مجزرة تاجوراء: محاولات توريط "الوفاق" في غريان لتبرئة حفتر؟

04 يوليو 2019
جانب من قصف مخيم اللاجئين في تاجوراء (حازم تركية/الأناضول)
+ الخط -

وصل عدد ضحايا مجزرة تاجوراء، شرقي العاصمة الليبية طرابلس، اليوم الخميس، إلى 60 قتيلاً و77 جريحاً، غير أنّ هناك محاولات تجري لربط المجزرة التي ارتكبتها طائرات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بدعوى قتل حكومة "الوفاق" أسرى وجرحى في مدينة غريان، الأسبوع الماضي.

وأكدت البعثة الأممية في ليبيا، إرسال لجان تحقيق على الأرض، لكن اللافت في إعلانها الذي جاء بعد ساعات من وقوع المجزرة في تاجوراء، ربطها بدعوى قتل قوات حكومة "الوفاق" أسرى وجرحى من قوات حفتر في مستشفى مدينة غريان شمال غربي البلاد، إثر استعادة السيطرة عليها، الأربعاء الماضي.


وفي هذا الإطار، قال المحلل السياسي والخبير القانوني الليبي عبد الحميد المنصوري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأمم المتحدة وبعثتها تعرفان تماماً حقيقة الجرائم التي تحدث على الأرض، والربط بين الجريمتين تلويح وتلميح إلى وقوف حفتر وراء مجزرة تاجوراء".

وأوضح المنصوري أنّه "بعد فشل حفتر في تسويق دعاوى وقوع مجزرة بحق جرحى وأسرى قواته في غريان، تحوّل إلى إثارة الرأي العام على حكومة الوفاق ومحاولة توريطها في قتل مهاجرين غير شرعيين".

وتابع "ستكتشف لجان التحقيق فوراً المسافة الفاصلة بين معسكر الضمان الذي قصفته قوات حفتر واعترفت بذلك، وبين مركز الإيواء الذي تعرّض للقصف، في وقت كانت فيه طائرة لحكومة الوفاق تقصف مواقع حفتر جنوب شرق طرابلس"، معتبراً أنّ "العملية واضحة لناحية توريط قوات الحكومة، بينما حفتر وحلفاؤه يحاولون تعويض خسارة غريان بأي شكل".

ورأى المنصوري أنّ "هذا دليل على أنّ العملية أُديرت بحنكة، حتى تتهم حكومة الوفاق بقتل المهاجرين من دون إصابة الحراس التابعين لقواتها".

وأوضح أنّ "دقة القصف وحداثة الصواريخ والتنفيذ الليلي، كلها مؤشرات على أنّ الطائرة التي نفّذت القصف أجنبية"، قائلاً "إذا أضفنا ذلك لأدلة العثور على ثلاث طائرات من طراز (إف 16) وثلاث أخرى مسيّرة وأسلحة أميركية مصنّعة للإمارات، و73 عربة (تايغر) إماراتية في غريان بعد السيطرة عليها، فإنّ أصابع الاتهام تتجه نحو حفتر بلا شك".

من جهته، لفت المسؤول في جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في طرابلس، محمود الهواري، إلى أنّ "الأدلة الأولية تشير إلى أنّ الصواريخ التي قصف بها مركز الإيواء تركت آثاراً عمقها يزيد عن المترين في الأرض، واستهدفت غرف المهاجرين مباشرة من دون أن تلحق أي أذى بحراسات المركز".




في المقابل، أشار الناشط السياسي أشرف الرواف، الموالي لقوات حفتر، إلى عرقلة واشنطن مشروع قرار تقدّمت به بريطانيا لمجلس الأمن، أمس الأربعاء، لإدانة القصف على تاجوراء.

وسأل "كيف لم تصل كل أدلة المنصوري إلى المجتمع الدولي؟ فلو ثبتت بالفعل لأدان المجلس قوات الجيش والمشير حفتر"، قائلاً، في حديث لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، إنّ "المجتمع الدولي يميل لصالح حكومة الوفاق، لا كما يشاع لصالح حفتر، بدليل إعاقة القرار الدولي الذي سيدين عند التحقيق حكومة الوفاق".

وعن المواقع المدنية التي استهدفها طيران حفتر، آخرها مطار امعيتيقة في طرابلس، مساء الأربعاء، قال الرواف إنّ "مليشيات الحكومة تتخذها مواقع لتخزين الذخيرة ومراكز لقيادة المعركة، بمشاركة ضباط أجانب، ولذلك فهي هدف مشروع".

وكان محمد المنفور، آمر سلاح الجو في قوات حفتر، أعلن عن إطلاق عملية جوية واسعة، الأحد الماضي، لاستهداف مواقع قوات حكومة "الوفاق" في طرابلس والمدن المجاورة لها، ما حدا بوزير داخلية حكومة "الوفاق" فتحي باشاغا، إلى اتهام المنفور بالمسؤولية المباشرة عن القصف الذي طاول مركز الإيواء في تاجوراء.



في المقابل، يشدد المنصوري على أنّ "دعوى تخزين قوات حكومة الوفاق للذخائر داخل مقر إيواء مهاجرين أو داخل المطار، لا يُعتبر سبباً يبيح لحفتر استهدافها".

وتساءل، في حديثه لـ"العربي الجديد"، "وماذا عن قصف ستة مستشفيات بعضها ميداني يقدم خدمات للنازحين في طرابلس؟ وماذا عن مدرسة عين زاره؟ وماذا عن ضحايا حي بوسليم؟ هل خزنت حكومة الوفاق الذخيرة في بيوتهم؟!".

واستغرب المنصوري "موقف المجتمع الدولي إزاء تعرّض مهاجرين للقتل"، وقال إنه "قبل قصف مركز تاجوراء بيوم، قُصف حي الهضبة وتسبب في وفاة طفلة وشاب، وإصابة أربعة من أسرة واحدة والعشرات قبلهم وربما بعدهم أيضاً، لم نسمع المجتمع الدولي يثور"، مضيفاً أنّ "دولاً كبرى كالولايات المتحدة لا تزال تحت تأثير مزاعم داعمي حفتر في الإمارات ومصر".

وأعرب عن اعتقاده بأنّ "البعثة الأممية أشارت إلى هذا الأمر بشكل ضمني، عندما ربطت التحقيق في المجزرة بحادثة غريان التي ادعى حفتر أنّ قوات حكومة الوفاق قتلت خلالها أسرى وجرحى من قواته فيها".

وشدد على أنّ "البعثة لديها علم بطلب وزارة العدل من أهالي قتلى قوات حفتر في غريان الذين سلمهم الهلال الأحمر، الجمعة الماضية، عدم دفنهم حتى يتم إخضاعهم للطبيب الشرعي لإثبات صحة دعوى حفتر، لكن الأمر لم يستجب له".

ورجّح المنصوري أنّ "التحقيق في الحادث لن ينتهي، كما عرقلت دولٌ قرار إدانة المجزرة في مجلس الأمن، لأنّ التحقيق سيثبت تورط دول على رأسها الإمارات ومصر، تماماً كما توقف التحقيق في مجزرة بحق أهالي مدينة درنة عام 2017 التي نفّذها الطيران المصري، بحجة قصف مواقع إرهابية راح ضحيتها عشرات المدنيين، والحال نفسه في مجزرة الأبيار التي راح ضحيتها 34 مدنياً، فيما القاتل رغم مطالب الجنائية الدولية بتسليمه لا يزال يعيش حراً في بنغازي"، بحسب قوله.