وأوضحت المصادر أنه "يتم التحضير للقاء الأستانة عن طريق رجل أعمال كازاخستاني، مقرّب من العضو السابق في هيئة التنسيق رندا قسيس، المقرّبة بدورها من الروس" والتي يشكك كثيرون بمدى معارضتها فعلاً للنظام، وهي التي ترأس حالياً كيان يُدعى "المجتمع التعددي". وكشفت المصادر أن "قسيس وجّهت وسبعة أشخاص من بعض شخصيات المعارضة السورية الداخلية، رسالة إلى رئيس كازاخستان نور سلطان نزارباييف، بعد لقائهم به نهاية الشهر الماضي".
ويحكم نزارباييف كازاخستان منذ العام 1990، ويبلغ من العمر 75 عاماً، وقد رشح نفسه إلى الانتخابات الرئاسية الجديدة في بلاده، المقررة نهاية أبريل/نيسان الحالي، وهو أحد حلفاء الروس ومقرّب من فلاديمير بوتين، وتُثير المعارضة ضده، العديد من قضايا الفساد وقمع الحريات. وكانت قسيس، ذكرت لوكالة "سبوتنيك" الروسية قبل أيام، أنها "ستطلب من الرئيس الكازاخي لقاء فريق عمل مكوّن من بعض المعارضين السوريين، الذين شاركوا في لقاءات موسكو وآخرين لم يشاركوا فيها". واعتبرت أن "كازاخستان بلد حيادي له علاقات جيدة مع جميع الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي"، مضيفة أن "هناك إشارات إيجابية من قبل كازاخستان".
اقرأ أيضاً: لقاء موسكو وفضيحة النظام
من جهته، قال منسق لقاء موسكو التشاوري الثاني، فيتالي نعومكين، إن "موسكو سترحب بكل المبادرات المتعلقة بالمفاوضات السورية ـ السورية وبلقاءات جديدة تعقد في أماكن جديدة، بما في ذلك كازاخستان". وأضاف "لا أعتقد أن اختيار مكان آخر لعقد اجتماعات، سيمثل تحدياً لموسكو أو القاهرة".
ويترقّب البعض من المعارضين السوريين، مؤتمر القاهرة للمعارضة، خصوصاً أنه أحد أوضح أحداث مايو، ومن المُقرر أن يجمع نحو 150 معارضاً سورياً. وذكر معارض من الداخل رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، أنه "تمّ تأجيل المؤتمر إلى منتصف شهر مايو، بعد أن كان مقرراً عقده أواخر شهر أبريل، بهدف استكمال أوراقه".
وتحدثت مصادر مسؤولة في المؤتمر، لـ"العربي الجديد"، عن أن "مُنتجات المؤتمر مفتوحة على عدة خيارات، بدءاً من التوافق على ورقة تفاوضية لحلّ الأزمة السورية، إلى تشكيل كيان سياسي ما، مُفوّض بالتباحث من المشاركين في المؤتمر".
لكن خيار التفاوض يراه معارضون صعب التحقق، في ظلّ غياب أطراف رئيسية عن مؤتمر القاهرة، كـ"الائتلاف الوطني"، ومجموعة معاذ الخطيب، في حين كان "تيار بناء الدولة السورية" قد انسحب من اللقاء التحضيري للقاء القاهرة، كما أن رئيسه لؤي حسين لا زال تحت المحاكمة بتهمة "وهن نفسية الأمة واضعاف الشعور القومي"، وهو ممنوع من السفر.
أما بالنسبة إلى الراعي المصري فله مواقف متشنجة من "جماعة الاخوان المسلمين في سورية"، وبعض كيانات المعارضة السورية، المحسوبة على الأتراك، رافضاً دخولهم إلى الأراضي المصرية، ما يحول دون مشاركتهم بالمؤتمر إن أرادوا ذلك.
وعقب الفشل الذي حققه المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، بـ"تجميد القتال" في مدينة حلب، بل تمكن فقط من وقف القصف بالأسلحة الثقيلة، جاءت مناشدة بعض القوى السورية المشاركة في لقاء موسكو التشاوري 2، للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بإحياء مسار جنيف. وافق بان على ذلك، وأفاد متحدث باسم الأمم المتحدة هذا الأسبوع، أن "دي ميستورا يرغب في تنظيم سلسلة مشاورات منفصلة في مايو في مدينة جنيف السويسرية، مع أطراف النزاع في سورية".
