فشل مجلس الأمن الدولي، مساء الثلاثاء، في إصدار بيان صحافي حول التطورات الجارية في السودان، بسبب اعتراض الصين ودعم روسيا لموقفها، بحسب ما أكده مصدر دبلوماسي رفيع المستوى لـ"العربي الجديد" في نيويورك.
وأكد المصدر أن الصين عللت اعتراضها بأن التطورات الأخيرة في السودان هي "شأن داخلي".
وكان مجلس الأمن الدولي في نيويورك قد عقد اجتماعا طارئا ليلة الثلاثاء، بطلب من ألمانيا والمملكة المتحدة، لمناقشة التطورات الأخيرة على الساحة السودانية.
وعبر ممثل الأمين العام للأمم المتحدة للسودان، نيكولاس هيسوم، عن قلقه الشديد لتطور الأوضاع في الخرطوم.
وجاءت أقواله بعد خروجه من قاعة الاجتماع المغلق، الذي استمر لأكثر من ساعتين، حيث قدم إحاطته أمام المجلس حول آخر التطورات على الأرض.
وأكد هيسوم أن المجتمع الدولي يتقاسم القلق حول تطورات الأوضاع في السودان، لكنه فضل عدم الخوض في التفاصيل، قائلا إن الأمم المتحدة ما زالت تأمل بعودة الأطراف إلى طاولة المفاوضات، وتؤمن بأن الحل ما زال ممكنا.
وقال إنه ستوجه إلى السودان "في القريب العاجل"، دون أن يحدد موعدا.
وشدد المبعوث الأممي على أن "الاتحاد الأفريقي أخذ زمام المبادرة، وأظهر موقفا واضحا يرى فيه ضرورة نقل الحكم (من مجلس عسكري مؤقت) لسلطة مدنية. وعبرنا في الأمم المتحدة عن دعمنا لهذا الموقف، وسنعمل مع الاتحاد الأفريقي على ذلك".
وأصدرت الدول الأوربية بيانا ألقته ممثلة بولند، جوانا ورونسكا، بعد انتهاء الاجتماع، بحضور كل من سفراء ألمانيا وفرنسا وبلجيكا، والمملكة المتحدة، وإيطاليا والسويد وهولندا.
وأعرب البيان عن دعم دول الاتحاد الأوربي لموقف الاتحاد الأفريقي، وبيان الأمين العام للأمم المتحدة حول التطورات.
ودان بيان دول الاتحاد الأوربي مقتل المدنيين السودانيين على يد قوات الأمن، معربا عن "قلقه العميق" إزاء الأنباء التي تفيد بعدم السماح للجرحى من المدنيين بالحصول على مساعدات طبية.
وجاء في البيان أيضا أن "الأحداث الأخيرة تعيق عملية انتقال السلطة. وندعو قوات الأمن السودانية وقف جميع أعمال العنف واحترام حقوق الإنسان وضمان أمن وسلامة المدنيين"، داعيا إلى محاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة.
وأكد أن المسؤولية تقع على عاتق المجلس العسكري لحماية المواطنين السودانيين، معربا عن قلق الدول الأوروبية لإعلان المجلس العسكري نيته إجراء انتخابات خلال فترة قصيرة.
وفي وقت سابق من اليوم، كان الناطق الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوغريك، قد صرح قبل عقد اجتمع مجلس الأمن بأن "الأمم المتحدة تتابع ما يحدث في الخرطوم عن كثب ومع قلق بالغ. إن التقارير التي تردنا تشير إلى استمرار العنف ضد المدنيين وارتفاع عدد الضحايا. ونذكر مجددا المجلس العسكري السوداني المؤقت بمسؤوليته عن سلامة وأمن المدنيين في السودان".
وحثت الأمم المتحدة جميع الأطراف على "التصرف بأقصى درجات ضبط النفس، بما فيها الحفاظ على حقوق الإنسان الأساسية، كالحق في التجمع وحرية التعبير"، مشيرة إلى أنه "من الضروري أن لا يتم استخدام القوة المفرطة. ومن الأمور الرئيسية التي تقلقنا هي التقارير التي تتحدث عن هجمات ضد المنشآت الطبية"، بحسب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر الأمم المتحدة في نيويورك.
ودعت الأمم المتحدة، مجددا، إلى السماح بوصول المساعدات وتقديم الرعاية الطبية الأزمة.
وقال دوغريك، ردا على أسئلة لـ"العربي الجديد" حول توقعات الأمين العام من مجلس الأمن: "من الضروري أن يكون مجلس الأمن متحدا، وخاصة إذا كنا نتعامل من أزمة من هذا القبيل. من المهم أن يكون المجتمع الدولي موحدا، وأن يؤكد على ضرورة انتقال سلمي للسلطة".
وأضاف: "من جهتنا نستمر بدعم عمل الاتحاد الأفريقي ومطالبه"، مؤكدا على "ضرورة محاسبة قوات الأمن لإزهاقها الأرواح"، ثم شرح ردا على أسئلة إضافية أن الأمم المتحدة على تواصل مع جميع الأطراف، بما فيها جهات غير سودانية، ودول ذات نفوذ، دون أن يعطي أي تفاصيل إضافية.
أما السفير الألماني إلى مجلس الأمن، كريستوف هويسغين، فقد عبر عن قلق بلاده من تطورات الأوضاع في السودان، موضحا: "لقد شهد السودان خلال الأسابيع والأشهر الماضية مظاهرات سلمية، وكانت هناك مفاوضات مع المجلس العسكري حول نقل سلمي للسلطة، والذي كان من المفترض أن يؤدي إلى تشكيل حكومة مدنية. ثم لاحظنا تغييرا وتدخلا عسكريا أدى إلى سقوط عشرات الضحايا والكثير من الجرحى (..) نحن بحاجة ماسة للعودة لطاولة المفاوضات".
وشدد هويسغين على أن "الشرعية لا تأتي مع البنادق، ويجب أن يتم الفوز بها عن طريق العملية (التفاوضية)، هي دون شك طويلة، وأحيانا مؤلمة، ولكن لا بديل عن سلطة انتقالية بقيادة مدنية، ونحن ندعم تصريحات الأمين العام والاتحاد الأفريقي، وما طالبا به".
وردا على سؤال حول إعلان المجلس العسكري نيته إجراء انتخابات خلال تسعة أشهر، قال السفير الألماني "الانتخابات كمبدأ جيدة، ولكن أي انتخابات تحتاج التحضير لها. وندرك أن الأساس لعقد انتخابات الآن في السودان غير موجود، لا توجد قوائم أو أحزاب وغيرها. ولذلك كان الحديث عن حكومة مدنية انتقالية، يتبعها التحضير للانتخابات بعد فترة، ولكن المطالبة بعقد انتخابات على وجه السرعة يعني الوقف بوجه الديمقراطية وضدها".
وعن مطالبة الأمين العام بالتحقيق ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق المدنيين السودانيين، شدد السفير الألماني: "ندعم ما طالب به الأمين العام، فألمانيا تؤيد مبدأ المحاسبة. من غير الممكن أن يمر ما حدث دون محاسبة".