ما الذي يدفع اللاجئين السوريين باتجاه أوروبا؟!

27 سبتمبر 2015
أسباب كثيرة تدفع اللاجئين للهجرة (الأناضول)
+ الخط -
على خلاف توقعاتهم بأن يعودوا إلى سورية خلال أسابيع أو أشهر قليلة، وأن تستقر الأمور في بلدهم ليستأنفوا حياتهم وطموحاتهم وأحلامهم، طال بقاء الكثير من اللاجئين السوريين في دول الجوار لسنوات، ما دفع بعضهم لاتخاذ القرار بالهجرة إلى أوروبا والمجازفة بركوب البحر رغم المخاطر.


سعد، أحد اللاجئين الذين انقلبت حياتهم رأساً على عقب، فبعد أن كان صاحب أملاك ويتمتع بوضع مادي ممتاز، خسر كل شيء بسبب المعارك حول دمشق، وبلغ منه الفقر بعد أن غادر سورية لدرجة أنه لا يملك نفقات تعليم ابنه الصغير.

ويقول سعد عن تجربته والظروف التي دفعت به لاتخاذ قرار الهجرة: "كان لديّ العديد من المحلات التجارية والموظفين في سورية. المعارك دمّرت أملاكي، ودفعتُ ما تبقى معي من مال لحواجز النظام كي يسمحوا لنا بمغادرة البلاد".

وتابع بأنه كان معدماً تقريباً عندما وصل إلى الأردن قبل أكثر من ثلاث سنوات، لم يجد عملاً، فبدأ بالبيع على "بسطة" في الطرقات، "ولأني أحمل الجنسية السورية، لا يسمح لي بالعمل المرخص. وفي إحدى المرات تعرّضت لتفتيش مهين من قبل موظفي وزارة العمل. جرّدوني من ثيابي باحثين عن شفرات قد أكون أخفيها قبل اعتقالي. كانت لحظات قاسية لا أنساها".

يقول سعد بأن ما يجنيه من عمله كبائع متجول لا يكفي لتسديد إيجار البيت والحد الأدنى من المعيشة لأسرته، "ابني لا يذهب إلى المدرسة لأني لا أستطيع تحمّل تكاليف تعليمه، لا أريده أن يكبر بلا تعليم. أعمل منذ الصباح الباكر وأقف طوال النهار تحت الشمس حتى وقت متأخر من الليل، وكل ما أجنيه لا يتجاوز 15 دولاراً في أحسن الأحوال".

أما الشاب ماهر، فيقول إن آماله بالرجوع إلى سورية تبددت مع الوقت، "أصبح عليّ أن أفكر بالأيام القادمة، بمستقبل أولادي. نحتاج أوراقاً ثبوتية. أريد أن أعلّمهم، وأن يعيشوا حياة كريمة، ولهذا اتخذت القرار بالسفر إلى أوروبا".

يضيف ماهر أن "الناس البسطاء يدفعون الثمن. لم يختاروا أن تشتعل الحرب في بلدهم، ولم يقرروا بإرادتهم أن يكونوا لاجئين"، مشيراً إلى أنه "يحتاج إلى أبسط حقوق المواطنة من عمل وتعليم، لكسب القوت وتحقيق بعض الاستقرار، وذلك غير ممكن في البلاد العربية، لأن اللاجئ السوري هو الطرف الأضعف، المجرد من كل الحقوق".

اقرأ أيضاً: اللاجئون السوريون.. مأساة القرن

ويتابع ماهر "ليس بالضرورة أن يكون من اعتُقل وتعرّض للتعذيب وفقد أحد أطفاله ودمّر منزله وتجرّع كل مرارات الحرب في سورية، من يحق له فقط البحث عن حياة مستقرة، بل من حق كل سوري أن يبحث عن حياة أفضل، لأن اللجوء ليس مسألة أسبوع من التشرد فقط، إنها حياتنا كاملة وحياة أطفالنا". ويختم بقوله: "كل ما أبحث عنه هو وطن يحميني، أن أتأكد بأن القانون سينصفني بغض النظر عن جنسيتي السورية، التي أصبحت مصدر مشاكل لا تنتهي".

وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت أن حوالي 300 ألف مهاجر عبروا البحر الأبيض المتوسط خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام 2015، فيما لقي أكثر من 2500 شخص حتفهم غرقا في البحر خلال الفترة نفسها.

فيما حددت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين سبعة عوامل رئيسية تدفع اللاجئين، ومعظمهم سوريون، إلى التدفق باتجاه أوروبا، منها اليأس من انتهاء الأزمة في سورية، وارتفاع تكاليف المعيشة وتعميق الفقر في دول الجوار السوري، بالإضافة إلى محدودية فرص التعليم وكسب الرزق، ونقص التمويل الذي يعاني منه برنامج مساعدة اللاجئين.

اقرأ أيضاً: لاجئون سوريون في لبنان يحلمون بغد أفضل في ألمانيا

المساهمون