منذ رحيله عام 2009، ما زال الفنّان الأميركي مايكل جاكسون، الذي تحل اليوم ذكرى رحيله، مُتربعاً على عرش الجوائز الموسيقية، التي حصل في تاريخه على أكبر عدد منها داخل أميركا وخارجها، مُحطماً بذلك أرقام غينيس. هذا أمر ليس مهماً، بالنظر إلى أسلوبه الفنيّ الذي يشترك فيه مع مجموعة من الفرق الموسيقية الأميركية والبريطانية، التي بزغ نجمها قبله وتشترك معه في النمط الموسيقي نفسه الذي يقوم على المزج بين الروك والبوب، وهما ينتميان معاً إلى الموسيقى الشعبية، التي وجدت موطنها الآسر داخل الحفلات اليومية التي تُغذيها الحياة البوهيمية الأميركية، وصار مايكل جاكسون أحد "أيقوناتها"، بعدما استقر حال موسيقى البوب منذ الخمسينيات على يد الموسيقي الأميركي ميتش ميلر، وفي فترة الستينيات مع فرقة البيتلز، التي اكتسحت أميركا وتوطدت معها صورة موسيقى البوب، خاصة داخل بعض الأفلام السينمائية التي كرست حياة الوحدة والبوهيمية والتشرّد والجريمة داخل الأحياء الهامشية في المجتمع الأميركي.
لذلك، يرى كثير من المعجبين أن سيرة جاكسون الفنية ظلّت تُشكّل لغزاً حقيقياً عما إذا كان جاكسون يُمثل حقاً نموذجاً حقيقياً مُجدّداً لموسيقى البوب، أم أنه لا يعدو أن يكون مجرد نسخة عن فرقة البيتلز، من حيث الأسلوب الموسيقي الذي انتهجه منذ بداية الثمانينيات، والذي يجعل مضامينه وأساليبه الترفيهية غير مختلفة عن نمط البيتلز، باستثناء جماليّات فيديو كليباته، مُستغلاً بذلك الحركة الإلكترونية التي ارتفع منسوب تأثيرها في الموسيقى الأميركية إبان الثمانينيات، إضافة إلى حركاته الراقصة الساحرة على خشبات المسرح، التي ظل يُقلده فيها كثير من الفنانين عبر العالم بعد رحيله.
كل هذه الأسباب، ساعدت مايكل جاكسون، منذ أواخر السبعينيات، على اجتراح لغة موسيقية "جديدة" داخل مساره الفني، لكنها لم تخرج عن جماليّات موسيقى "الباور بوب"، كشكل من أشكال "البوب روك" التي حظيت مع جاكسون باهتمام بالغ في حفلاته داخل أميركا، بعد الطفرة الإلكترونية التي فتحت لمايكل جاكسون مسارات فنية غنيّة لم تحظ بها التجارب التي سبقته. مع العلم أن هذا المزج بين الروك والبوب سبقته إليه فرقة البيتلز خلال الستينيات، بعد اجتياج العديد من الفرق البريطانية للساحة الموسيقية الأميركية، وتتصدر أسطواناتها الأعلى مبيعاً في تاريخ الموسيقى داخل أميركا، وما زالت حتى الآن تُستهلك بالكثير من المحبة والجنون، بسبب الصدق والجرأة اللذين طبعا الحياة الموسيقية للبيتلز، منذ ظهورها على الساحة البريطانية، بعد الويلات الجسيمة التي تعرض لها البلد بعد الحرب العالمية الثانية، وكان من الضروري أن تنتقل الفرقة نحو أميركا لتواصل هذا الاكتساح، بحكم طبيعة ونوعية موسيقى البوب وتماشيها مع خصوصيات الفرد الأميركي الذي وجد موطنه الآسر داخلها، وخاصة أنها تعبّر عن كيانه وروحه وآرائه تجاه الكثير من القضايا السياسية والاجتماعية التي نخرت المجتمع الأميركي آنذاك، بسبب العنف الرمزي والخوف الوجودي الذي تسببت به الحرب العالمية الثانية، قبل أن يتلاشى هذا النمط من البوب أمام تنافس شرس بين فرق كثيرة منذ نهاية الستينيات.
ومع ذلك، ما زالت أغاني فرقة البيتلز تُسمع حتى اليوم عبر العالم، مقارنة مع أعمال مايكل جاكسون، التي تراجعت وانهدت صورته بمجرد رحيله، لأنه لم يغزُ العالم كمغن للبوب فقط، بل كصورة أيقونية عن ضياع الفرد وبوهيميته داخل أميركا، إذ مثلت حياته لدى الكثير من الناس أسلوب عيشٍ وتمرّد على الأعراف والحدود الرسمية البورجوازية، التي أضحى في نهاية حياته واحداً منها بحكم الثروة الخيالية التي خلفها، أكثر مما هي سيرة فنّان وملك لموسيقى البوب في العالم، كما هو الشأن مع الخنافس الأربعة، الذين ظلّت صُوَرهم يطبعها الكثير من البريق الفني والإنساني في وجدان الناس عبر العالم، أمام صورة جاكسون التي غدت مُرتبكة بحكم الفضائح والهزات التي طاولت سيرة حياته الشخصية وحجم التُهم المُعلّقة المُوجهة إليه في قضايا اغتصاب الأطفال وغيرها.
