ما بعد الشيعية السياسية

27 سبتمبر 2016
نفّذ حزب الله تمرداً مسلحاً في بيروت عام2008(حسين بيضون)
+ الخط -
شكّل اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري في فبراير/شباط 2005، الإعلان عن وفاة السنّية السياسيّة التي حكمت لبنان بعد اتفاق الطائف، بالتفاهم مع الاحتلال السوري للبنان. ومنذ إعلان التحالف الرباعي (تحالف قوى 14 آذار مع حزب الله في الانتخابات النيابية عام 2005)، بدا وكأن الحزب في طريقه للعب دور الوصاية التي مارسها النظام السوري على مدى 15 عشر عاماً.
لكن طغيان العقل الأمني على العقل السياسي في حزب الله، معززاً بوهم فائض القوة والارتباط الإقليمي، سرّع في دخول منظومة الحكم التي رعاها الحزب في أزمات حادة. أبرز تلك الأزمات كانت عند انتهاء ولاية رئيس الجمهوريّة الأسبق إميل لحود عام 2007، وفشل مجلس النواب في انتخاب رئيس جديد. لم يملك حزب الله حينها الأكثرية النيابية، لكنه امتلك القدرة على منع وصول من لا يوافق عليه لرئاسة الجمهورية. وفشل الحزب في إنضاج تسوية تقنع خصومه بانتخاب رئيس توافقي.
لجأ حزب الله إلى القوة لكسر تلك الحلقة المفرغة. واجهه خصومه، عبر القول بوجود دولة ولها الحق بفرض سلطتها الأمنية والسياسيّة. لم يُعجب هذا الأمر عقله الأمني. احتل العاصمة بيروت، وخاض معارك عسكرية في جبل لبنان. وجّه الحزب في مايو/أيار 2008 رسائل قاسية لخصومه السياسيين وللطوائف اللبنانيّة. تُختصر بعبارة: أنا الحاكم ومن يعترض يؤدب. في هذا الوقت كانت الاغتيالات لسياسيين وأمنيين معارضين للحزب تحصل كل حين، وتُوجّه أصابع الاتهام للحزب والنظام السوري.
شكّل احتلال بيروت مؤشراً لأزمة الشيعية السياسيّة غير القادرة على حكم البلد، كما فعلت قبلها المارونية السياسيّة والسنّية السياسيّة. وصلت الشيعية السياسية لأزمتها بشكلٍ سريع. تعطيل البلد سياسياً منذ عام 2013، عبر التمديد لمجلس النواب ثم الفشل في انتخاب رئيس للجمهورية وعرقلة عمل الحكومة، يؤكد مأزق الشيعية السياسية رغم فائض القوة التي تملكها. أكثر ما تعاني منه اليوم هو غياب الخصم الذي يُمكن أن تُوجّه هذه القوة له. الخصم الذي يقاتل. السؤال الأساسي اليوم، هل يتمّ الدفع بالقوة لتحويل اللاجئين السوريين تحت ضغط الممارسات العنصرية والقمعية بحقهم إلى خصم يُقاتل؟ والسؤال الثاني، ما هو بديل الشيعية السياسية لاحقاً، وهل يكون الانتقال من دون حرب؟