل حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي، ووافق عليه البرلمان في مجموع مواده، رغم أنه يواجه انتقادات حادة من الجماعة الصحافية.
وقال مجلس الدولة، في توصياته بشأن القانون، اليوم الأحد، إن المادة (12) من القانون تحتوي على شبهة عوار دستوري، كونها تنص على أنه "للصحافي أو للإعلامي في سبيل تأدية عمله الحق في حضور المؤتمرات والجلسات والاجتماعات العامة، وإجراء اللقاءات مع المواطنين، والتصوير في الأماكن العامة غير المحظور تصويرها، وذلك بعد الحصول على التصاريح اللازمة".
وأفاد القسم بأن هذه المادة تمثل انتهاكاً لحرية الصحافة التي كفلها الدستور، مشدداً على ضرورة حذف اشتراط حصول الصحافي أو الإعلامي على التصاريح اللازمة لممارسة حقه في حضور المؤتمرات والجلسات والاجتماعات العامة، وإجراء اللقاءات مع المواطنين، والتصوير في الأماكن العامة غير المحظور التصوير فيها.
كم ارتأى القسم أن المادة (6) من القانون تُثير شبهة عدم دستورية، كونها تنص على أنه "لا يجوز تأسيس مواقع إلكترونية داخل مصر أو إدارتها أو إدارة مكاتب أو فروع لمواقع إلكترونية تعمل من خارج الجمهورية، إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من المجلس الأعلى للإعلام، وفق الضوابط والشروط التي يضعها في هذا الشأن".
وقال القسم إن القانون يستهدف تنظيم ممارسة وحماية حرية الصحافة والإعلام من خلال ملكية المؤسسات الصحافية والإعلامية، ومن ثم كان لزاماً عليه أن يضع الإطار العام الذي يحكم منح التراخيص الواردة في تلك المادة، بحيث لا يكون مقصوراً على النحو الذي جاءت عليه المادة، ويتخلى عن اختصاص السلطة التشريعية الأصيل في هذا الشأن، ويتركه للمجلس الأعلى.
وفي المادة (26)، وتنص على أنه "يُحظر على الصحافي أو الإعلامي السعي إلى جلب الإعلانات، أو الحصول على أي مبالغ أو مزايا عن طريق نشر الإعلانات أو بثها بأية صفة، أو التوقيع باسمه على مادة إعلانية، أو المشاركة بصورته أو صوته في إعلانات تجارية مدفوعة الأجر، ويساءل المخالف تأديبياً، وإذا ثبتت إدانته يلتزم برد قيمة المبالغ أو المزايا التي حصل عليها إلى مؤسسته الصحافية أو الوسيلة الإعلامية التي يعمل بها"، ذكر القسم "ضرورة حذف ما ينص على إلزام الصحافي برد تلك الأموال الواردة في المادة، باعتبار أن ذلك يخالف الدستور، الذي نص على عدم التعدي على الأموال الخاصة أو مصادرتها إلا بحكم قضائي".
وفي الفقرة الثالثة من المادة (54) من القانون، والخاصة بتحديد رأسمال الشركات التي يرخص لها بالبث التليفزيوني أو الإذاعي، وتنص على أنه "واستثناءً من أحكام الفقرة السابقة، يجوز للمجلس الأعلى ولاعتبارات يقتضيها الصالح العام وبقرار مسبب الترخيص بالبث للشركات التي يقل رأس مالها عن القيم المشار إليها"، أكد القسم أن الإبقاء على هذا النص يعد تمييزاً منافياً لمبدأ المساواة المنصوص عليه بالدستور.
ولم تقتصر ملاحظات عدم الدستورية على مشروع القانون على الأحكام الموضوعية فقط، بل تضمنت إغفال القانون لأمور كان يقتضي عليه تنظيمها وفقاً لما أقره الدستور، إذ أشار قسم التشريع إلى أن "القانون أغفل تنظيم أمرين في غاية الأهمية، يمثل إغفالهما عواراً دستورياً، أولهما: عدم تحديد الطريقة أو الأداة التي يتم بموجبها تحصيل الضرائب والرسوم من الوسائل الإعلامية، أو المواقع الإلكترونية أو ورسوم تراخيص إعادة البث من مصر وإليها، وتحصيل المجلس الأعلى للضرائب على الإعلانات في المواقع الإلكترونية والمدونات والحسابات الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي الوسائل التي نوه القسم إلى ضرورة النص عليها بمشروع القانون تماشياً مع الدستور".
أما شبهة العوار الثانية، بحسب القسم، فتمثلت في "إغفال مشروع القانون لنص يسمح بالطعن أمام محكمة القضاء الإداري على قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بإغلاق المواقع الإلكترونية المؤسسة في مصر، أو مكاتب وفروع المواقع الإلكترونية التي تعمل من الخارج دون الحصول على ترخيص مسبق من المجلس، كما يسمح بالطعن للمواقع وأصحاب الحسابات الشخصية والمدونات التي قرر المجلس حجبها".