ما تبقى لكم

25 مارس 2018
صامدون في الأرض رغم الاحتلال (جعفر أشتية/فرانس برس)
+ الخط -
منذ البداية، كانت الأرض محور الصراع العربي مع إسرائيل. يوم سيطرت العصابات الصهيونية ذات يوم من مايو/أيار على مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية وتشرد آلاف لا يزالون يعانون مأساة اللجوء. في البدء كانت الأرض قبل أن تتشعب القضية الفلسطينية إلى العديد من الملفات الأخرى، وتدخل في بازارات المساومات التفاوضية التي لم تحفظ الأرض، بل زادت وتيرة استباحتها وخسارتها.
قبل نحو 70 عاماً، كانت بداية فقدان الأرض الفلسطينية. محطات عديدة مرت بها هذه الخسارة، لم تقف عند عام 1948، بل أضيفت إليها مساحات أساسية أخرى عام 1967. غير أن هذين التاريخين لم ينهيا حكاية الأرض السليبة، فالمصادرات كانت عنوان العمل الإسرائيلي خلال السنوات اللاحقة، تحت العديد من المسميات، منها "أملاك الغائبين" التي قامت على مصادرة أراضي اللاجئين الفلسطينيين الذين فروا من البلاد بعد وأثناء النكبة.
قبل 42 عاماً، كانت للأرض أيضاً حكاية. يوم انتفض فلسطينيو الداخل المحتل في وجه قرارات مصادرة الأراضي في بداية مارس/آذار عام 1976، ليعلن الإضراب العام في الثلاثين منه، ويتحول إلى مواجهات سقط خلالها ستة شهداء، وهو ما كرّس ذكرى "يوم الأرض" الذي لم يعد حكراً على فلسطينيي 48، بل تمدد في عموم الأراضي الفلسطينية، حيث يجري إحياؤه في الثلاثين من مارس/آذار من كل عام.
في هذا العام، تم تخصيص عدد ملحق فلسطين لعنوان "ما تبقى من أرض" في عموم فلسطين المحتلة، أسوة بعنوان رواية الأديب الفلسطيني الراحل غسان كنفاني "ما تبقى لكم". العنوان أدى إلى خلاصة أنه لم يتبق الكثير في الأقاليم الفلسطينية الثلاثة، الضفة الغربية، وقطاع غزة، والداخل المحتل عام 1948. فعلى سبيل المثال، في مناطق الجليل والمثلث خسر الفلسطينيون خلال السنوات السبعين الماضية نحو مليون و100 ألف دونم من الأراضي التي كانت مسجلة بأسمائهم، فيما يتعقد الوضح في النقب، حيث لا سجلات تؤكد ملكية الأراضي، وهو ما تستغله دولة الاحتلال للمزيد من المصادرات وهدم القرى.
الوضع في الضفة الغربية يزداد تعقيداً يوماً بعد يوم بفعل التغول الاستيطاني على مساحات من الأراضي الفلسطينية، والذي لم يوقفه اتفاق أوسلو الذي كان من المفترض أن يؤسس لدولة فلسطينية، إذ ازداد الاستيطان منذ هذا الاتفاق بنسبة 150 في المائة. أطماع الاحتلال وصلت إلى قطاع غزة أيضاً، فرغم الانسحاب في 2005 إلا أن إسرائيل أبقت سيطرتها على أراض قرب الشريط الحدودي، الأمر الذي قلص مساحة القطاع، وخصوصاً في ظل عدم وجود خرائط تؤكد الحدود.
هذا هو وضع الأرض الفلسطينية حتى الساعة، فيما المستقبل لا يبشر بخير، وخصوصاً في ظل الحديث المتزايد عن "صفقة القرن" وتبادل الأراضي مع دول الجوار، ما يعني أن جغرافيا المصادرة الإسرائيلية مرشحة لمزيد من التوسع.
المساهمون