وتم تقديم المقترحات، التي جاءت تتويجا للحوار الشبابي الذي دار على مدى ثلاثة أشهر بين شباب الأحزاب السياسية، داخل معهد تونس للسياسة، لإعداد وثيقة عمل تحمل مقاربة استراتيجية شاملة في كيفية التصدي للإرهاب والوقاية منه، وذلك لتقديمها للرأي العام ورفعها للمؤتمر الوطني لمكافحة الإرهاب المزمع تنظيمه في شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
محسن الرياحي، المنسق العلمي لمعهد تونس للسياسة، قال لـ"العربي الجديد" إنه "ربما فشلت الأحزاب داخل البرلمان أو خارجه في الاجتماع وإيجاد توافقات في موضوع الإرهاب أو غيره، لكننا استطعنا داخل المعهد تجميع شباب أغلب الأحزاب السياسية الفاعلة في الساحة التونسية لإيجاد استراتيجية ضد الإرهاب تشمل كل المقاربات"، وأضاف الرياحي "أملنا أن يأخذ هذا الحوار الوطني ما وصلنا إليه خلال هذا اللقاء الشبابي".
وتقرر تنظيم الموتمر الوطني لمكافحة الإرهاب يومي 24 و25 أكتوبر/تشرين الأول، وتمّ التأكيد في بلاغ للحكومة التونسية على اتخاذ كافة التدابير الضرورية لتأمين عوامل نجاحه، وضمان أوسع مشاركة ممكنة للأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية والمجتمع المدني ورجال الدين وأهل الخبرة والاختصاص وكلّ الأطراف المعنية.
من جهته، أكد أحمد إدريس، مدير معهد تونس للسياسة، لـ"العربي الجديد"، أن "ما جمع هؤلاء الشباب هو قناعتهم بخطورة ظاهرة الإرهاب التي بدأت تنخر مجتمعنا التونسي، وبالتالي ضرورة محاربتها بشتى الطرق المتاحة، خاصة داخل الأحزاب السياسية"، مضيفا: "لقد وجدت نقاط اختلاف بين شباب الأحزاب حول إيجاد استراتيجية لمحاربة الإرهاب، لكن نقاط التوافق كانت أكثر، وهي التي بنينا عليها الخطة للتصدي لهذه الظاهرة".
وقدم منسقو شباب الأحزاب المشاركة، جملة من الاقتراحات والتصورات الاستراتيجية لمحاربة الإرهاب. وذكر علي حمدوني، منسق الورشة القانونية، النقائص الموجودة في المقاربة القانونية في تونس، وأهمها "عدم التنصيص صلب قانون الإرهاب الجديد على القانون الدولي والاتفاقيات والبروتوكولات الدولية، التي هي المرجع والأساس لحقوق الإنسان وللمحاكمة العادلة، لأن عدم احترامها سيساهم في تفاقم ظاهرة الإرهاب"، وكذلك "عدم مصادقة الدولة التونسية على جميع الاتفاقيات والمعاهدات والبروتوكولات الدولية، واتخاذ قانون الإرهاب شكل قانون أساسي مخالف تماما لأحكام الفصل 65 من الدستور الذي يحصر المسائل التي يمكن أن تتخذ النصوص المتعلقة بها شكل قوانين أساسية".
وبخصوص التوصيات التشريعية، أكد حمدوني "الحرص على وضع تعريف دقيق وشامل لظاهرة الإرهاب يستوعب سائر الأفعال المنسوبة أو المرتبطة بالجرائم الإرهابية، وتجنب الخلط بينها وبين ممارسة الحريات الجماعية، كحق التظاهر وحق التنظيم وحق الاجتماع".
منسق المقاربة الأمنية، أيمن الشريف، من حزب نداء تونس، شدد على "وجوب توفير الحماية الضرورية للأمنيين والعسكريين في مجال مكافحة الإرهاب، طبقا لتوصيات المؤتمر الثامن للأمم المتحدة لسنة 1991، الذي يعتبر أنه من حق أعوان الأمن والجيش المدافعين عن الوطن التمتع بحماية خاصة، من دون أن يشكل ذلك اعتداء على حقوق الأشخاص".
وطالب الشريف "بتشريع قانون متعلق بتحسين وضعية الأمني والعسكري، تهدف إلى طمأنتهم بالتزام الدولة برعاية عائلاتهم ماديا واجتماعيا".
أما بخصوص المقاربة التربوية، فقد دعت منسقة الورشة، تاج ملك عويشية، من الحزب الجمهوري إلى "تنقيح القرارات المتعلقة بإصلاح المنظومة التربوية، بما يمكن أن يشمل إصلاح البيداغوجية لترسيخ ثقافة المواطنة، من خلال تدريس مادة التربية المدنية ومادة حقوق الإنسان منذ المرحلة الابتدائية أو الثانوية، وإدماج مختصين اجتماعيين ونفسانيين وثقافيين في المؤسسات التربوية".
وأضافت أنه ينبغي "مراجعة وتدعيم البرامج التعليمية الموجهة للطفل إلى مفهوم الوطنية، بغض النظر عن التوجهات السياسية والفكرية، وأن يعتبر الوطن من الثوابت الواجب ترسيخها في ذهن الطفل".
اقرأ أيضا: تونسيان على اللائحة الأميركية لـ "أخطر الإرهابيين"