مباحثات مغربية ـ روسية من الإرهاب إلى الصحراء

14 مارس 2016
تسعى روسيا لتدعيم الأمن مع المغرب (Getty)
+ الخط -

تأتي زيارة العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى روسيا، التي بدأها يوم الأحد، ويلتقي فيها، اليوم الثلاثاء، الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ضمن توجّه الدبلوماسية المغربية في الفترة الأخيرة إلى تنويع شركاء المملكة، عدا حلفائه التقليديين كفرنسا وإسبانيا والولايات المتحدة.

وتُعدّ الزيارة الرسمية للعاهل المغربي إلى روسيا، الثانية له منذ اعتلائه سدة الحكم في البلاد، بعد أن سبق له زيارة موسكو في أكتوبر/تشرين الأول عام 2002، وتمّ خلالها الإعلان عن الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، التي اتسمت بعقد العديد من الاتفاقيات الثنائية، تحديداً في مجالات الصيد البحري، والبحث العلمي، والفضاء، وتكنولوجيات الاتصالات.

ومنذ إعلان "خارطة الطريق" التي انبثقت عن اللقاء بين زعيمي البلدين قبل 14 عاماً، سارت العلاقات الثنائية بين الرباط وموسكو في مسار سياسي واقتصادي تصاعدي، يطمح البلدان في تطويره بشكل أفضل خلال المباحثات الرسمية، من خلال التوقيع على اتفاقيات مشتركة جديدة.

ويرى مراقبون أن قضايا الأمن الدولي والحرب ضد الإرهاب، فضلاً عن المصالح الاقتصادية المتبادلة بين المغرب وروسيا، من أبرز الملفات التي تحضر في أجندة زيارة العاهل المغربي. كما يحضر ملف الصحراء بقوة، في ظلّ المستجدات الأخيرة، بعد تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، التي تحدث فيها عن "احتلال الصحراء"، والتي أفضت إلى غضب مغربي عارم، اتسم باتهام الحكومة للمسؤول الأممي بالانحياز، فضلاً عن خروج المغاربة في مسيرة ضخمة الأحد، لـ"التنديد بموقف بان".

اقرأ أيضاً: خطة مغربية لتوظيف السجناء عبر القطاع الخاص

وسبق أن قدّمت روسيا الدعم إلى المغرب في قضية الصحراء، عام 2013، بعد الأزمة التي اندلعت حينها بين الرباط والأمين العام للأمم المتحدة، بخصوص مسودة الاقتراح التي كانت تعتزم الولايات المتحدة تقديمها إلى مجلس الأمن الدولي تحث فيها على توسيع مهام البعثة الأممية "مينورسو" لتشمل مراقبة حقوق الإنسان بالصحراء.

في السياق، يرى رئيس "المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات"، عبد الرحيم المنار اسليمي، أن "الزيارة الرسمية للملك محمد السادس إلى روسيا، تأتي في سياق دولي وإقليمي متغير، باتت فيه روسيا قوة دولية كبرى مؤثرة في القرار الدولي، وتحتاج للوصول إلى كل المناطق الجيو ـ إستراتيجية المؤثرة في النظام الدولي".

ويضيف اسليمي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، بأن "طلب روسيا يتزايد على التعاون مع المغرب، القوة الإقليمية المغاربية والجنوب - متوسطية المستقرة"، مشيراً إلى أن "روسيا تحتاج إلى علاقات سياسية وأمنية مع المغرب، رغم وجود علاقات كلاسيكية بين موسكو والجزائر".

ويتابع أن "الروس يفكرون استراتيجياً في كون العلاقات الكلاسيكية التقليدية مع حليفهم القديم الجزائر، لم تعد كافية لتأثيرهم في شمال وغرب إفريقيا وغرب المتوسط، لذلك يبحثون عن توسيع العلاقات مع المغرب، من خلال فرصة هذه الزيارة الرسمية للملك محمد السادس إلى موسكو".

ويستطرد اسليمي قائلاً إن "روسيا تسعى إلى تدعيم التعاون الأمني، وتبادل المعلومات مع السلطات الأمنية المغربية في مكافحة الإرهاب، كونها تتوقع عودة المقاتلين الروس الذين كانوا في الأراضي السورية إليها، وهو نفس الهاجس الأمني الموجود لدى الأمنيين المغاربة بخطر عودة المقاتلين الإرهابيين من سورية".

اقتصادياً، يذهب اسليمي إلى حدّ الاعتبار أن "الملف الاقتصادي سيكون حاضراً خلال المباحثات، لأن الروس يتابعون التوتر الاقتصادي الحاصل حالياً بين المغرب والاتحاد الأوروبي، ما يعدّ فرصة لهم لدفع المغرب نحو السوق الروسية، التي تبحث عن بديل للأتراك".

ويسترسل المتحدث ذاته معتبراً أن "ملف الصحراء سيحضر في هذه الزيارة"، متوقعاً أن "يكون هناك تصريح روسي رسمي داعم للمغرب ضد تصريحات بان كي مون الأخيرة، على اعتبار أن روسيا لن تقبل بالانزلاق الذي قام به المسؤول الأممي"، مشدّداً على أن "روسيا من الدول التي تتشبث بمرجعية مجلس الأمن في مواقفها".

ويخلص اسليمي إلى القول بأن "فرص المصالح التي تفسر الحاجة إلى التقارب الروسي المغربي، تكاد تكون متساوية، مما يجعل من العلاقات بين الرباط وموسكو مقبلة على مرحلة جديدة، قد تقلق الجزائر الحليف التقليدي لروسيا".

اقرأ أيضاً: المغرب..موقع حكومي يضبط تمويلات 130 ألف جمعية

المساهمون