ماهية العدالة؟

26 فبراير 2018
+ الخط -
أفكر كثيرا في فكرة العدل وجمالية نتيجتها، وخلفيتها الأخاذة في حال كانت حاضرة وقادرة فعلا، وأيضا بعلاقتها المتماهية مع مفهومي الخير والشر من حيث النتيجة.

إذ دائما ما نفضي لأنفسنا عن روعة الخير عندما نتوقع مكافأة عادلة عند تقديم مساعدة لأحدهم، كما نفكر بأنه من العدالة أن يكون ثمة عقاب عادل للشر الحاصل حولنا..

أظن أن في منطقة الشرق الأوسط تحديداً واستناداً للمخاض البشري السياسي الإجتماعي الثقافي الذي تعيشه دول المنطقة بأسرها يأخذ التفكير في البحث عن هوية العدل ومفهومه أبعاداً تضرب جذورها في أخلاقيات وطبيعة التركيب النفسي لأبناء تلك المنطقة الممتلئة بؤساً..


نحن هنا لا نتساءل إن كان العدل موجوداً أم لا؟! نحن نتساءل عن حجم قيمته ومدى تأثيره في ظل دوامة -فوضى التصفية- التي يحياها البشر في كل مكان؟.. بشكل فعلي ومن دون مهادنة نحن نتساءل عن حضوره الخافت وغير الفعال؟ نتساءل هل طبيعة الحياة عادلة؟ نتساءل عن اللحظة التي نظن أنه موجود، في الوقت الذي يدفن فيه العشرات تحت الأنقاض هنا وهناك، لأنه وبكل بساطة شخص أحمق ما، في مكان ما قرر ذلك!

كما هو متداول بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ساد لدى الشعوب التي خاضت الحرب شعور متمكن بالعدمية واللاجدوى عبرت عنها المدارس الفلسفية الوجودية آنذاك، وهذا يعد أمرا طبيعيا نتيجة ظروف تلك الحرب وأعداد الضحايا الهائلة.. تخيلوا كل هذه الضحايا بسبب أفكار دارت بداية في عقل رجل اسمه هتلر، ثم انتقلت لرجل آخر اسمه ستالين.

طبعا الموضوع ليس كميا، لا يقاس بالعدد، إذ ثمة معاناة لأفراد يتخللها الكثير من التفاصيل غير العادلة، فمثلا طبيعة الحياة الاجتماعية وتفضيلها لأشخاص على حساب آخرين لا تنضوي أحيانا على حالة من العدل بالمقياس الذي يشعر المرء به.

ألا نشعر بالعدل يعني ألا نثق بأي شيء حولنا.. ما هو العقاب المناسب العادل لقتل الآلاف من البشر، بتدمير حياتهم، بسرقة الفرحة من وجوه أطفالهم -لا أقصد تسييس الفكرة هنا-، البحث عن مفهوم العدالة بتجلياتها الحياتية لا يمثل تساؤلا عدميا جافا بقدر ما يشكل بحثا تفاعليا.

نحن نجد الخير في أشياء عديدة مثلما نجد الشر أيضا، البحث عن العدالة هو البحث عن قيمة الحياة وجدواها، والأشياء العظيمة والمؤثرة في حياتنا لا تكون عادلة بالمطلق وإنما نسبية تحتوي عدة صفات إيجابية، وهنا بالذات تكمن عدالتها.. فيبدو أن العدالة هي عدالة الفكرة عندما تعبر عن ذاتها وانفلاتها بصرف النظرعن نتيجتها المادية.
42BBA522-1BE8-4B0B-9E9A-074B55E2BCB4
معتز نادر

كاتب صحافي وشاعر.يقول: من المخزي أن ينسف طارئ نفسي أو عقلي معين كل ما أنجزته تجربة الذاكرة عبر سنواتها الطويلة.. إن هذا يؤدي إلى الحديث عن الموهبة الممزوجة بالصدق والنقاء، إذ برأيي ستكون أقصى ما يمكن أن يصل إليه المرء من كفاءة وروعة.وليس ثمة قضية أهم من مواجهة الإنسان لوحدته.. إن هذا العالم نهض على الأغلب من أشياء تافهة وغير ملفتة، وهذا ما يمنح الإغراء للبحث عن حياة نقية وأكثر نضارة.

مدونات أخرى