مجلس الأمن يرفض طلب واشنطن إعادة فرض العقوبات على إيران

26 اغسطس 2020
إدارة ترامب تخالف الإجماع الدولي (Getty)
+ الخط -

رفض رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الثلاثاء، طلب الولايات المتحدة الأميركية إعادة فرض جميع العقوبات الأممية على إيران المرتبطة ببرنامجها النووي، وأعلن سفير إندونيسيا لدى الأمم المتحدة، ديان تريانسياه دجاني، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للمجلس، القرار ردا على طلب روسيا والصين إعلان نتيجة استطلاعه لكل آراء الدول الأعضاء الخمس عشرة بالمجلس.
وأوضح دجاني أنه لا يرى ضرورة لاتخاذ أي خطوات لنقاش أو تقديم مسودة مشروع قرار تتعلق بالطلب الأميركي إعادة فرض العقوبات على إيران أو عقد اجتماع يناقش الطلب الأميركي بهذا الخصوص. 
وقال رئيس المجلس للأعضاء في نهاية الاجتماع الذي جرى عن بعد: "بعد الاتصال بالأعضاء وتلقي رسائل من العديد من الدول الأعضاء، من الواضح لي أن هناك عضوًا واحدًا فقط له موقف خاص بشأن القضية، بينما هناك عدد كبير من الأعضاء الذين لديهم آراء معارضة".
وأضاف دجاني "من وجهة نظري لا يوجد إجماع في المجلس.. وبالتالي، فإن الرئيس ليس في وضع يسمح له باتخاذ مزيد من الإجراءات".

طبع الحذر الشديد تصريح الرئيس الدوري لمجلس الأمن


وجاءت تصريحات السفير الإندونيسي في نهاية جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي لنقاش الوضع في الشرق الأوسط، وتحديدا القضية الفلسطينية. وعادةً لا تتطرق الدول الأعضاء في المجلس خلال الجلسات التي تعقد حول القضية الفلسطينية لملفات أخرى، على الرغم من أن ذلك ممكن من الناحية النظرية لأن تلك الجلسات تعقد تحت بند نقاش الوضع في الشرق الأوسط. إلا أن هذه هي الجلسة الأولى التي يعقدها المجلس بشكل مفتوح وتتعلق بأحد ملفات الشرق الأوسط منذ الخميس الماضي، حين قدم الجانب الأميركي بحضور وزير الخارجية مايك بومبيو إلى نيويورك طلبا بإعادة فرض العقوبات الدولية على إيران. 

تقارير دولية
التحديثات الحية

وطبع الحذر الشديد تصريح الرئيس الدوري لمجلس الأمن، لا سيما لدى وضعه في سياقه الأوسع المتعلق بأحد بنود قرار مجلس الأمن رقم 2231 للعام 2015، والذي يدعي الجانب الأميركي أنه يعتمد عليه لإعادة تفعيل فرض العقوبات على إيران. 
وتشير الفقرة الحادية عشرة من القرار أنه، وبموجب البند 41 من ميثاق الأمم المتحدة، يتعين على مجلس الأمن التصويت على مشروع قرار تضعه إحدى الدول الأعضاء في مجلس الأمن للتصويت، خلال ثلاثين يوما من حصول مجلس الأمن على إخطار من إحدى الدول الأعضاء في "خطة العمل الشاملة المشتركة" بأن دولة مشاركة في الاتفاق النووي الإيراني خرقت تعهداتها بشكل صارخ. 

استغلت الدول الأعضاء في مجلس الأمن تصريح رئيسه لتعبر عن مواقفها الرافضة للخطوة الأميركية


