وفي زيارته الأولى للعراق، تفقد بنس قوات بلاده في قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار، غرب البلاد، قبل أن يتوجه إلى أربيل للقاء المسؤولين في إقليم كردستان العراق.
وكرر بنس، أعلى مسؤول أميركي على هذا المستوى يزور بلاد الرافدين منذ زيارة دونالد ترامب في أواخر كانون الأول/ ديسمبر 2018، ما قام به الرئيس الأميركي، بأن أدى زيارة قصيرة دون لقاء أي مسؤول محلي.
وأكد مسؤولان عراقيان أن بنس تواصل هاتفياً مع رئيس الوزراء عادل عبد المهدي. وأفاد أحدهما بأنه "لن يكون ثمة اجتماع (بين المسؤولين)، طالما أنهما تواصلا هاتفياً (...) رئيس الوزراء لن يذهب إلى الأنبار".
من جهته، أكد مكتب الرئيس العراقي برهم صالح، أنه لم يكن مطلعاً مسبقاً على الزيارة، وأنه ليس مقرراً عقد اجتماع بين الطرفين.
ونشر بنس عبر "تويتر" صوراً له برفقة زوجته وجنود أميركيين خلال الزيارة التي تأتي قبل أيام من احتفال الأميركيين بعيد الشكر. وأرفق نائب الرئيس الأميركي تغريدته بتعليق "عيد شكر سعيد من العراق".
Twitter Post
|
وبحث بنس في اتصاله مع عبد المهدي "تعزيز العلاقات بين البلدين وآفاق التعاون المشترك، الى جانب بحث التطورات التي يشهدها العراق وجهود الحكومة وإجراءاتها الإصلاحية، استجابة لمطالب المتظاهرين"، بحسب مكتب رئيس الوزراء العراقي.
وأوضح المصدر نفسه أن الزيارة كانت بعلم عبد المهدي، ومثلها قرار بنس زيارة أربيل. في المقابل، أكد مكتب الرئيس العراقي برهم صالح، لوكالة "فرانس برس"، أنه لم يكن على اطلاع مسبق على الزيارة. وانتقل بنس من القاعدة العسكرية في الأنبار إلى أربيل حيث عقد اجتماعاً مع رئيس الإقليم ورئيس وزرائه مسرور بارزاني.
وقال بنس إنه يرحب "بالفرصة نيابة عن الرئيس دونالد ترامب للتأكيد مجدداً للروابط القوية التي وثقتها نار الحرب بين شعب الولايات المتحدة والشعب الكردي في أنحاء المنطقة".
وقال مسؤول أميركي لوكالة "أسوشييتد برس" إن زيارة بنس ترمي إلى طمأنة الاكراد الذين ما زالوا متحالفين مع واشنطن في قتال تنظيم "داعش"، إضافة إلى الأميركيين من مؤيدي القضية الكردية منذ القدم، إلى أن إدارة ترامب لا تزال ملتزمة هذا التحالف.
وتهدف الزيارة أيضاً، بحسب المسؤول، إلى إظهار تركيز بنس على السياسة الخارجية، بينما تشهد واشنطن تحقيقاً يهدف في نهاية المطاف إلى عزل الرئيس.
ولم تعلن السلطات العراقية موعد الزيارة في وقت سابق، كذلك فإنها لم توضح طبيعتها، إلا أن جنرالاً عسكرياً عراقياً قال لـ"العربي الجديد"، إن بنس زار قاعدة عين الأسد والتقى بالجنود الأميركيين هناك، مؤكداً أن الزيارة جرت على متن طائرة خاصة، وبرفقة وفد عسكري رفيع.
ورجّح نائب في البرلمان أن يبحث بنس مع المسؤولين العراقيين التظاهرات والتدخل الإيراني السلبي في البلاد، مبيناً في اتصال مع "العربي الجديد"، أن الأميركيين أكثر تفاعلاً في الساحة العراقية من ذي قبل.
