ما هو منسيّ في الرياضة العربية

29 اغسطس 2016
+ الخط -

لا تشكّل الرياضة، في العالم العربي، استثناءً عن فشل السياسات العامة؛ فعلى الرغم من التوفر على مواهب رياضية متعددّة، وفي بعض الدول على بنية تحتية متميزة، كما هو الحال في الخليج العربي؛ إلا أن الإنجازات الرياضية تكاد تنقرض عن الدول العربية، فهي إنجازات محدودة في رياضات معينة وليست بصفة دورية.

وقد شكلت دورة الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 2016 في ريو دي جانيرو البرازيلية محطة للوقوف عند قدرة الرياضة العربية على مجاراة ومنافسة الدول الأخرى. فهذه الألعاب هي الحدث الرياضي الأبرز في العالم، وذلك راجع إلى احتضانه لأكبر تجمع رياضي من حيث المشاركين، التخصصات الرياضية والجماهير.

عرفت دورة الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 2016 مشاركة أكثر من 10500 رياضي من مختلف اللجان الأولمبية الوطنية، وإقامة 306 مسابقة رياضية في 28 رياضة مختلفة.

تصدّرت الولايات المتحدة قائمة ميداليات الأولمبياد بعدد 121 ميدالية منها 46 ذهبية، متبوعة ببريطانيا التي حصلت على 67 ميدالية، منها 27 ذهبية، ثم الصين في المرتبة الثالثة برصيد 70 ميدالية منها 26 ذهبية، بينما شارك 268 رياضيًا يمثلون 22 دولة عربية، وحصل الرياضيون العرب على 16 ميدالية، وتصدرت البحرين قائمة الدول العربية بحلولها في المركز الأول بذهبية وفضية.

وتصدرت البحرين قائمة الدول العربية التي شاركت في الأولمبياد، بحلولها في المركز الأول بذهبية العداءة روث جيبيت بسباق "3 آلاف متر موانع" وفضية أونيس كيروا بسباق الماراثون. وحل الأردن في المركز الثاني بذهبية لاعب التايكوندو أحمد أبو غوش في وزن 68 كيلوغراماً، وهي أول ميدالية في تاريخ مشاركة الأردن في الألعاب الأولمبية. أما المركز الثالث فعاد للجزائر بفضتي العداء توفيق مخلوفي بسباقي 800 متر و1500 متر، وجاءت قطر الرابعة بفضية الوثب العالي لمعتز برشم.

على هذا النحو، أظهرت الحصيلة العربية المشاركة في أولمبياد ريو على ضعف السياسات الرياضية وعجزها على منافسة الآخرين، فمن المثير للاستغراب أن دولة كالمجر عدد سكانها لا يتجاوز 10 ملايين نسمة وتحرز على 15 ميدالية جلها ذهب، بينما العرب يفوق عددهم 450 مليون نسمة يحرزون 14 ميدالية فقط معظمها برونزيات.

يعود هذا الضعف إلى غياب البنية التحتية الرياضية في العديد من الدول العربية، وضعف مراكز التكوين الرياضي، وقلة التنافسية، وغياب الثقافة الرياضية الحديثة التي تجعل من الرياضة قطاعًا اقتصاديًا واعدًا، وانعدام الموارد المالية والدعم البنيوي لبعض الرياضات، والمفاضلة في التمييز بين الرياضات، ناهيك عن عدم إسهام القطاع الخاص في مساندة الرياضيين.

المؤسف، أن عديدًا من العرب المجنسين والمشاركين تحت أعلام دول أوروبية قد تألّقوا. نذكر منهم هنا الملاكم المغربي الأصل سفيان أوميها المتوج بفضية الملاكمة في وزن أقل من 69 كغم، والجزائري محي الدين مخيسي الفائز ببرونزية سباق 300 متر، وأيضًا الملاكمة الجزائرية الأصل، سارة أوراحمون، التي مثلث فرنسا في وزن أقل من 51 كغم وأحرزت الفضية.

وكمثال على التألق الرياضيين العرب في أوروبا، نذكر أيضًا العداء المغربي إلياس فيفا الذي حاز على ميدالية ذهبية في بطولة أوروبا في مسافة خمسة آلاف متر والذي مثل إسبانيا في نهائي خمسة آلاف متر في أولمبياد ريو.

إلياس الذي وصل إلى إسبانيا متسللا عبر شاحنة عندما كان عمره 17 عامًا وعاش في مركز لحماية الطفولة بنواحي برشلونة، طور موهبته وصقلها ليصبح بطلًا في رياضة العدو. ولم يقتصر الأمر على هذه الأسماء فقط، حيث تألق كل من محمد الصبيحي الذي مثل بريطانيا في رياضة التجديف، وسكينة كرشاوي لاعبة منتخب فرنسا النسوي لكرة القدم، وجواد العشاب لاعب التايكوندو البلجيكي، وعبد العزيز مرزوقي الذي مثل إسبانيا في سباق 3 آلاف متر، وحسن أمزيل وسفيان أوميحا؛ الملاكمان المغربيان اللذان لعبا تحت راية فرنسا، ووليد خيار لاعب الجودو المغربي الذي مثل فرنسا هو الآخر، وكذلك أدم كميلي الذي مثل بريطانيا في سباق 100 متر أربع مرات.

لقد صار الفشل نصيب المشاركات العربية في التظاهرات الدولية. فعلى الرغم من توفير الموارد المالية حينًا، واللجوء إلى تجنيس رياضيين أفارقة حينًا، آخر إلا أن العرب يغيبون عن منصات التتويج، والأدهى من ذلك هو خسارة العديد من المواهب القوية لمصلحة دول أخرى؛ فإصلاح الشأن الرياضي يحتاج إلى منظومة متكاملة ومتناسقة الأطراف ركيزته التكوين والتدريب، عماده الموارد المالية والاعتناء بالرياضيين وقوامها التنافسية، ومواكبة النجاحات وتقويم الإخفاقات للحاق بركب الدول الأخرى التي فهمت مبكرًا مدى قدرة الرياضة على تغيير الوجه الاقتصادي والمجتمعي للبلد.

(المغرب)

المساهمون