صوت مجلس الأمن الدولي، ليل الثلاثاء ــ الأربعاء، ضد مشروع قرار فلسطيني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وذلك بعد تصويت ثماني دول فقط لمصلحته مقابل دولتين صوتتا ضده وخمس دول امتنعت عن التصويت، في حين أن صدوره كان يحتاج الى تسعة أصوات.
وصوتت لمصلحة مشروع القرار ثماني دول، بينها فرنسا والصين وروسيا، في حين صوتت دولتان هما الولايات المتحدة واستراليا ضد النص الذي يحدد مهلة 12 شهراً للتوصل، من خلال مفاوضات، الى اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين.
ويحتاج القرار لكي تتم الموافقة عليه، أن تصوت لمصلحته، 9 دول على الأقل من أعضاء مجلس الأمن الـ15، وأن لا تستخدم أي من الدول الخمس دائمة العضوية (الولايات المتحدة، روسيا، فرنسا، بريطانيا، والصين) حق النقض (الفيتو) ضده.
وكانت بعض المصادر الدبلوماسية أعربت لـ"العربي الجديد"، عن "استغرابها من تقديم مشروع القرار الآن وعدم الانتظار بداية العام الجديد وتغيير بعض أعضاء المجلس". وكانت المصادر الدبلوماسية، التي فضلت عدم الكشف عن اسمها، أكدت أن "السلطة الفلسطينية وتحديداً المسؤول عن ملف المفاوضات، صائب عريقات، يضغط من أجل التصويت على مشروع القرار قبل نهاية العام، لأن التصويت في التركيبة الحالية يأتي في مصلحة الفلسطينيين". الأمر الذي أثبت عدم نجاحه كما كان المصدر الدبلوماسي قد صرح حين قال: إن احتمالات الحصول على تسعة أصوات من أصل 15 في العام الجديد أفضل من العام الحالي. وتأتي هذه الخطوة من أجل حفظ ماء الوجه للأمريكيين وعدم اضطرارهم لاستخدام حق النقض (الفيتو)، الأمر الذي يبدو أنه أثبت صحته.
ويدعو مشروع القرار إلى التفاوض لمدة 12 شهراً، من وقت تبنيه، ومن ثم تحديد فترة سنتين لانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلية من غالبية الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، أي بحلول نهاية عام 2017. وينص مشروع القرار على "حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين على أساس المبادرة العربية والقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالموضوع، بما في ذلك القرار 194، الخاص بعودة اللاجئين وتعويضهم. ويحدد المشروع القدس كعاصمة مشتركة على أن تكون القدس الشرقية عاصمة دول فلسطين. ويحدد المشروع الحدود بين الدولتين وفقاً لحدود الرابع من يونيو/حزيران 1967 وتناط حمايتها بـ"طرف ثالث". ويأخذ القرار مرجعيته من القرارات السابقة التي تبناها مجلس الأمن والأمم المتحدة بما فيها القرار 242.
وكان مشروع القرار قد واجه انتقادات حادة من الفصائل الفلسطينية المختلفة، مما اضطر الدول العربية والسلطة الفلسطينية إلى إدخال تعديلات أخذت هذه الاعتراضات وبعض المطالب الفرنسية بعين الاعتبار. وكان سفراء الدول العربية للأمم المتحدة قد أنهوا اجتماعهم، يوم أمس الاثنين، متفقين على تقديم المسودة النهائية إلى رئيس المجلس بعد إدخال تعديلات إضافية تتعلق بأمور عدة، منها القدس والأسرى والمياه والمستوطنات والحرب اللامشروعة التي نددت بها محكمة الجنايات، كما قالت سفيرة الأردن للأمم المتحدة دينا قعوار.
اتصالات نتنياهو
وقبل التصويت، أجرى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو ثلاثة اتصالات مع رؤساء دول لتأكيد عدم دعمهم مشروع القرار الفلسطيني.
وقالت "الإذاعة الإسرائيلية العامة"، مساء اليوم الثلاثاء، إن "نتنياهو، تحدث هاتفياً مع ثلاثة رؤساء دول أعضاء في مجلس الأمن الدولي للتأكد من أنها لن تدعم مشروع القرار الفلسطيني العربي المقدم إلى المجلس". ولم تحدد الإذاعة أسماء تلك الدول.
وقال مصدر سياسي مقرب من نتنياهو، بحسب ما نقلت عنه "الإذاعة الإسرائيلية"، إن "الهدف من هذه الاتصالات هو منع تأييد معظم الدول الأعضاء في المجلس لفرض تسوية تعرض أمن إسرائيل للخطر".
وفي وقت سابق، قال مندوب بريطانيا الدائم لدي الأمم المتحدة السفير، مارك ليال غرانت، إن "هناك صعوبات تعترض صياغة" مشروع القرار الفلسطيني الذي قدمته المجموعة العربية إلى مجلس الأمن لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
واشنطن تنفي تهديد كيري لعباس
من جهتها، قالت واشنطن، إن وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، لم يصدر منه أي تهديد في محادثاته مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، مشيرة إلى أن مشروع إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي قدمته الأردن قد وصف من دول مؤيدة لفلسطين على أنه "يفتقر إلى التوقيت المناسب وغير بناء".
جاء ذلك خلال الموجز الصحافي للخارجية الأميركية الذي عقده مدير العلاقات الصحافية، جيف راثكي، من واشنطن.
وقال راثكي، إن "موقفنا من المشروع (إنهاء الاحتلال الإسرائيلي) لم يتغير، هناك عدد من الدول التي أشارت إلى أنها لن تدعم هذا المشروع، حتى بين البلدان التي أيدت الفلسطينيين لأمد طويل والتي قالت إنها ستصوّت لمصلحة القرار، فإن العديد منهم قد اعترفوا أن المشروع غير بناء وجاء في وقت سيء".
راثكي، قال إن كيري، أجرى اتصالات مع 13 شخصية على الأقل خلال فترة الـ 48 ساعة الماضية بخصوص موضوع قرار المشروع، وهم وزراء خارجية مصر، الأردن، السعودية، روسيا، المملكة المتحدة، تشيلي، ليتوانيا، ألمانيا، فرنسا، لوكسمبورغ، وممثل الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى رئيس رواندا بول كاغامي، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
ولفت إلى أن كيري "لم يصدر أي تهديد خلال محادثاته مع الرئيس الفلسطيني (محمود) عباس"، مشيراً إلى أن كيري قد أعرب، خلال محادثاته مع الجميع، "عن قلق شديد بخصوص الأوضاع على الأرض".
وأوضح أن هذا القلق هو ما دفع كيري "إلى إمضاء تسعة أشهر لتعزيز المحادثات بين الأطراف (الفلسطينية والإسرائيلية)، ولأننا ندعم السلام وحل الدولتين، فإننا نرى أن هذا مشروع غير مناسب في وقت غير مناسب".
وأضاف راثكي، أنه "كل شهر يمضي من دون مشاركة بناءة بين الأطراف، تزيد الاستقطاب فقط وتسمح بمساحة أكبر من عدم الاستقرار".