اقــرأ أيضاً
لذلك، يرى كثير من المعجبين أن سيرة جاكسون الفنية ظلّت تُشكّل لغزاً حقيقياً عما إذا كان جاكسون يُمثل حقاً نموذجاً حقيقياً مُجدّداً لموسيقى البوب، أم أنه لا يعدو أن يكون مجرد نسخة عن فرقة البيتلز، من حيث الأسلوب الموسيقي الذي انتهجه منذ بداية الثمانينيات، والذي يجعل مضامينه وأساليبه الترفيهية غير مختلفة عن نمط البيتلز، باستثناء جماليّات فيديو كليباته، مُستغلاً بذلك الحركة الإلكترونية التي ارتفع منسوب تأثيرها في الموسيقى الأميركية إبان الثمانينيات، إضافة إلى حركاته الراقصة الساحرة على خشبات المسرح، التي ظل يُقلده فيها كثير من الفنانين عبر العالم بعد رحيله.
كل هذه الأسباب، ساعدت مايكل جاكسون، منذ أواخر السبعينيات، على اجتراح لغة موسيقية "جديدة" داخل مساره الفني، لكنها لم تخرج عن جماليّات موسيقى "الباور بوب"، كشكل من أشكال "البوب روك" التي حظيت مع جاكسون باهتمام بالغ في حفلاته داخل أميركا، بعد الطفرة الإلكترونية التي فتحت لمايكل جاكسون مسارات فنية غنيّة لم تحظ بها التجارب التي سبقته. مع العلم أن هذا المزج بين الروك والبوب سبقته إليه فرقة البيتلز خلال الستينيات، بعد اجتياج العديد من الفرق البريطانية للساحة الموسيقية الأميركية، وتتصدر أسطواناتها الأعلى مبيعاً في تاريخ الموسيقى داخل أميركا، وما زالت حتى الآن تُستهلك بالكثير من المحبة والجنون، بسبب الصدق والجرأة اللذين طبعا الحياة الموسيقية للبيتلز، منذ ظهورها على الساحة البريطانية، بعد الويلات الجسيمة التي تعرض لها البلد بعد الحرب العالمية الثانية، وكان من الضروري أن تنتقل الفرقة نحو أميركا لتواصل هذا الاكتساح، بحكم طبيعة ونوعية موسيقى البوب وتماشيها مع خصوصيات الفرد الأميركي الذي وجد موطنه الآسر داخلها، وخاصة أنها تعبّر عن كيانه وروحه وآرائه تجاه الكثير من القضايا السياسية والاجتماعية التي نخرت المجتمع الأميركي آنذاك، بسبب العنف الرمزي والخوف الوجودي الذي تسببت به الحرب العالمية الثانية، قبل أن يتلاشى هذا النمط من البوب أمام تنافس شرس بين فرق كثيرة منذ نهاية الستينيات.
ومع ذلك، ما زالت أغاني فرقة البيتلز تُسمع حتى اليوم عبر العالم، مقارنة مع أعمال مايكل جاكسون، التي تراجعت وانهدت صورته بمجرد رحيله، لأنه لم يغزُ العالم كمغن للبوب فقط، بل كصورة أيقونية عن ضياع الفرد وبوهيميته داخل أميركا، إذ مثلت حياته لدى الكثير من الناس أسلوب عيشٍ وتمرّد على الأعراف والحدود الرسمية البورجوازية، التي أضحى في نهاية حياته واحداً منها بحكم الثروة الخيالية التي خلفها، أكثر مما هي سيرة فنّان وملك لموسيقى البوب في العالم، كما هو الشأن مع الخنافس الأربعة، الذين ظلّت صُوَرهم يطبعها الكثير من البريق الفني والإنساني في وجدان الناس عبر العالم، أمام صورة جاكسون التي غدت مُرتبكة بحكم الفضائح والهزات التي طاولت سيرة حياته الشخصية وحجم التُهم المُعلّقة المُوجهة إليه في قضايا اغتصاب الأطفال وغيرها.
ومع صدور الفيلم الوثائقي "Leaving Neverland" ((2019 للمخرج البريطاني دان ريد، سقطت ورقة التوت العالقة كما يقال، إذْ بدأت صورة جاكسون الرومانسية تنهار شيئاً فشيئاً في مخيّلة الناس ويُصيبها التصدع والارتباك أمام قضية اغتصاب الأطفال في مرحلة مُبكرة من حياته، وخاصة أن الفيلم الوثائقي كشف بمرارة عما كان يروج من تحرش واغتصاب داخل قصره الكبير "نيفرلاند" لسنوات عديدة، وفيه يحكي شابان أميركيان عما تعرضا له في طفولتهما من اغتصاب من طرف جاكسون على مدار جزأين من الفيلم، يكشفان من خلاله حجم المآسي التي شهدها تاريخ القصر. ومع أن القانون الأميركي برأ مايكل جاكسون مرتين، إلّا أن الفيلم أعاد القضية إلى سطح الأحداث مُجدّداً، لأن الأمر يتعلق بالأخلاق التي تتجاوز قيمتها أيّ صناعة فنية، مهما علت قيمتها، فهي تظل دوماً قاصرة أمام الأبعاد الإنسانية التي تجعل من الإنسان أهم من هذه المادة الفنية.
لذا، فإن استعادة مثل هذه، لا تكاد تخلو من تكسير حدّة ما تبقى من صورة جاكسون في مخيّلة من أحبوه وآمنوا به وبموسيقاه، ما جعل الكثير من المؤسسات الفنية العالمية تتخذ موقفاً مُضاداً من موسيقاه، وحازماً منه كفنّان، وتسحب كافة أنشطتها وتعاملاتها الإعلانية مع مؤسسة جاكسون، التي ظلّت بدورها منذ سنوات تُرافع من أجل إسقاط التُهم عن ملك البوب.