مجزرة سروج تفتح نقاش السلام والحدود والسياسة الخارجية

22 يوليو 2015
ارتفع عدد قتلى المجزرة إلى 32 (جوخان ساهن/getty)
+ الخط -
تستمر التفاعلات على مستوى السياسة الداخلية التركية بعد التفجير الذي ضرب المركز الثقافي في بلدة سروج في ولاية أورفة التركية، يوم الإثنين، واستهدف اتحاد جمعيات الشبيبة الاشتراكية التابع لحزب "الشعوب الديمقراطي" (ذي الغالبية الكردية)، والذي أسفر عن وقوع مجزرة تمثلت بمقتل أكثر من 32 شخصاً حتى الآن، وجرح 104 آخرين.

وزار رئيس وزراء الحكومة الانتقالية أحمد داود أوغلو، أمس، جرحى التفجير الذين يتلقّون العلاج في مدينة أورفة، مؤكداً أن الحكومة ستتخذ قرارات بتعزيز الإجراءات الأمنية على الحدود السورية التركية، وأن الدولة ستبذل قصارى جهدها لمحاسبة المسؤولين عن التفجير، وذلك قبل توجهه إلى ولاية أدايمان للمشاركة في مراسم تشييع أحد الجنود الذين قتلوا في اشتباكات مع حزب "العمال الكردستاني".

وأشار داود أوغلو إلى أنه تم التثبّت من هوية أحد المتهمين في التفجير، وما تزال التحقيقات مستمرة، قائلاً إنه "تم تحديد مشتبه به، وتجري حالياً تحريات للكشف عن كامل ارتباطاته في داخل وخارج البلاد".

اقرأ أيضاً: تنديد تركي رسمي بالانفجار الذي هز منطقة سوروج

وشدد داود أوغلو على أن الحكومة لا تفرق بين مواطنيها وتتخذ جميع الإجراءات لحمايتهم. كما رد على اتهامات بعض قيادات "الشعوب الديمقراطي" للحكومة بالتعاون مع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، قائلاً "نحن لسنا كبقية الأطراف، ولا نقيم علاقات مع أي تنظيم إرهابي"، في إشارة إلى علاقة "الشعوب الديمقراطي" بحزب "العمال الكردستاني".

وجدد أوغلو دعوته لأحزاب المعارضة الممثلة في البرلمان التركي (الشعب الجمهوري، والحركة القومية، والشعوب الديمقراطي) إلى إصدار بيان رباعي بعنوان "لا مكان للإرهاب والعنف في تركيا بعد الآن".

بدوره، عقد حزب "الشعوب الديمقراطي" اجتماعاً موسعاً للجنته المركزية، لتقييم الموقف بعد التفجير الذي أصاب أنصاره. وأجرى كل من صلاح الدين دميرتاش وفيغان يوكسداغ مؤتمراً صحافياً مشتركاً في المقر العام للحزب في العاصمة أنقرة.

ودعا دميرتاش في المؤتمر إلى اجتماع طارئ للبرلمان التركي، لمناقشة ثلاثة مواضيع رئيسية، وهي عملية السلام التي تديرها أنقرة مع "العمال الكردستاني"، والعلاقة بين أنقرة ومناطق الإدارة الذاتية في سورية، والتي يسيطر عليها حزب "الاتحاد الديمقراطي" (الجناح السوري للعمال الكردستاني)، والسياسات الخارجية والتهديدات التي يشكّلها "تنظيم الدولة الإسلامية" (داعش). وقال "ندعو إلى اجتماع طارئ لمجلس النواب لمناقشة ثلاثة مواضيع رئيسية، أولها عملية السلام، ففي حال أصبحت العملية ضمن البرلمان بقرار، فإن ذلك سيسهل عملية تحقيق السلام داخل وخارج البلاد. ثانياً تحديد علاقة تركيا بمناطق الإدارة الذاتية في سورية، حيث يتعيّن على البرلمان توضيح هذه العلاقة بقرار. وثالثاً، السياسات الخارجية وتهديدات (داعش)، والتي يتعيّن فيها على البرلمان أن يتخذ قراراً يصبح مرجعية لسياسات الحكومة".

جاءت دعوة دميرتاش بعدما دانت هيئة شكّلها حزب "الشعب الجمهوري" من عدد من نوابه التفجير، إثر قيامها بمعاينة موقع التفجير وزيارة الجرحى. ودعت اللجنة إلى فتح تحقيق في المجلس النيابي التركي في ما يخص تفجيرات سروج. كما وجهت دعوة إلى كل من وزير الداخلية ورئيس الاستخبارات لتقديم استقالتيهما، استجابة لما أطلقت عليه "التقصيرات والفجوة الأمنية".

وتوضيحاً للدعوة التي صدرت أمس عن "الشعوب الديمقراطي" لأنصاره باتخاذ إجراءات وتدابير أمنية لحماية أنفسهم، دعا دميرتاش إلى زيادة التدابير الأمنية في مختلف المناطق التركية، قائلاً "لقد تم إطلاق النار على مركزنا العام، ومن ثم وقع هجومان على فرعين تابعين لحزبنا، وبعدها حصل هجوم على الحشد الجماهيري، والذي نظمه حزبنا في مدينة دياربكر قبل الانتخابات، ونحن دعونا تشكيلاتنا الحزبية إلى زيادة الإجراءات الأمنية، وفي ما يخص المساجد وبيوت الجمع ومراكز التسوق والنقابات، لا بد من رفع الإجراءات الأمنية، سواء الحكومية أو تلك التي تقيمها الجماعات المعنية لحماية نفسها، إن هذا ليس هوساً أو هلعاً، أو حتى نشر أجواء من الخوف، ولكن علينا ألا نسمح لـ"داعش" بنشر وحشيته، وأقول لمن يدعو إلى تسليح حزب الشعوب الديمقراطي: وكأنكم تريدون أن يستمر "داعش" في ارتكاب المجازر بسهولة في تركيا".

وردّاً على دعوة داود أوغلو بإصدار بيان من جميع الأحزاب المتواجدة في البرلمان بعنوان "لا مكان للإرهاب والعنف في تركيا بعد الآن"، قال دميرتاش: "لدينا تاريخ طويل في العمل لإنهاء العنف، ووصلنا بفضل ذلك إلى إعلان دولمة بهجة".

وجاء إعلان "دولمة بهجة" في مؤتمر صحافي مشترك عقد في قصر دولمة بهجة، حيث مقرّ رئاسة الوزراء، بين الحكومة التركية وهيئة "الشعوب الديمقراطي" المسؤولة عن عملية السلام في فبراير/ شباط الماضي. وتضمن عشرة بنود وضعها زعيم "العمال الكردستاني" عبد الله أوجلان، للتفاوض وحل القضية الكردية، ودعا خلالها إلى ترك النضال المسلّح والتحول نحو النضال الديمقراطي.