وقال رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، لـ"العربي الجديد"، إن "زيارة بنس للعاصمة العراقية بغداد، تمثّل، بما لا يقبل الشك، انخراطاً أكبر من قبل الولايات المتحدة الأميركية في الشأن العراقي"، مضيفاً أن "زيارة أميركية بهذا الحجم، تؤكد أن هناك ملفات كبيرة جداً سيبحثها بنس مع الرئاسات الثلاث وقادة القوى السياسية".
وبيّن الشمري أن "طبيعة التطورات الأخيرة في ما يخص انتفاضة العراقيين على المعادلة السياسية الحالية، ستكون حاضرة في مباحثات نائب الرئيس الأميركي، والدعوة للاستجابة إلى مطالب المتظاهرين وقضايا انتهاك حقوق الإنسان وعمليات القتل والقمع، فهذه من أهم الملفات التي سيبحثها بنس خلال زيارته العراق، خصوصاً أن واشنطن لوّحت بعقوبات وبإيقاف الدعم، من التسليح وغيره".
وتابع قائلاً إن "رسالة نائب الرئيس الأميركي ستكون حازمة وشديدة، خصوصاً أنه معروف أنه من الصقور في الإدارة الأميركية في قضية اتهامات إيران، ولا سيما أن هناك من يتحدث عن أن إيران هي المسؤولة عن وثيقة منزل الحكيم، أو حتى ما يرتبط بقضايا قمع المتظاهرين والهيمنة من خلال السلام، وهذه أهم القضايا التي ستناقش".
ولفت إلى أن أميركا تعتقد أن العراق ابتُلع من قبل إيران، وهذه الزيارة ستضع اشتراطات لوقف النفوذ الإيراني، ووقف القتل، والقمع، والمضي مع مطالب المتظاهرين، التي أصبحت على طاولة المجتمع الدولي.
وبيّن رئيس مركز التفكير السياسي أن "الزيارة ستناقش أيضاً قضية العقوبات التي ستفرضها الإدارة الأميركية على عدد من السياسيين العراقيين وقادة الفصائل، كذلك فإن الولايات المتحدة الأميركية، من خلال زيارة بنس، ستطلق تحذيراً أخيراً، وبهذه الزيارة تبين أنّ العراق عاد إلى أولويات السياسة الأميركية".
وتجري الزيارة في الوقت الذي بدا فيه الفاعل الإيراني أكثر سيطرة على المشهد السياسي العراقي من جهة خيار الإبقاء على الحكومة برئاسة عبد المهدي، والتوجه إلى تنفيذ الإصلاحات بمدد زمنية، مع استمرار خيار مواجهة التظاهرات. وتبدو العلاقة أكثر تأزماً بين الحكومة من جهة، والإدارة الأميركية من جهة أخرى، وذلك بعد حديث لعبد المهدي عن التظاهرات، اعتبره مراقبون موجهاً ضد الإدارة الأميركية بالدرجة الأولى، وإعلاناً ضمنياً لتمسكه بالسلطة، وتبريراً أيضاً لمستوى القمع الحالي في التظاهرات.
وأنهى السفير الأميركي في بغداد، ماثيو تولر، الخميس، ما يمكن اعتباره "أسبوعاً غير عادي" بسبب تحركاته واجتماعاته، المعلنة على أقل تقدير، مع المسؤولين العراقيين، أبرزهم رئيس الوزراء، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان.
وكان هذا الحراك لافتاً لانتباه مراقبين وسياسيين، قالوا إنه يأتي بعد فترة فتور واضحة للسفارة، منذ تسلم عبد المهدي رئاسة الوزراء، وعقب الاتفاق الذي اعتبر فيه أن قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني تفوّق على المبعوث الأميركي للعراق آنذاك بريت ماكغورك، في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2018، الذي قاد هو الآخر ضغوطاً كبيرة في مشاورات تشكيل الحكومة، حيث انتهى المطاف بالرئاسات الثلاث العراقية، الجمهورية والحكومة والبرلمان، إلى شخصيات غير بعيدة عن إيران.
ووفقاً لمصادر سياسية، أحدها نائب في البرلمان العراقي، فإن مختلف الأطراف السياسية تراقب تحركات السفير تولر، صاحب الأثر الواضح في اليمن خلال عمله هناك سفيراً لواشنطن، والقادم أخيراً إلى العراق.