وقال المتحدث أحمد فوزي خلال مؤتمر صحفي، إن "دي ميستورا سيبدأ سلسلة مشاورات منفصلة مع أطراف النزاع في سورية والجهات الاقليمية والدولية، للاستماع إلى وجهات نظرهم". وأشار إلى أن "هذه العملية ستنطلق الشهر المقبل في جنيف"، موضحاً في الوقت ذاته أن "طبيعتها لم تتقرر بعد، كما لم توجه الدعوات حتى الآن". ومن المقرر أن يستمع مجلس الأمن في 24 أبريل/نيسان، إلى دي ميستورا لعرض آخر ما توصّل إليه.
بدوره، قال قيادي في المعارضة السورية، طلب عدم ذكر اسمه لـ"العربي الجديد"، إن "الأزمة السورية أُشبعت تشاوراً، وتمّ التوصل إلى العديد من الأوراق التي تُشكّل أساساً لحلّ الأزمة السورية، وأبرزها بيان جنيف المُعتمد من قبل مجلس الأمن. ما يُظهر أن ما يتم الحديث عنه من مشاورات في جنيف أو الأستانة، ما هي إلا مبادرات لملء الوقت الضائع".
واعتبر أن "هذه اللقاءات لن تحمل جديداً لحلّ الأزمة السورية، التي باتت مرتبطة بتسوية دولية بين الولايات المتحدة وروسيا، وبتسوية اقليمية بين السعودية وايران، وذلك في ظلّ تعنّت السلطة بعدم القبول بالمشاركة في إدارة البلاد، واعتماد الحل العسكري الأمني في قمع السوريين، ما ولّد العنف ودفع إلى انتشار التشدد والارهاب، الذي بدأ يهدد الهوية السورية ووحدة البلاد".
وضمن التغيّرات التي تشهدها المنطقة، تبحث المعارضة السورية، ما يتم الحديث عنه حول عزم السعودية عقد لقاء للمعارضة، من أجل تشكيل هيئة تفاوض مع النظام. وتُعتبر هذه الخطوة أول عمل سياسي مباشر، تقوم فيه المملكة ضمن ملف الأزمة السورية.
ورأى معارضون، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "عقد لقاء للمعارضة السورية في الرياض، غير واضح الأبعاد والأهداف حتى الآن، سيبقى مفتوحاً على العديد من الاحتمالات، منها تشكيل طرف سياسي ضمن الاصطفافات الاقليمية، قد يندرج في إطار تسوية اقليمية دولية". واعتبروا أن "الدور السعودي اختلف بعد عاصفة الحزم، لرغبة الرياض في أداء دور أكثر فعالية، وتريد أخذ زمام المبادرة كقوة اقليمية".
وأضافوا: "إلا أن نجاح هذه المبادرة، التي قد تكون أهم مبادرة لحلّ الأزمة السورية منذ أربع سنوات، مرتبطة بوجود تسوية ما بين السعودية وايران، ومن المرجح أن تؤدي تركيا دور المنسق". ولفتوا إلى أن "انجاز الاتفاق النووي سيدفع ايران للتحول من دولة مارقة إلى قوة اقليمية فاعلة، ما يجعلها لاعب اقليمياً عبر تقديم دورها السياسي على حساب دعم المليشيات المسلحة".
وتشير المعطيات الحالية الاقليمية والدولية، إلى أن لا حلول للأزمة السورية على المدى المنظور، في ظلّ تصدر الملف اليمني، وعدم القدرة على تحقيق استقرار في العراق، إضافة إلى عدم حسم الاتفاق النووي الإيراني، ومواصلة الولايات المتحدة تحييد روسيا عن الحضور الدولي. كما يدخل عامل الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة العام المقبل، في الحسبان، كونها ستشغل الأميركيين في المرحلة المقبلة، في وقتٍ يتمسك فيه النظام بالحلّ العسكري، من أجل تسويق نفسه كـ"محارب للإرهاب" أمام الغرب، ما سيُفاقم الصراع الدموي الداخلي، ويؤدي إلى انهيار النظام ببطء، وبالتالي إلى انهيار الدولة.
اقرأ أيضاً: "إس 300" لإيران: روسيا تطمئن إسرائيل... والأنظار على السعودية