ثمة عوامل متعددة تدفع بالطلاب العرب إلى قصد بلدان أخرى خارج المنطقة العربية لاستكمال تعليمهم الجامعي، وما بعد الجامعي، كانت وجهات الطلاب العرب على مدار عقود ماضية هي الدول الغربية، ولكن خلال العقد الماضي، ظهرت مقاصد أخرى بخلاف الدول الغربية.
أهم هذه المقاصد الجديدة للطلاب العرب للتعليم الجامعي، ماليزيا ثم تركيا، وبخاصة بعد بزوغ هاتين الدولتين في مشروعهما التنموي، والتركيز بشكل رئيس على أن أهم أسباب نجاح التنمية في هاتين الدولتين، تغير منظومة التعليم بشكل كامل، ومساهمتها بشكل كبير في تطوير التكنولوجيا، والدخول في دوائر بحثية متقدمة، ارتقت بجامعات هذه الدول على مؤشر التصنيف العالمي للجامعات.
اختيار كل من ماليزيا وتركيا كان رغبة بعض الطلاب في ما قبل تراجع دول ثورات الربيع العربي، واضطرار بعض الأسر إلى مغادرة بلدان الربيع العربي، بحثًا عن الأمن، وفي الوقت نفسه استكمال تعليم أبنائهم، الذين انقطعت بهم أسباب استكمال التعليم الجامعي، إما بسبب مطاردة الأب، أو مطاردة الطلاب أنفسهم.
وبالتالي أصبح هناك شريحة أخرى، أتت إلى كل من ماليزيا وتركيا، كخيار آمن من جهة، وانخفاض تكلفة التعليم بهاتين الدولتين مقارنة بالدول الغربية من جهة أخرى، وكذلك سهولة الوصول إليهما دون الحاجة لتعقيدات التأشيرة وإجراءات القبول بالجامعات الغربية.
مجتمع آمن
أحمد حسن من الأردن، طالب في إحدى الجامعات الماليزية، صرح لـ "العربي الجديد" بأن أسرته أرسلته إلى ماليزيا، باعتبارها مجتمعاً آمناً، ولاتفاقها مع القيم والتقاليد الإسلامية، مقارنة بالدول الغربية. ويضيف أحمد أن هناك جنسيات عربية كثيرة قصدت ماليزيا من أجل التعليم على مدار السنوات الماضية، لاختلاف طرق التعليم عن البلدان العربية، ومنافستها لنظم التعليم الغربية.
ويبين أحمد أن الإقبال على التعليم في ماليزيا من قبل الطلاب العرب ينحصر في تخصصات الهندسة والاقتصاد الإسلامي، نظرًا لتميز ماليزيا في هذه التخصصات، وهناك طلب على خريجيها في الدول الخليجية، وأيضًا في الدول الأوروبية.
أما محمود الشال من مصر، فله تجربة آخرى حيث خرج من مصر بعد الانقلاب العسكري، ولديه ولدان كانا يدرسان في المرحلة الجامعية بمصر، وعند الانتقال لماليزيا، وجد أن من الصعب أن يستفيد من برنامج المنح الخاص بالحكومة الماليزية، الذي يشترط الحصول على خطاب قبول المنحة من بلد طالب المنحة، وإنهاء إجراءات الاستقدام عن طريق السفارة الماليزية بالقاهرة، وهو ما يتعذر على أسرة محمود حاليًا.
ويضيف الشال أن تكلفة تعليم أبنائه في الجامعة عالية مقارنة بدخله الحالي، فهي بحدود 4 آلاف دولار للطالب الواحد، في الجامعة الإسلامية بماليزيا وهي جامعة حكومية، وفي الجامعة الخاصة ضعف هذه التكلفة.
تعليم متميز
أسامة الشامي، طالب مصري يدرس الإعلام في جامعة غازي بأنقرة، صرح لـ"العربي الجديد" بأن رحلته في الالتحاق بجامعة تركية بدأت برغبته في تعليم متميز، بعيدًا عن منهج الحفظ والتلقين، واختياره لتركيا لكونها توفر منحة كاملة للدراسة، وانخفاض تكاليف المعيشة مقارنة بالدول الأوروبية.
ويضيف الشامي أن سمعة الجامعات التركية عالميًا شجعته على اختيار الدراسة في تركيا، كما أن برنامج المنح التركي يتيح له الفرصة للتعرف إلى ثقافات أخرى من خلال مشاركة طلاب من كافة دول العالم في هذه المنح التي تقدمها تركيا كل عام.
