ما علاقة العصور الوسطى بافتتاننا بالهياكل العظمية في الهالوين؟

01 نوفمبر 2019
كانوا يتعاملون مع الهياكل العظمية بمتعة (فكتوريا رايو/Getty)
+ الخط -
يتنكر العديد من الناس بزي هيكل عظمي في الهالوين، إلّا أنّ الانبهار بعظام أجسادنا يعود إلى ما هو أقدم من هذا العيد الحديث، حيث بدأ في العصور الوسطى.

وكانت الهياكل العظمية مهمة بشكل خاص، للمفكرين والكتّاب الذين عملوا في أوروبا والشرق الأوسط في العصور الوسطى، لأنهم كانوا يعلمون أنّ العظام تشكل أساس الجسم، والإطار الهيكلي الذي يحمل العضلات والأعصاب والأوردة الدموية، وفقًا لموقع "تايم".

ووصف مؤلفو العصور الوسطى أجزاء الهيكل العظمي ووظائفها، بدقة في أطروحاتهم الطبية بوقت مبكر، ومع ذلك لم يكونوا متيقنين من عدد العظام الموجودة في الجسم، إذ إنّ بعضهم اعتقد أنها 229، بينما أكد البعض أنها 228 لدى الرجال، و226 لدى النساء، في حين اعتبر آخرون أنّ الرجال يملكون ضلعًا ناقصًا عن النساء، في إشارة إلى أن حواء خلقت من ضلع آدم، وأحصى الباحثون اليوم عدد عظام جسم الإنسان بـ 206.

ولم يكن هذا الارتباك نابعًا من جهل تشريحي، بل لأنّ عدّ العظام يتطلب فتح الجسم وإزالة أعضائه والأربطة التي تربط العضلات بالعظام، وكان هذا العمل يحتاج وقتًا طويلًا، ويقابل بالتحفظات الاجتماعية نفسها التي توجد اليوم، ويلاحظ هذا التشوش في عدد العظام في رسومات الكتب الطبية في ذلك الوقت، حيث كان عظم الفك مثلًا يرسم أحيانًا كقطعة غير مستقلة عن القحف، وكان العمود الفقري يرسم أحيانًا كخط واحد من دون فقرات فردية.

وعلى الرغم من الارتباك في معرفة عدد العظام في العصور الوسطى، إلا أنّ الأطباء في ذلك الوقت قدموا مجموعة من العلاجات للعظام التي بها مشاكل، وكان من بينهم الطبيب الفارسي منصور بن الياس، والجراح الإيطالي تيودوريكو بورغونوني، اللذان قدما حلولًا تمنح المريض الذي يعاني من كسر في العظم أو خلع في مفصل الورك، راحة حقيقية.

كما شكلت العظام جزءًا مهمًا من علاقة الناس الحميمة، بحقائق الحياة والموت في العصور الوسطى، وكان الهيكل العظمي بمثابة موقع الحزن والفرح والذاكرة والتبادل الروحي بين الأموات والأحياء، في تلك الفترة التي كان يحدد فيها موقع دفن الناس بينما كانوا لا يزالون على قيد الحياة، وكان احترام رغبتهم أمرًا بالغ الأهمية، وخاصة لدى الأفراد ذوي المكانة العالية مثل الملوك والسلاطين.

وكان من غير المألوف أن يموت الملوك والسلاطين، بعيدًا عن الموقع الذي قرروا أن يدفنوا به، نظرًا لثروتهم الضخمة وقدرتهم على السفر، لذلك كان خلفاؤهم يواجهون مهمة صعبة تتمثل في نقل رفاتهم، في وقت كان نقل الجثث به بين القارات أمرًا ليس بالسهل أبدًا، وهذا ما حدث عند وفاة الملك الكاروليني تشارلز الأصلع في مدينة أفريو بجبال الألب عام 877، فنزعت أحشاؤه وعولجت رفاته بالمواد الحافظة العطرية والملح والنبيذ، لتسهيل إعادتها إلى كاتدرائية سانت دينيس بضواحي باريس، على بعد أكثر من 300 ميل، وكانت رائحة الرفات كريهة للغاية، لدرجة أنّ أتباعه لم يتمكنوا من حملها كامل المسافة، قبل أن يتطوع راهب مخلص بحمل الجسد المحطم إلى موقع الدفن، بعد مرور 7 سنوات.

واستخدمت العظام أيضًا كجزء محوري من فن العصور الوسطى، كما في المقاطع الافتتاحية لقصيدة "رقص الموت" الإنكليزية لجون ليدغيت، التي صيغت من خلال سلسلة من الحوارات بين موتى من أوضاع اجتماعية مختلفة، مع تجسيد غريب للهياكل العظمية للموتى وقدرتها على الرقص، وقد ينظر لهذه القصيدة أو للتماثيل واللوحات التي تصور هياكل عظمية وجماجم، على أنها مسألة مأساوية وغير مريحة للعين بمنظور العصر الحديث، إلا أنّ من غير المرجح أن يكون لها التأثير المفزع نفسه على مالكيها الأصليين، نظرًا لاعتقادهم الراسخ بالحياة بعد الموت.

وعلى الرغم من أنّ هوس العصور الوسطى بالعظام، قد ينظر إليه على أنه علامة كئيبة ورابط بالموت والحزن، إلا أنّ اعتباره دليلًا على التخلف مسألة خاطئة، لأنّ البشر في ذلك الوقت كانوا يتعاملون مع الهياكل العظمية بخوف، واحترام، بل وبمتعة أيضًا مثلما نتعامل مع زينة الهالوين اليوم.

المساهمون