مجزرة الكلية العسكرية في ليبيا: السلاح إماراتي وتحرّك قانوني لمقاضاة حفتر

06 يناير 2020
راح ضحية الجريمة 30 طالباً (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -
يتحرّك فريق خبراء قانوني تابع لحكومة الوفاق من أجل إعداد ملف خاص بجريمة قصف الكلية العسكرية بطرابلس، ليل السبت، التي راح ضحيتها 30 طالباً، وأصيب 34 آخرون، بحسب إحصاءات وزارة الصحة بطرابلس، وتقديمه للمحاكم الدولية.
ونفى المتحدث الرسمي باسم قيادة قوات حفتر، أحمد المسماري، في تصريحات عدة، مسؤولية قوات حفتر عن الحادث، مستعرضاً في بعض تصريحاته، ما سماه بالأدلة التي تثبت أن الحادث لم يكن بواسطة صاروخ بل بتفجير من داخل الكلية، في محاولة لإلقاء مسؤولية الحادث المروع على الحكومة وقواتها.
وبعد إنكار المسماري مسؤولية الطيران الداعم لحفتر عن قصف الكلية، نشرت عملية "بركان الغضب"، على صفحتها الرسمية، تسجيل إحدى كاميرات المراقبة بالكلية، التي أظهرت طلاب الكلية وهم يؤدون التمام الليبي، قبل أن يسقط عليهم صاروخ ويرديهم بين قتيل وجريح.
وفي أوّل ردود الفعل الدولية، حمّلت السفارة الأميركية قوات حفتر بشكل صريح مسؤولية الهجوم الذي استهدف الكلية.
ودانت السفارة، في تغريدة لها ليل الأحد، التصعيد العسكري في طرابلس خلال الأيام الأخيرة، موضحة أن التدهور الأمني يؤكد مخاطر التدخل الأجنبي في ليبيا، داعية كافة الأطراف إلى إنهاء العنف، ومؤكدة أنها مستعدة للمساعدة في إعادة إطلاق حوار سياسي برعاية أممية.



ولاحقاً، كشفت عملية "بركان الغضب" عن المزيد من الأدلة، موضحة أنه بعد المعاينة الأولية لشظايا وبقايا الصاروخ الذي استهدف الكلية، تبين أنه من نوع Blue Arrow 7 Ba-7، أطلقته طائرة مسيّرة صينية الصنع، كان تقرير خبراء الأمم المتحدة قد أكد أن هذا الطراز من الطائرات قدمته الإمارات كدعم لقوات حفتر في حربها على العاصمة طرابلس.


وأوضح مصدر تحدث لـ"العربي الجديد"، أن الحادث المروع استرعى انتباه كثير من المنظمات الحقوقية الدولية التي طلبت الاطلاع على ملفات التحقيق، لكنه أشار إلى أن الملف يتم إعداده بالاشتراك مع أكثر من وزارة، من بينها وزارة الصحة التي تمتلك أدلة أخرى وشهود عيان من المنطقة.
ويشير المصدر إلى أن تزايد الاهتمام بالاطلاع على ملفات التحقيق يؤكد أن القضية ستلقى طريقها هذه المرة إلى ردهات محكمة الجنايات الدولية، عكس الحوادث الأخرى التي تعتبرها المحاكم الدولية حوادث نزاع ولا يمكن البت فيها، وهو ما يراه المحامي الليبي، هشام أبوسيف، ممكناً إذا تم تجريده من المواقف السياسية.
ويوضح أبو سيف رأيه لـ"العربي الجديد"، بالقول إن "تعقيد القضية بالإشارة إلى تورط دولة الإمارات أو غيرها، سيجعل القضية تأخذ بعداً سياسياً على صلة بالمعركة، ما يمنع وصولها بشكل سريع إلى المحكمة"، لافتاً إلى أن الأمثلة عديدة، مثل التحقيق مع إسرائيل في جرائم حرب وضد الإنسانية وقعت في فلسطين.

ويرى أبو سيف أن ربط تلك الجرائم بأطراف خارجية، عطّل الاستفادة من جرائم ارتكبها حفتر في العام الماضي، وأكدت البعثة الأممية مسؤوليته عنها، مثل مجزرة مركز إيواء المهاجرين في تاجوراء، التي راح ضحيتها قرابة الستين مهاجراً، مطلع يوليو/تموز الماضي، ومجزرة مرزق، مطلع أغسطس/آب، التي راح ضحيتها أكثر من أربعين مدنياً، وكلها اتُهمت فيها طائرات دول تدعم حفتر، وتقدّم له الحماية في كواليس المنظمات الدولية والعواصم الكبيرة.
وعلى الرغم من مسؤولية حفتر، بحسب القانون العسكري، عن جرائم ارتكبها جنوده، إلا أن المحكمة في لاهاي طلبت جلب القيادي في قوات الصاعقة محمود الورفلي، ولم تشر إلى حفتر نفسه، الذي لا يزال يرفض قرارات المحكمة بتسليم الورفلي، ويعتبره مستمرّاً في عمله العسكري، من خلال ترقيته من رائد إلى مقدم. لكن أبوسيف يضيف إلى ما سبق عوامل أخرى من بينها انتفاء أهمية حفتر بالنسبة للعديد من الدول، موضحاً أنه سيتلقى حماية من الدول التي تدعمه سراً، وإذا ما انتهت مصالحها معه، سيكون من السهل تقديمه للمحاكمة.
وبحسب المحامي الليبي، فإن أقصر طريق لوصول حفتر للقضاء هو رفع دعاوى ضده في القضاء الأميركي، باعتباره مواطناً يحمل جنسية أميركية.