مبادرة "أمان" تجمّد أنشطتها بمصر رفضاً للضغوط الأمنية

17 ابريل 2017
اتهمت المبادرة الأجهزة الأمنية بالتواطؤ مع المتحرشين (فيسبوك)
+ الخط -
أعلنت مبادرة "أمان" لمناهضة التحرش الجنسي تجميد أنشطتها التوعوية في مصر، وحتى إشعار آخر، بسبب التعامل غير اللائق وغير المفهوم من قبل السلطات المصرية مع المبادرات والمنظمات غير الحكومية، المعنية بمناهضة جرائم التحرش والعنف الجنسي تجاه النساء والفتيات.

وذكرت المبادرة، في بيان أصدرته أمس الأحد، أنه منذ نهاية عام 2014، وحتى الآن، والمجموعات والمبادرات المناهضة للتحرش الجنسي تتعرّض للضغوط والتضييق الأمني على وجودها الميداني أثناء مباشرة أعمال التوعية والتدخل والرصد.

وأضاف البيان أن "عام 2015 شهد منع غالبية المبادرات عن العمل الميداني خلال عطلات عيد الفطر وعيد الأضحى وعيد الربيع، وجاء عام 2016 لنشهد منعًا وتضييقًا على جميع المبادرات التي تعمل ميدانيًّا في العطلات والمناسبات الدينية والاجتماعية للتصدي لمرتكبي جرائم التحرش الجنسي، وتوفير الدعم القانوني والنفسي للمتعرضات للعنف الجنسي".

وأرجعت "أمان" تلك الممارسات إلى أن "الأجهزة الأمنية والسلطات التنفيذية لا ترغب في بقاء تلك المبادرات المدنية التي أخذت على عاتقها الحدّ من جرائم التحرش الجنسي".

وأضافت المبادرة أن "المؤسسات والمبادرات المدنية مارست الضغط السلمي على الحكومات المتعاقبة من بعد ثورة يناير 2011، ما أسفر عن إنشاء شرطة نسائية، ومن ثم قوات نظامية تتبع وزارة الداخلية لمكافحة العنف ضد المرأة، وإقرار تعديلات بقانون العقوبات ليتضمن لأول مرة في البنية التشريعية الوطنية".


وتابع البيان: "ولا يمكن أن ننكر الأدوار المهمة التي لعبتها تلك المبادرات والمنظمات غير الحكومية في الضغط على رؤساء الجامعات الحكومية، مما دفع بعضهم لتبنّي سياسات دائمة على مستوى جامعات كُثر من شأنها مكافحة التحرش ومناهضة العنف ضد المرأة، ونظرًا لما شهدته البلاد مؤخرًا في نهاية شهر مارس الماضي من واقعة اعتداء جنسي جماعي بمحافظة الشرقية شمالي مصر، هذه الحادثة التي أعادت إلى الأذهان مشاهد الاعتداءات الجنسية الجماعية التي شهدتها ميادين التحرير من أكتوبر 2012 وحتى يونيو 2014 التي بلغت قرابة 500 واقعة دون محاسبة أو معاقبة".

وأردفت المبادرة في بيانها: "وأمام كل ما سبق نجد أنفسنا أمام ممثلين للشرطة المصرية يعبّرون عن كل المعاني الرجعية ويجسدون بشكل واقعي السلطة الأبوية والذكورية، ويتضامنون مع المعتدين ويبررون سقطاتهم، بأنها محض "حماس شباب" في مواجهة "ملابس صارخة".

واستنكرت  تصريحات للقيادات الأمنية قائلة: "أصدرت مديرية أمن الشرقية بيانًا في مارس الماضي تعقيبًا علي تعرض إحدى الفتيات لواقعة اعتداء جنسي جماعي بمدينة الزقازيق، حيث جاء في البيان الرسمي أن (الفتاة كانت ترتدي ملابس قصيرة جدًا أمام أحد المقاهي فتجمع عليها الشباب محاولين التحرش بها)"، وهو ما اعتبرته "أمان": "تبريراً سافراً للمتحرشين، وتحميل الناجية من الاعتداء المسؤولية، متخذين من حريتها الشخصية وحقها في الحياة الآمنة مدخلاً للنيل من حقوقها المشروعة، وإعادة إنتاج الأفكار الرجعية والظلامية المحطة من قدر وشأن النساء".

ودعت المبادرة جميع النساء والفتيات إلى التمسك بحقوقهن المشروعة والإنسانية، مؤكدة أن "أمانهن حق، وحريتهن حق، والتمتع بالمجال العام حق". كما دعت أفراد المجتمع إلى دعم الناجيات من العنف الجنسي والتصدي لمرتكبي جرائم التحرش والاعتداءات الجنسية، مشددة على ضرورة تغليب دولة القانون في جميع الوقائع، وعدم التعاطف مع مرتكبي تلك الجرائم أو إيجاد مبررات لهم.

وطالب البيان وزارة الداخلية المصرية بإعادة النظر بشكل جدي في ماهية وتشكيل وجدوى إدارة متابعة جرائم العنف ضد المرأة بقطاع حقوق الإنسان بوزارة الداخلية، وكذلك شرطة مكافحة العنف ضد المرأة، والعمل على تأهيل جميع مَن في هذه الإدارات وفقاً للأدبيات الأممية والمواثيق والاتفاقات الخاصة بحقوق المرأة، وإعادة هيكلة تلك القطاعات لما يتناسب مع تحقيق معايير المساواة بين الجنسين.

ودعت المبادرة وسائل الإعلام إلى التناول اللائق لقضايا العنف الجنسي بشكل خاص والعنف ضد المرأة بشكل عام طوال الوقت، وليس موسمياً وفقاً لميثاق الشرف الصحافي والإعلامي، والالتزام الكامل بحق الناجيات من العنف في الحفاظ على سرية بياناتهن، وعدم اقتحام حياتهن الشخصية أو تعريضهن للتشهير، واحترام رغباتهن وحقوقهن في الظهور الإعلامي من عدمه.

وتشهد المنظمات الحقوقية والمدنية تضييقاً من قبل السلطات الأمنية المصرية، مستخدمة الوسائل القضائية والقانونية في التضييق على الأنشطة، وفق قانون العمل الأهلي، وإبراز اتهامات التمويل الأجنبي، فيما يلقى عشرات الحقوقيين والنشطاء المدنيين تعسفاً أمنياً متزايداً، ويواجهون تجميد أموالهم وحساباتهم البنكية ويُمنعون من السفر.