مبادرات تتبنى تعليم اللغة العربية بوسائل أكثر تشويقاً

27 يوليو 2016
يجب التخلص من الطرق التقليدية في تدريس اللغة العربية(Getty)
+ الخط -
لا شك أن الكثير من الأسر العربية تقابل تحديا مهما وهو تنشئة أبنائها على حب اللغة العربية وإتقانها تحدثا وكتابة؛ في ظل زيادة أعداد الطلاب العرب المنخرطين في الدراسة بنظم دولية في المدارس أو الدارسين في جامعات أجنبية.

نرى كذلك إقبال الصغار والمراهقين على التحدث في وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات المحمول باللغة الإنكليزية، أو الفرنسية في بعض البلدان، إما لأنهم يعتبرونها أسهل في التعبير والكتابة، أو لأنها تدل على الانتماء لطبقات أعلى في المجتمع.


فماذا لو توافر للأطفال طريقة شيقة وتفاعلية لدراسة لغتهم الأم؟
هذا ما قامت به مشاريع ومبادرات مختلفة في الوطن العربي؛ حاولت الخروج عن المألوف وتقديم اللغة العربية بمداخل أكثر تشويقا وإمتاعا.

مبادرة أصحابنا
إحدى هذه المبادرات هي مبادرة "أصحابنا"، والتي بدأت في لبنان ثم انتقلت إلي دول عربية أخرى بعد ذلك، وهي عبارة عن موقع إلكتروني تفاعلي لتقديم مختلف مهارات اللغة العربية. تم إنشاء الموقع كلعبة يجتاز الطالب (من النّاطقين باللغة العربية وكذلك غير الناطقين بها) مراحلها المختلفة بنجاحه في التدريبات الخاصة بكل مرحلة حتى يتوج في النهاية.


تقول زينب الخشن، مديرة المشروع في مصر، "الجديد الذي تقدمه المبادرة هو تقديم اللغة العربية بأسلوب تفاعلي وشيق وممتع، عن طريق دمج فيديوهات وألعاب وأنشطة تفاعليه تخرجالتلميذ من كونه متلقيا للمادة العلمية إلى مشارك في محتوى الموقع".

نشأت الفكرة من خلال "مركز بيت اللغة"، وهي مؤسسة لبنانية تهدف إلى تقديم اللغة العربية لتلاميذ المرحلة الابتدائية بأسلوب شيق وتفاعلي، من خلال فريق عمل متنوع وذي خبرة واسعة في مجالات اللغة العربية والتربية والبرمجيات والتصميم والرسم.


"أصحابنا" يعتمد على استخدام الموقع من قبل المعلم في المدرسة، والذي يمكن باستخدام smart boards في الفصول الدراسية، ثم المتابعة عن طريق الموقع بعد ذلك.
توضح الخشن، "ما يميز برنامج أصحابنا أنه يحتوي على "نظام المتابعة" الذي يمكن المدرس من متابعة طلابه ونشاطهم على موقع "أصحابنا"، ورؤية إجاباتهم عن الأسئلة والتدريبات الموجودة فيه، وبذلك يمكنه معرفة نقاط ضعفهم والعمل على تحسينها، لتصبح عملية التعليم أكثر خصوصية تناسب مستوى كل طالب، وزيادة قدرة المدرس على متابعة عدد أكبر من الطلاب".


هذا، ويمكن للمعلم إضافة كل ما يريد من أسئلة، تدريبات أو أنشطة لطلابه خصيصاً، ليتمكنوا من العمل عليها على الموقع، وليتمكن هو من متابعة عملهم ومدى تقدمهم. وفي حال احتياج المعلم لعمل دروس معينة بطريق الألعاب أو الكارتون تتم مراسلة المركز، ويقوم الفريق بعمل الدروس المطلوبة.

تقول ضحى الأسعد، مؤسِسة مركز بيت اللغة والمديرة التنفيذية، "حصل البرنامج على عدة جوائز، كان آخرها جائزة أفضل برنامج للغة العربية للأطفال في المؤتمر الخامس للغة العربية في دبي، الذي ينظم تحت رعاية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم".

جدير بالذكر، أن مبادرة "أصحابنا" بدأت منذ عام وتم العمل بها في 5 دول عربية. فقد تم اعتماد برنامج أصحابنا من وزارة التعليم اللبنانية، وتم العمل به في مدارس بلبنان، ثم في مدارس بالسعودية والإمارات وقطر والبحرين، ليصل عدد المدارس التي تعمل به حالياً 35 مدرسة في الشرق الأوسط؛ ويجري التحضير للعمل به في بعض مدارس مصر.

