في كتاب "مختارات سياسية من مجلة "المنار" لرشيد رضا"، الصادر حديثاً عن سلسلة "طي الذاكرة" في "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، يستعيد المؤرخ والأكاديمي اللبناني وجيه كوثراني نصوص المفكر الإسلامي (1865 – 1935) المنشورة في مجلته التي أسّسها عام 1898، بصيغة مختارات سياسية وموضوعات ومواقف في مرحلة تاريخية حاشدة بالحوادث.
يسعى الكتاب إلى تقديم مادة أولية تساعد في كشف مراحل تكوّن فكر رضا، بصفته فقيهاً مشبعاً بالثقافة الإسلامية التقليدية الرسمية، ومواجهته حوادث وتحديات كان من شأنها أن تهز القناعات والمسلَّمات الموروثة، وأن تفرض أمراً واقعاً يستدعي التكيف مع حاجات جديدة، نتجت من تحديات التوسع الرأسمالي الغربي ومشروعاته في مرحلة الإمبريالية.
في المقدمة "رشيد رضا فقيه يبحث عن دولة زمن أفول العثمانية"، يتناول كوثراني نشأة رضا ومصادر ثقافته وتأسيسه المنار، ومواقفه السياسية من خلال نصوص مختارة.، فـالمجلة رافقت حوادث حوالى أربعين سنة من التاريخ العربي، شكلت مرحلة انهيار الدولة العثمانية وبروز الصيغ العربية البديلة للدولة في ضوء أشكال التبعية للرأسماليات الغربية ونماذجها الدستورية والسياسية والثقافية.
يورد المؤلّف في الفصل الأول "الإصلاح والإسلام والتعليم وأوروبا"، ستة نصوص، هي: الشيخ محمد عبده: عنوان الفصل السابع من تقرير اللورد كرومر عن مصر والسودان لسنة 1905، وتعليق رشيد رضا عليه؛ التعصب وأوروبا والإسلام؛ منافع الأوروبيين ومضارهم في الشرق: الاستبداد؛ كتابان سياسيان للأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده (أو مطالب مصر من إنكلترا)؛ رأي الأستاذ الإمام في السياسة (أو سياسته)؛ خطاب صاحب "المنار" على طلاب الكلية الأمريكانية المسلمين في بيروت.
يُدرج كوثراني طي الفصل الثاني "الدولة العثمانية والعلاقات العربية – التركية وإعلان الدستور"، أربعة نصوص لرضا، هي: إعادة القانون الأساسي ومجلس المبعوثان في الدولة العلية؛ عيد الأمة العثمانية بنعمة الدستور والحرية، الجمعة 25 جمادى الآخرة (11 تموز "يوليو")؛ العرب والترك (واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا)؛ رحلة صاحب "المنار" في سوريا.
في الفصل الثالث "المسألة العربية وثورة الشريف حسين"، ثلاثة نصوص لرضا: المسألة العربية: مقالة للتاريخ؛ آراء الخواص في المسألة العربية واستقلال الشريف في الحجاز؛ تأسيس حكومة مكة وخطبة رشيد رضا في منى. يرى كوثراني أن موضوع الاستقلال عن الأتراك بالنسبة إلى رشيد رضا، يبقى مرتبطًا بمسألة الأمانة التاريخية للإسلام: حمايته وإنشاء دولته. فإذا كان الاتحاديون الملاحدة (على حد قول رضا) قد خانوا الإسلام ونكلوا بالعرب، وما عاد بالإمكان الرهان عليهم، فإن مشروع الشريف حسين يقدم لرضا، في عام 1916، إمكانية المشروع البديل في حال سقوط الدولة العثمانية.
أما الفصل الرابع، "المسألة السورية والنزعة الإقليمية اللبنانية"، فيضم خمسة نصوص لرضا: المسألة السورية والأحزاب؛ الرحلة السورية الثانية؛ الحكومة السورية الجديدة: أجمهورية تكون أم ملكية؛ الجنسية اللبنانية وغلو طلابها؛ لبنان الكبير وطن مسيحي (هكذا يقول بطرك الموارنة الزعيم الديني السياسي). وفي الفصل الخامس والأخير "الهاشميون وعبد العزيز بن سعود"، نص وحيد: الخطر على الحجاز وعلى الإسلام.