يبدو أنّ اختيار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، المدير السابق لوكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية (دي آي إيه)، الجنرال المتقاعد مايك فلين، لتولّي منصب مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، خطوة ملعوبة ترسم ملامح الإدارة الجديدة.
فمايك فلين، صديق ترامب ومستشاره لشؤون السياسة الخارجية منذ عام 2015، رغم أنه غير جمهوري، كونه لا يزال مسجلاً على لوائح الحزب الديمقراطي. لكنّه يتحدّث لغة ترامب ويدعو إلى فهمها، بدءاً من الإسلاموفوبيا وخطابات "الإسلام الراديكالي"، مروراً بالانتقادات الحادة لخطوة الانسحاب من العراق، وصولاً إلى الاتهامات بحق الرئيس باراك أوباما، ومهاجمة سياساته.
فلين، (57 عاماً) خدم في الجيش الأميركي لأكثر من 30 سنة، وقاد مهامَّ في العراق وأفغانستان، من بينها ملاحقة القيادي في تنظيم "القاعدة" أبو مصعب الزرقاوي، والنجاح في تحديد موقعه، تمهيداً لقتله بغارة جوية في يونيو/ حزيران 2006، وفق ما ذكرت صحيفة "دير شبيغل" الألمانية.
تولّى منصبه في وكالة الاستخبارات الدفاعية عام 2012، إلا أنّ الرئيس أوباما أقاله عام 2014، بسبب خلافات بشأن استراتيجية "الحرب على الإرهاب"، و"توصيف المجموعات الإرهابية بالإسلام الراديكالي"، وهو مصطلح رفضت إدارة أوباما استخدامه.
وصف فلين في مقابلة مع الصحيفة الألمانية، قرار أوباما بالانسحاب من العراق بأنّه كان "قراراً غبياً وكابوساً لأمننا القومي"، وتسبَّب بظهور تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
يتحدّث فلين لغة ترامب، فهو غالباً ما يطرح في تصريحاته معلومات تفتقر إلى الدقة، منها مثلاً قوله إنّ الشريعة الإسلامية "تتغلغل في الولايات المتحدة"، معتبراً أنّ الإسلام ليس ديناً وإنما "ايديولوجية سياسية"، حتى أنّه وصفه مرة بأنّه "سرطان".
— General Flynn (@GenFlynn) July 23, 2016
" style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
وتقوم وجهة نظر فلين على أنّ "مشكلة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط مع المعتقدات الإسلامية"، هي "مجرد إيديولوجية سياسية"، ولذلك فقد أقنع ترامب خلال حملته الانتخابية بأنّ الولايات المتحدة تخوض "حرباً عالمية" مع التنظيمات الإسلامية، ولذلك عليها البحث عن حلفاء في قتالهم، مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وإذ أبدى في أكثر من مناسبة إعجابه ببوتين "الغيور على روسيا"، أكد أنّ الرئيس الروسي "سيكون شريكاً موثوقاً للولايات المتحدة في قضايا معينة". في حين دافع مثلاً عن تهجمات ترامب على المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بسبب سياستها تجاه اللاجئين. وقال في حديثه مع دير شبيغل "إذا شعرت بالإساءة فليكن"، واصفاً قراراتها في التعامل مع أزمة اللاجئين بأنّها "قرارات هزيلة إلى أقصى الحدود".
وفلين هو من يقف في ظهر ترامب بدعوته إلى إعادة النظر في علاقة الولايات المتحدة بحلف شمال الأطلسي (ناتو)، من ناحية تمويل نشاطاته وعملياته، قائلاً مرة بسخرية إنّ "واشنطن تمول 99 في المائة من بلدان العالم".
ورأى في هذا السياق أنّ العالم "أساء فهم ترامب"، مشيراً إلى أنّ الأخير يريد أن يعيد النظر بالدور المتوقع من الولايات المتحدة "كقوة قيادية عالمية" وبالمعاهدات والمواثيق التي تعمل في إطارها، للتأكد من أنها لاتزال صالحة في القرن الحادي والعشرين.
في "خطاب ناري"، كما وصفته صحيفة "نيويورك تايمز"، في كليفلاند، وخلال دعم ترامب في حملته الانتخابية، دعا فلين إلى تسليم قيادة الولايات المتحدة لشخص يتولى "الاستثنائية الأميركية".
وصف فلين الانتخابات الأميركية هذا العام بأنّها "ليست انتخابات، بل ثورة"، قائلاً إنّها "قد تكون الأكبر في تاريخ أمتنا منذ أن جاء جورج واشنطن وقرر ألا يكون ملكاً".
رُجّح أن يتولى منصب نائب الرئيس، لكن بعد تعّهد الرئيس المنتخب بزيادة حجم وإنفاق الجيش الأميركي، يبدو فلين "رجل السلطة الأكثر قسوة" كما وصفه بعض الضباط الذين عملوا معه، مرشحاً على مقاييس ترامب لتولي حراسة بوابة الأمن القومي و"إعادة أميركا عظيمة".