هذا، ويمكن للطلبة الاشتراك في الموقع بشكل فردي، حتى لو لم تعتمد مدارسهم البرنامج، لكن لن يستفيدوا من نظام المتابعة في هذه الحالة، لكن سيظهر لهم صواب أو خطأ إجابتهم، وهو ما سيساعدهم على تطوير مهاراتهم في اللغة العربية.


المصري الصغير
فكرة أخرى حاولت ربط الأطفال باللغة العربية، وهي مسابقة "المصري الصغير"، والتي نفذها مركز كليلة ودمنة بمصر في القراءة باللغة العربية. فكرة المسابقة هي ربط القراءة بالإبداع وتشجيع الأطفال، خاصة ممن يدرسون باللغة الإنكليزية، أو الفرنسية على القراءة والتعبير باللغة العربية.

من خلال المسابقة، يقرأ الطالب قصة أو أكثر من مجموعة القصص المختارة بحسب عمره، ثم يقوم بالتعبير عن ما قرأ بشيء من ابتكاره؛ إما بالكتابة (كالقصة والمسرح والشعر والنثر وغيره)، أو عن طريق عمل فني (لوحة فنية بأي خامات يختارها).

تقول نرمين مجدي، مؤسسة مركز كليلة ودمنة ومنسقة المسابقة، "من أهم المفاهيم التي أضافتها المسابقة للأطفال هي أن اللغة العربية يمكن أن تكون مجالا للتنافس والتفوق بطريقة إبداعية، وكذلك هي شيء ممتع وتقام لها الحفلات مثل غيرها من الأنشطة".

تركز المسابقة على تنمية الإبداع لدى الأطفال، فمثلا عند التعبير بالكتابة يقوم الطالب بابتكار نهاية مختلفة للقصة أو إضافة مشهد آخر للقصة، وفي الرسم يقوم برسم الشخصيات بشكل إبداعي أو يكون كاريكاتيرا حول القصة أو مشهدا جديدا أو يعيد تصميم الغلاف، وغيرها من طرق التعبير غير التقليدية.


تم التعاون مع بعض المدارس في القاهرة، بحيث يقدم الطالب عمله الإبداعي لمدرسته أو لإحدى المكتبات المتعاونة مع المسابقة في حال لم تكن مدرسته مشاركة.
تؤكد مجدي، "نرى حتمية المشاركة الفعالة لمدرسة الطفل في هذا الحلم، فهي التي يقضي فيها نصف عمره ويتلقى فيها العلوم والآداب، فأردنا أن تكون المدارس هي وسيلة التواصل بيننا وبين الأطفال المشاركين في المسابقة".

يتم عرض أعمال الطلبة على لجنة تحكيم من المتخصصين في الأدب والفن، واختيار أفضل 400 عمل يتم تكريمها في حفل بإجازة نهاية العام.

من خلال المسابقة، تعرّف الأطفال على مجموعة من الكتب المميزة، وكذلك تم تحفيز المؤلفين والرسامين والناشرين على إنتاج الكتب الموجهة للأطفال؛ بالإضافة إلى استفادة جميع المشاركين من القراءة، سواء فازوا أم لا؛ لأن بعضهم قرأ أكثر من قصة، ثم اختار واحدة منها ليعبر عنها.

"مع إيماني بدور المسابقة، إلا أنها لن تتمكن وحدها من علاج الخلل في الاهتمام باللغة العربية وتنميتها عند الأطفال؛ وهو ما يحتاج إلى التغيير في نمط التفكير والتوجه بالأساس لدى الآباء، ثم تأتي استجابة المدرسة بعد ذلك إذا لمست اهتمام الآباء باللغة العربية". تضيف مجدي، أن الآباء في بعض الأحيان يعتقدون أن الاهتمام باللغة العربية سيأتي على حساب بقية العلوم أو اللغات، فيتم إهمالها. كما تحذر من الحلقة المفرغة، والتي نجد فيها الطالب يدرس اللغة العربية بأسلوب غير شيق فينفر منها، ومن ثم يقل مستوى تحصيلها، وبالتالي يرفض الانخراط في أنشطتها بالكلية.
المساهمون