الشامي يدرس باللغة التركية، والذي يعد أحد شروط المنح التركية، واجتاز عامه الأول لتعليم اللغة التركية فقط، ثم بدأ دراسته هذا العام بكلية الإعلام. ويبين الشامي أن تجربته في تركيا غيرت مفاهيم كثيرة لديه، مثل أن الالتحاق بالجامعة ليس قاصرًا على سن معينة، فمعه طلاب يكبرونه بسنوات عدة، ولكنهم بدأوا الدراسة إما رغبة في التعليم، أو أن ظروفهم لم تسمح لهم بالالتحاق بالجامعة في الفترات الماضية. وأوضح الشامي أن الرغبة في التعليم هنا واضحة بشكل كبير، فطلاب الدكتوراة في تخصصات مختلفة يتميزون بأنهم في سن صغيرة مقارنة بما هو موجود في مصر مثلًا، فهناك طلاب أنهوا مرحلة الدكتوراة وهم في عمر 25 عامًا.
عقبة اللغة
إذا كان الشامي قد أمضى عامه الأول من دراسته الجامعية في تعلم اللغة التركية، فإن أقرانه الذين ذهبوا للجامعات الخاصة، لعدم تمكنهم من الاستفادة من منحة الحكومة التركية، أو لرغبتهم في الدراسة بالانجليزية كلغة عالمية، واجهتهم مشكلة اجتياز اختبارات اللغة الإنجليزية بالجامعات التركية، والتي تشترط الحصول على شهادة (TOEFL) أو ( IELTS)، وهو ما مثل تكلفة إضافية على هؤلاء الطلاب وأسرهم.
أحمد الشال الذي يدرس تخصص التمويل بالجامعة الإسلامية بماليزيا، صرح لـ"العربي الجديد"، بأنه كان يدرس بالإنجليزية في إحدى الجامعات المصرية، ولكن مستوى اللغة في ماليزيا أعلى منه في مصر، وأنه استفاد من اجتياز اختبار ( IELTS).
والجديد من وجهة نظر أحمد أن التعليم في ماليزيا يركز على مهارة العمل في فريق، سواء في النقاش خلال المحاضرات، أو في إعداد البحوث، كما أن المكتبة مجهزة بشكل جيد، وتجمع بين المصادر الإلكترونية والكتب التقليدية، فضلًا عن تجهيز القاعات، وعدم وجود أي مخالفات تعكر جو الاطلاع والبحث بالمكتبة. كذلك لاحظ أحمد أن ظاهرة الدروس الخصوصية التي عايشها بجامعته المصرية غير موجودة في ماليزيا.
مشكلات
تنحصر مشكلات الطلاب العرب ممن أتوا طواعية للدراسة في ماليزيا وتركيا في التأقلم مع هذه المجتمعات من حيث العادات والتقاليد، أو اجتياز اختبارات اللغة، كما أنهم مطلعون سلفًا على التكلفة المادية سواء للعملية التعليمية، أو باقي تكاليف المعيشة.
أما القادمون إلى تركيا وماليزيا بعد فشل ثورات الربيع العربي، فيعانون من مشكلات تواجههم تتعلق بالجوانب المالية، حيث إنهم لم يكونوا قد أعدوا أنفسهم لهذه التكلفة، وبخاصة أولئك الذين لم يستفيدوا من برامج المنح في ماليزيا أو تركيا.
فهناك العديد من الأسر لديها أكثر من ابن في المراحل التعليمية المختلفة، ويضطرون للإقامة في عاصمة البلد التي يتواجدون فيها، سواء في ماليزيا أو تركيا، لكون الجامعات التي تدرس باللغة الإنجليزية تتركز في العاصمتين. مما يحرم هذه الأسر من فرصة الإقامة بالأقاليم والتمتع بتكاليف المعيشة المنخفضة هناك.
والمشكلة الأكبر أن الجامعات الماليزية والتركية تضع شروطًا صعبة لاعتماد سنوات دراستهم في دولهم الأصلية، مما يضطرهم لبدء الدراسة وكأنهم طلاب جدد بالمرحلة الجامعية، على الرغم من أن بعضهم أمضى من سنة إلى ثلاث سنوات في تخصصه ببلده، وهو ما يعتبره الطلاب إهدارًا لأعمارهم، وزيادة غير محتملة في تكاليف الدراسة.
