كيف سيكون الشتاء في ظل فيروس كورونا، وخاصة أن هذا الفصل معروف بأنه موسم نزلات البرد والإنفلونزا؟ سؤال بدأت تطرحه الأوساط الطبية في المملكة المتحدة، بعدما أثار انتشار المرض وعدم حصره المخاوف من تمدّده بسرعة أكبر مع تغيير المواسم، ما يمكن أن يؤدي إلى حصول موجة ثانية أكثر حدّة من الأولى.
ووفق موقع "بي بي سي"، فإنه من الصعب التنبؤ بما سيبدو عليه فصل الشتاء، فالأمر معقد جداً، ويسود عدم اليقين، فحتى الآن لا توجد أي إجابة محددة حول إمكانية انتشار الفيروس في فصل الشتاء بفضل برودة الطقس، إذ يعتمد ذلك إلى حد كبير على ما نعرفه عن الفيروسات الأخرى.
وهناك أربعة أنواع أخرى من الفيروسات التاجية التي تسبب أعراض نزلات البرد، وجميعها تتنتشر بسهولة أكبر في فصل الشتاء، وهي الإنفلونزا ، فيروسات الأنف التي تسبب أيضًا نزلات البرد ، والفيروس المخلوي التنفسي (RSV) والتي لها سلوكيات مماثلة.
وتقول الدكتورة راشيل لوي من كلية لندن للصحة والطب الاستوائي لـ"بي بي سي": "قد يكون الفيروس التاجي موسمياً، بناءً على فيروسات أخرى تميل إلى بلوغ الذروة في الشتاء، لكن آليات القيادة لانتشار الفيروس غير مفهومة جيدا، فهل هي ظروف الأرصاد الجوية أم السلوك البشري التي تساعد في انتشار الفيروس؟.
"جميع الفيروسات تعيش خارج الجسم بشكل أفضل عندما تكون باردة"، تقول المجموعة الاستشارية العلمية في المملكة المتحدة لحالات الطوارئ (سيج)، وتضيف بحسب مذكرة أن "درجة حرارة 4 درجات مئوية هي مكان حيوي خاص لنمو لفيروسات التاجية، كما أنه في فصل الشتاء، يكون هناك ضوء أقل من الأشعة فوق البنفسجية، وبالتالي فإن الأجواء المناخية تساعد في انتشار الفيروس. ووفق المذكرة، يؤثر السلوك البشري أيضاً، إذ عادة ما يجتمع الناس في الداخل وتكون الحدائق وأماكن الشواء أقل جاذبية، وهذا يساعد في انتشار الفيروس، لأن الأماكن المغلقة تعد بيئة هامة لنمو الفيروسات.
ارتفاع الأعداد
يقدّر تقرير صادر عن أكاديمية العلوم الطبية أنه قد يكون هناك 251000 حالة وفاة هذا الشتاء في المملكة المتحدة، في أسوأ السيناريوهات، بسبب الفيروس.
ويرى البروفيسور ويندي باركلي، من إمبريال كوليدج لندن، أنه من الممكن أن تكون هناك موجة ثانية من الفيروس، ويقول "من الواضح أننا لم نصل إلى أي شيء مثل مناعة القطيع، ولذا ممكن أن تكون الموجة أقوى من السابق".
وتشير التقديرات إلى أن حوالي 5 بالمائة فقط من الأشخاص في المملكة المتحدة قد أصيبوا بالفيروس حتى الآن، أو بعبارة أخرى حوالي 95 بالمائة ليست لديهم مناعة على الإطلاق. وأثبتت الولايات المتحدة أن الحالات يمكن أن ترتفع إذا انحسرت السيطرة على الفيروس.
ووفق الخبراء، فإن الخوف الكبير هو أننا سنصطدم بالضربة المزدوجة لموسم الإنفلونزا السيئ حقاً والموجة الثانية من فيروس كورونا، ومع ذلك، كل شيء خارج عن العمل وليس من الواضح كم من القواعد العادية تنطبق.
ويبدو أن التحول الهائل للمجتمعات وآليات التصرف، من غسل الأيدي، وتغطية الوجه، والتباعد الاجتماعي والعمل من المنزل، ستبقى من ضمن الإجراءات الوقائية في الشتاء القادم.
من جهته، يحذر البروفيسور جوليان هيسوكس، من جامعة ليفربول، من قدوم فصل الشتاء والناس في حال عدم التزام بإجراءات التباعد الاجتماعي، ويقول" يجب أن نكون مستعدين لموجة ثانية". وينصح بضرورة الاستعداد للاختبارات التشخيصية، والتمييز بين حالات العدوى التنفسية حيث تكون الأعراض السريرية متشابهة في البداية.
آراء مختلفة
من جهة أخرى، يرى بعض الخبراء أن فصل الشتاء ربما يساعد في تخفيف انتشار فيروس كورونا، حيث أثبتت الدراسات أن تفشي فيروسات الأنف الكبير أدى إلى تأخير جائحة إنفلونزا الخنازير في عام 2009 في بعض البلدان الأوروبية، وبحسب الدراسات، فإن أحد التفسيرات هو أن الاستجابة المناعية العامة لعدوى واحدة تمنع العدوى التالية من الدخول.
ويرى الدكتور بابلو مورسيا، من مركز أبحاث الفيروسات بجامعة جلاسكو، أن " أحد الفيروسات يصيب ويستجيب للالتهاب المناعي، وهذه الاستجابة الأولية ستحمي ضد بعض الفيروسات لفترة زمنية متغيرة".
ولكن إلى أي مدى يمكن أن تصيب هذه الدراسات، وأن تكون متطابقة مع فيروس كورونا؟ يسأل الدكتور مورسيا. ويقول "أظهرت بياناتنا أنه نادرا ما تظهر الإنفلونزا في حالات العدوى المختلطة، لذلك أعتقد أننا لن نشاهد الكثير من سارس - CoV - 2 والإصابة المشتركة بالإنفلونزا، خاصة أنه كانت هناك حالات مسجلة لإصابة أشخاص بكليهما، أي الإنفلونزا وفيروس كورونا، وكانت النتيجة أسوأ بكثير من أي إصابة بمفردها.