وتشير الفقرة كذلك إلى أنه وفي حال لم تقدم أي دولة عضو في مجلس الأمن، وخلال عشرة أيام من الإخطار، مشروع قرار للتصويت فيتوجب على رئيس مجلس الأمن تقديمه للتصويت خلال الأيام الثلاثين التالية، ويأخذ رئيس مجلس الأمن بعين الاعتبار رأي الدول المعنية والأعضاء في خطة العمل الشاملة بما فيها اللجنة الاستشارية. وهنا تأتي أهمية تصريح السفير الأندونيسي التي تظهر أن مجلس الأمن متحد في اعتباره الخطوة الأميركية غير قانونية وملزمة من جهته، حيث لم تعد الولايات المتحدة طرفا في الاتفاق مند انسحابها منه قبل سنتين، وبهذا لا يرى المجلس أن عليها أن تناقش أو تصوت على مشروع قرار يعيد فرض العقوبات الدولية بشكل شامل على إيران. 
واستغلت الدول الأعضاء في مجلس الأمن تصريح رئيسه لتعبر عن مواقفها الرافضة للخطوة الأميركية معتبرة إياها غير قانونية وغير ملزمة قانونيا، ومن ضمنها أقرب حلفاء للولايات المتحدة كالمملكة المتحدة. وقال نائب السفيرة البريطانية جيمس روسكو، "ترى المملكة المتحدة أن الولايات المتحدة لم تعد مشاركة في خطة العمل الشاملة المشتركة بعد انسحابها من الصفقة في الثامن من مايو/ أيار 2018. وبذلك لا يحق لها إعادة تفعيل تلك العقوبات". وهو الموقف نفسه الذي صرحت به ألمانيا وفرنسا، وهي الدول الأوروبية الثلاث بالإضافة لبريطانيا الموقعة على الاتفاق النووي الإيراني. وعبرت هذه الدول كذلك في أكثر من مناسبة عن معارضتها للخطوة الأميركية، ولفت سفراء تلك الدول في مداخلاتهم الانتباه إلى البيان المشترك الذي صدر بعد تقديم بومبيو إخطاره رسميا الخميس للأمم المتحدة. 
وجاء في البيان الألماني والفرنسي والبريطاني المشترك "نلاحظ أن الولايات المتحدة لم تعد مشاركة في خطة العمل المشتركة بعد انسحابها في 8 مايو/ أيار 2018، وبالتالي، فإن موقفنا بشأن الإخطار الأميركي بموجب القرار 2231 قد تم التعبير عنه بوضوح شديد للرئاسة وجميع أعضاء مجلس الأمن الدول، ويتمثل بعدم مقدرتنا على دعم هذا الإجراء الذي يتعارض مع جهودنا الحالية لدعم خطة العمل الشاملة المشتركة". 

وأضاف البيان "تلتزم الدول الثلاث بالحفاظ على العمليات والمؤسسات التي تشكل أساس التعددية. وما زلنا نسترشد بهدف الحفاظ على سلطة ونزاهة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. ندعو جميع أعضاء مجلس الأمن إلى الامتناع عن أي عمل من شأنه أن يعمق الانقسامات في مجلس الأمن أو تكون له عواقب وخيمة على عمله." 
وانتقد البيان عدم التزام إيران ببعض بنود الاتفاقية، الذي جاء بعد سنة من انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية وفرضها عقوبات قاسية على إيران لا يتماشى بعضها مع قرار مجلس الأمن رقم 2231. وشددت الدول الثلاث على "ضرورة الالتفات إلى قضية عدم الامتثال الإيراني المنهجي لالتزامات خطة العمل الشاملة المشتركة، من خلال الحوار بين المشاركين في الدول الموقعة على الخطة، بما في ذلك من خلال اللجنة المشتركة واستخدام آلية تسوية المنازعات". كما حثت طهران على "التراجع عن جميع الإجراءات التي تتعارض مع التزاماتها النووية والعودة إلى الامتثال الكامل من دون تأخير." 
من جهته، حاول الطرف الأميركي تجاهل مواقف جميع الدول في مجلس الأمن المعارضة لخطوته، والتي لا ترى أنها قانونية، بإصداره تصريحات جديدة مفادها أن الخطوة الأميركية ما زالت ملزمة لجميع الدول على الرغم من التصريحات التي أدلى بها أغلبية السفراء في المجلس نهاية الجلسة، وتعبيرهم بوضوح شديد عن عدم موافقتهم أو التزامهم بالطلب الأميركي وعدم قانونيته. 

وأصدرت البعثة الأميركية في الأمم المتحدة بيانًا قالت فيه إن الولايات المتحدة "على أرضية قانونية ثابتة لاستئناف العقوبات" بموجب قرار مجلس الأمن الذي أيد الاتفاق النووي لعام 2015.
وقالت البعثة "حقيقة أن بعض أعضاء المجلس عبروا عن عدم موافقتهم على موقفنا القانوني في اجتماع افتراضي غير رسمي وليس له أي أثر قانوني".
ومن غير الواضح ما هي الخطوات التي سيتخذها الطرف الأميركي لمواجهة المجتمع الدولي الذي لا يتفق معه.

المساهمون