طرحت تجربتا ماليزيا وتركيا تحدياً جديداً أمام الدول العربية، من حيث تميز جامعاتهما تعليميًا، مما جعل البلدين قبلة للطلاب العرب، لاعتبارات تتعلق بالقيم الإسلامية، والتميز التعليمي الذي يقترب بمعدلات عالية من الأداء الغربي.
اختيار كل من ماليزيا وتركيا كان رغبة بعض الطلاب في ما قبل تراجع دول ثورات الربيع العربي، واضطرار بعض الأسر إلى مغادرة بلدان الربيع العربي، بحثًا عن الأمن، وفي الوقت نفسه استكمال تعليم أبنائهم، الذين انقطعت بهم أسباب استكمال التعليم الجامعي، إما بسبب مطاردة الأب، أو مطاردة الطلاب أنفسهم.
وبالتالي أصبح هناك شريحة أخرى، أتت إلى كل من ماليزيا وتركيا، كخيار آمن من جهة، وانخفاض تكلفة التعليم بهاتين الدولتين مقارنة بالدول الغربية من جهة أخرى، وكذلك سهولة الوصول إليهما دون الحاجة لتعقيدات التأشيرة وإجراءات القبول بالجامعات الغربية.
مجتمع آمن
أحمد حسن من الأردن، طالب في إحدى الجامعات الماليزية، صرح لـ "العربي الجديد" بأن أسرته أرسلته إلى ماليزيا، باعتبارها مجتمعاً آمناً، ولاتفاقها مع القيم والتقاليد الإسلامية، مقارنة بالدول الغربية. ويضيف أحمد أن هناك جنسيات عربية كثيرة قصدت ماليزيا من أجل التعليم على مدار السنوات الماضية، لاختلاف طرق التعليم عن البلدان العربية، ومنافستها لنظم التعليم الغربية.
ويبين أحمد أن الإقبال على التعليم في ماليزيا من قبل الطلاب العرب ينحصر في تخصصات الهندسة والاقتصاد الإسلامي، نظرًا لتميز ماليزيا في هذه التخصصات، وهناك طلب على خريجيها في الدول الخليجية، وأيضًا في الدول الأوروبية.
أما محمود الشال من مصر، فله تجربة آخرى حيث خرج من مصر بعد الانقلاب العسكري، ولديه ولدان كانا يدرسان في المرحلة الجامعية بمصر، وعند الانتقال لماليزيا، وجد أن من الصعب أن يستفيد من برنامج المنح الخاص بالحكومة الماليزية، الذي يشترط الحصول على خطاب قبول المنحة من بلد طالب المنحة، وإنهاء إجراءات الاستقدام عن طريق السفارة الماليزية بالقاهرة، وهو ما يتعذر على أسرة محمود حاليًا.
ويضيف الشال أن تكلفة تعليم أبنائه في الجامعة عالية مقارنة بدخله الحالي، فهي بحدود 4 آلاف دولار للطالب الواحد، في الجامعة الإسلامية بماليزيا وهي جامعة حكومية، وفي الجامعة الخاصة ضعف هذه التكلفة.
تعليم متميز
أسامة الشامي، طالب مصري يدرس الإعلام في جامعة غازي بأنقرة، صرح لـ"العربي الجديد" بأن رحلته في الالتحاق بجامعة تركية بدأت برغبته في تعليم متميز، بعيدًا عن منهج الحفظ والتلقين، واختياره لتركيا لكونها توفر منحة كاملة للدراسة، وانخفاض تكاليف المعيشة مقارنة بالدول الأوروبية.
ويضيف الشامي أن سمعة الجامعات التركية عالميًا شجعته على اختيار الدراسة في تركيا، كما أن برنامج المنح التركي يتيح له الفرصة للتعرف إلى ثقافات أخرى من خلال مشاركة طلاب من كافة دول العالم في هذه المنح التي تقدمها تركيا كل عام.
الشامي يدرس باللغة التركية، والذي يعد أحد شروط المنح التركية، واجتاز عامه الأول لتعليم اللغة التركية فقط، ثم بدأ دراسته هذا العام بكلية الإعلام. ويبين الشامي أن تجربته في تركيا غيرت مفاهيم كثيرة لديه، مثل أن الالتحاق بالجامعة ليس قاصرًا على سن معينة، فمعه طلاب يكبرونه بسنوات عدة، ولكنهم بدأوا الدراسة إما رغبة في التعليم، أو أن ظروفهم لم تسمح لهم بالالتحاق بالجامعة في الفترات الماضية. وأوضح الشامي أن الرغبة في التعليم هنا واضحة بشكل كبير، فطلاب الدكتوراة في تخصصات مختلفة يتميزون بأنهم في سن صغيرة مقارنة بما هو موجود في مصر مثلًا، فهناك طلاب أنهوا مرحلة الدكتوراة وهم في عمر 25 عامًا.
عقبة اللغة
إذا كان الشامي قد أمضى عامه الأول من دراسته الجامعية في تعلم اللغة التركية، فإن أقرانه الذين ذهبوا للجامعات الخاصة، لعدم تمكنهم من الاستفادة من منحة الحكومة التركية، أو لرغبتهم في الدراسة بالانجليزية كلغة عالمية، واجهتهم مشكلة اجتياز اختبارات اللغة الإنجليزية بالجامعات التركية، والتي تشترط الحصول على شهادة (TOEFL) أو ( IELTS)، وهو ما مثل تكلفة إضافية على هؤلاء الطلاب وأسرهم.
أحمد الشال الذي يدرس تخصص التمويل بالجامعة الإسلامية بماليزيا، صرح لـ"العربي الجديد"، بأنه كان يدرس بالإنجليزية في إحدى الجامعات المصرية، ولكن مستوى اللغة في ماليزيا أعلى منه في مصر، وأنه استفاد من اجتياز اختبار ( IELTS).
والجديد من وجهة نظر أحمد أن التعليم في ماليزيا يركز على مهارة العمل في فريق، سواء في النقاش خلال المحاضرات، أو في إعداد البحوث، كما أن المكتبة مجهزة بشكل جيد، وتجمع بين المصادر الإلكترونية والكتب التقليدية، فضلًا عن تجهيز القاعات، وعدم وجود أي مخالفات تعكر جو الاطلاع والبحث بالمكتبة. كذلك لاحظ أحمد أن ظاهرة الدروس الخصوصية التي عايشها بجامعته المصرية غير موجودة في ماليزيا.
مشكلات
تنحصر مشكلات الطلاب العرب ممن أتوا طواعية للدراسة في ماليزيا وتركيا في التأقلم مع هذه المجتمعات من حيث العادات والتقاليد، أو اجتياز اختبارات اللغة، كما أنهم مطلعون سلفًا على التكلفة المادية سواء للعملية التعليمية، أو باقي تكاليف المعيشة.
أما القادمون إلى تركيا وماليزيا بعد فشل ثورات الربيع العربي، فيعانون من مشكلات تواجههم تتعلق بالجوانب المالية، حيث إنهم لم يكونوا قد أعدوا أنفسهم لهذه التكلفة، وبخاصة أولئك الذين لم يستفيدوا من برامج المنح في ماليزيا أو تركيا.
فهناك العديد من الأسر لديها أكثر من ابن في المراحل التعليمية المختلفة، ويضطرون للإقامة في عاصمة البلد التي يتواجدون فيها، سواء في ماليزيا أو تركيا، لكون الجامعات التي تدرس باللغة الإنجليزية تتركز في العاصمتين. مما يحرم هذه الأسر من فرصة الإقامة بالأقاليم والتمتع بتكاليف المعيشة المنخفضة هناك.
والمشكلة الأكبر أن الجامعات الماليزية والتركية تضع شروطًا صعبة لاعتماد سنوات دراستهم في دولهم الأصلية، مما يضطرهم لبدء الدراسة وكأنهم طلاب جدد بالمرحلة الجامعية، على الرغم من أن بعضهم أمضى من سنة إلى ثلاث سنوات في تخصصه ببلده، وهو ما يعتبره الطلاب إهدارًا لأعمارهم، وزيادة غير محتملة في تكاليف الدراسة.
طرحت تجربتا ماليزيا وتركيا تحدياً جديداً أمام الدول العربية، من حيث تميز جامعاتهما تعليميًا، مما جعل البلدين قبلة للطلاب العرب، لاعتبارات تتعلق بالقيم الإسلامية، والتميز التعليمي الذي يقترب بمعدلات عالية من الأداء الغربي.